أوصى المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في مذكرته حول القانون الجنائي الموجهة إلى البرلمان، بتعديل القانون الجنائي بشكل جذري في مجموعة من المقتضيات التي تهم، فضلا عن الإجهاض، كل ما يتعلق بالمس بأمن الدولة، والعنف والكراهية، وما يتعلق بالدين، والتعذيب والعلاقات الرضائية، والاغتصاب...
أمن الدولة
أوصى المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في مذكرته حول القانون الجنائي، التي يتوفر "تيل كيل عربي" على نسخة منها، والمؤلفة من 78 صفحة، فضلا عن تعديل القانون بشكل جذري قي موضوع الإجهاض، بـ"مراجعة الجنايات والجنح ضد أمن الدولة من خلال تدقيق عناصرها التكوينية وأركانها مراعاة لمبدأ الشرعية، وتفاديا لكل سوء تفسير أو تطبيق، الشيء الذي يقتضي تعديل الفصل 206 وتضييق تطبيقه حتى لايسري سوى على الحالات الأشد خطورة والمحددة عناصرها بدقة لمقتضى القانون".
اقرأ أيضا: "تيلكيل عربي" تنشر تفاصيل مذكرة المجلس الوطني حول الإجهاض
وينص الفصل 206 على أنه "يؤاخذ بجريمة المس بالسلامة الداخلية للدولة، ويعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات، وغرامة من ألف إلى عشرة آلاف درهم، من تسلم، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من شخص أو جماعة أجنبية، بأي صورة من الصور هبات أو قروضا أو أية فوائد أخرى مخصصة أو مستخدمة ، كليا أو جزئيا، لتسيير أو تمويل نشاط أو دعاية من شأنها المساس بوحدة المملكة المغربية، أو سيادتها أو استقلالها أو زعزعة ولاء المواطنين للدولة المغربية ولمؤسسات الشعب المغربي".
العنف والكراهية والتميز
وأوصى المجلس في مذكرته بإضافة مقتضيات خاصة بالتحريض على ارتكاب جناية أو جنحة أو فعل يعاقب عليه القانون، ولاسيما التحريض على العنف وعلى الكراهية و التمييز، مع تحديد عناصره بكيفية صريحة ودقيقة بحيث يشمل أفعال الدعاي، والتأثير والتهديد والضغط، والنص على الحالات التي يساعد فيها شخص على ارتكاب جناية أو جنحة أو يدفع إليه أو يشجع عليه".
المجلس اقترح إضافة فصل خاص بالعنف بالمجال العمومي والتحريض عليه في سياق التظاهر أو المس بالنظام العام، عندما يكون هذا العنف خطيرا وغير متناسب، مع الحرص على أن يكون مفهوم العنف عاما من حيث آثاره بحيث يشمل حالات المس بالسلامة البدنية أو المعنوية أو النفسية للفرد أو بملكيته وأمانه".
العلاقات الرضائية
يرى المجلس أن شرعية العلاقات الجنسية بيت الراشدين ينبغي أن تكون مقرونة حصريا بالتراضي، إذ أنه "لم يعد من المستساغ التدخل في الحريات الشخصية للأفراد، مادامت تصرفاتهم التي يرضونها لأنفسهم بكل حرية لا تلحق أي ضرر بالغير"، لذلك أوصى المجلس بـ"رفع التجريم عن جميع العلاقات الجنسية الرضائية مع تجريم الاغتصاب الزوجي حيث ينتفي عنصر الرضا، وحيث تؤذي الضحية في شخصها".
مقابل ذلك، يوصي المجلس بتشديد العقوبات في حالات الاغتصاب أو زنا المحارم، خاصة عندما يتعلق الأمر بأطفال دون سن الرشد أو غير قادرين على التعبير عن الرضا، حتى يتأتى وضع حد للالتباس والإفلات من العقاب اللذين يقترنان عادة بهذه الحالات".
التعذيب
أوصت مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان بتوسيع تذاق جريمة التعذيب لتشمل "صور المعاملة والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والنص على مسؤولية الرؤساء عن الجرائم التي يرتكبها مرؤوسوهم انسجاما مع مقتضيات معاهدة مكافحة التعذيب والمعايير الدولية لذلك التجريم، وأن الأوامر الصادرة عن الرؤساء لارتكاب جريمة التعذيب لا تنفي مسؤولية المرؤوس انسجاما مع مقتضيات معاهدة مكافحة التعذيب والمعايير الدولية لذلك التجريم، وتبني عدم تقادم جريمة التعذيب وذلك اعتبارا للخطورة البالغة لهذه الجريمة وانسجاما مع التوصية التي وجهتها لجنة معاهدة مناهضة التعذيب للمملكة المغربية، وإضافة نص يجرم التعذيب عندما يكون مرتكبا من طرف الخواص".
الاغتصاب
ضرورة مواكبة القانون الجنائي المغربي لتطور تعريف الاغتصاب في القانون المقارن والقانون الدولي، وتبني عناصر تكوينية للاغتصاب توفر حماية أوفر للضحية، وتوفير الحماية من الاغتصاب وعدم قصره على اغتصاب النساء، وإحاطة المحاكمة المتعلقة باغتصاب بإجراءات تصون كرامة ضحيته".
ويقترح المجلس تعريف الاغتصاب بأنه "الاعتداء على جسم شخص عن طريق إيلاج عضو جنسي في أي جزء من أجزاء جسمه مهما كان ذلك الإيلاج طفيفا، وذلك باستعمال القوة أو التهديد باستعمالها أو بالقسر، من قبيل ما ينجم عن الخوف من تعرض ضحية الاعتداء أو الغير للعنف أو الإكراه أو الاحتجاز أو الاضطهاد أو إساءة استعمال محيط قسري، أو يرتكب الاعتداء على شخص يعجز عن التعبير عن رضا حقيقي".
وفي ما يتعلق بتحصين كرامة ضحية الاغتصاب، أوصى المجلس بـ:
- ينبغي ألا يسمح للمتهم بجريمة الاغتصاب أثناء المحاكمة بالإشارة إلى ماضي الضحية أو التذرع به لمحاولة التملص من المسؤولية عن ارتكاب الجريمة.
- إذا أراد المتهم أن يدفع بكون الضحية المغتصية كانت راضية ولم تكره على الممارسة الجنسية، يجب أن يقدم ذلك الدفع في جلسة سرية.
-يتعين دوما اللجوء إلى سرية الجلسات عند الاقتضاء".
العبادات
أوصى المجلس في هذا الباب، بإعادة النظر من طرف المشرع في صياغة الفصل 220 من القانون الجنائي الجاري به العمل وذلك بـ:
-حذف الفقرة الثانية من الفصل لأنها تقصر الحماية التي يوفرها على دين دون بقية الأديان. وفي ذلك تمييز غير مقبول من وجهة نظر المواثيق الدولية لحقوق الإنسان
-إضافة تعديل للفقرة الأولى من الفصل التي تتحدث عن توفير الحماية لكل شخص أو جماعة من العنف أو التهديد أو الإكراه على مباشرة عبادة ما أو حضورها أو منعهم من ذلك، حيث تضاف إليها "الحماية من الإجبار على اعتناق ديانة معينة بنفس الوسائل المبينة في الفصل وهو مقتضى يوفر حماية عامة لكافة الأديان مستبعدا المقتضى المناقش الي يقصرها على دين واحد".
كما أوصى المجلس بحذف الفصل 222 من القانون الجنائي المغربي، الذي ينص على أن "كل من عرف باعتناقه الدين الإسلامي، وتجاهر بالإفطار في نهار رمضان، في مكان عمومي، دون عذر شرعي، يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وغرامة من اثني عشر إلى مائة وعشرين درهما".
عقوبة الإعدام
دعا المجلس إلى تخليص القانون الجنائي من عقوبة الإعدام التي "لم يعد يتقبلها التطور الحضاري للإنسانية والاتجاه الغالب بشأنها في مجال حقوق الإنسان هو إلغاؤها".