تجاعيد وجهه تنبأ عن خبرة طويلة في تراب الأرض، وتطوي الزمن وآثاره، اقترب بهدوء، من صاحب إبل من مدينة العيون، الجالس على كرسيه بعدما أطال الوقوف، فبدأ يتهامسان.
حديث يجمع ابن الصحراء صاحب تعاونية حليب الإبل، وابن الغرب، في الدورة 15 للملتقى الدولي للفلاحة بمكناس، برواق تربية المواشي، كأنهما يعرفان بعضهما منذ زمان.
(عمري ذقت) حليب الإبل
هرباب موسى، في السبعينات من عمره، من قرية سيدي علال التازي، التابعة لإقليم القنيطرة، قال لـ "تيلكيل عربي": (عمري تذوقت) حليب الإبل أو لحمه، لأنه لا يصل إلى المناطق التي نسكن فيها".
يرافقه عزوز كاديات، بدوره، أكد أنه لم يتذوق طول حياته حليب الإبل، مبرزا "لا أراه إلا في المواسم، ويُحكى عن لحمه أنه جيد".
الرجل السبعيني، شدّد على أنه "إذا تم تقريبه، (غا نولفو بيه)".
تعميم حليب الإبل
الكارحي صالح، رئيس تعاونية التضامن لإنتاج حليب الإبل بالعيون، أشار إلى "تيلكيل عربي"، أن "الناس لا تدري فوائد حليب الإبل، ومن له دراية هم أهل الأقاليم الجنوبية، لذلك يجب تعميم هذا الحليب على جميع مناطق المملكة".
وسرد المتحدث ذاته، أن "التعاونية تنتجُ اليوم حوالي 500 لتر يوميا من حليب الإبل، ويعمل معنا 40 فرد، وأنشأت قبل عشر سنوات، وإذا عرف الناس فوائد لحوم الإبل، سيصبح هو الرقم واحد في الاستهلاك بالمغرب".
دعم الوزارة غير كاف
وحول دعم الوزارة، أورد أنه "يوجد دعم، لكنه لا يكفي، للوصول إلى مستويات أعلى، وكنا نوزع في الدار البيضاء، لكن وزارة الفلاحة قصرت في هذا الأمر"، في إشارة إلى محاولة التعاونية التسويق في سنة 2010 بمدينة الدار البيضاء عبر 200 نقطة بيع.
وتابع: "إذا كان هناك دعم، وأعطت الوزارة أهمية لهذا المنتوج، سوف نصل بعيدا، وعندنا ثروة ننتجها، علينا الاستفادة منها".
ولفت إلى أنه "إذا كان حليب الإبل قريب من الناس سوف يشترونه، مثلا، في المعرض، إقبال كبير على حليب الإبل، ثلث المغرب يستهلك لحم الإبل وحليبه والثلث الباقي عليه أن يكتشفه".
عائق المسافة
ولفت مسؤول في جهة العيون الساقية الحمراء، لـ"تيلكيل عربي"، أن "العائق الأول أمام تسويق حليب الإبل، هو المسافة والبعد، وهذا يتطلب إما التوفر على آليات خاصة أو إنشاء وحدات إنتاجية قريبة من المدن الكبرى".
وذكر أن الجهة "أتت بحليب الإبل المعلب إلى مكناس لتقديمه للناس، لكن اكتشفنا أنه انتفخ بسبب الحرارة، ولم نقدمه للناس حفاظا على صحتهم رغم كثرة الطلب عليه، واكتفينا بعرضه فقط، رغم أن تاريخ الصلاحية لا زال بعيدا".
أين وعد عقد البرنامج الخاص بسلسلة الإبل؟
في أبريل الماضي، بوكالة المغرب العربي للأنباء، وعّد وزير الفلاحة، محمد صديقي، بتخصيص عقد برنامج خاص بسلسلة الإبل في المعرض الدولي للفلاحة.
وقال وزير الفلاحة جوابا على سؤال صحفي، إن "الوزارة تعتزم بإنجاز عقدة برنامج خاصة بسلسلة الإبل، وستوقع في المعرض الدولي للفلاحة الذي سيكون في ماي".
إلا أن 19 عقد برنامجا، وُقعت يوم الجمعة الماضية بالملتقى الدولي، اقتصر على "4 سلاسل حيوانية، ويتعلق الأمر بسلسلة الحليب وسلسلة اللحوم الحمراء وسلسلة الدواجن وسلسلة تربية النحل، بميزانية قدرها 110.698 مليار درهم، على مدى 10 سنوات".
ولم يتم إيراد مصطلح الإبل إلاّ في عقد البرنامج الخاص بسلسلة قطاع الحليب خلال المدة ما بين 2021-2030، الذي يرنو إلى زيادة إنتاج الحليب إلى 3.5 مليار لتر بحلول عام 2030.
وغابت عن عقد البرنامج المذكور أي أرقام حول الأهداف المرجوة من إنتاج حليب الإبل، واكتفت بالقول: "إقامة مشاريع متكاملة لتطوير إنتاج وتعزيز حليب الإبل".