ثقافة كناوة تعانق العلم.. إنشاء كرسي جامعي يخلد تراثها ويفتح آفاقا للبحث

محمد فرنان

أعلنت مديرة ومنتجة مهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة، نائلة التازي، عن "انطلاق المرحلة الأولى من إنشاء كرسي جامعي متخصص في ثقافة كناوة سيحتضنه مركز الدراسات الإفريقية الذي يترأسه الفيلسوف المعروف علي بن مخلوف بجامعة محمد السادس متعددة التخصصات ببنجرير".

وأضافت نائلة التازي في افتتاحية لها، بمناسبة الاحتفال بعيد ميلاد الخامس والعشرين لمهرجان الصويرة، أن "هذا الكرسي العلمي الذي سيرى النور خلال السنة الجامعية 2025 يهدف إلى خلق فضاء للبحث وتعميق المعارف والمدارك حول ثقافة كناوة وجذورها ومفاهيمها ودلالاتها".

وأوضحت المتحدثة ذاتها، أنه "سنطلق برنامجا تكوينيا بشراكة مع واحدة من المؤسسات الموسيقية المرموقة في العالم، كلية بيركلي للموسيقى التي يوجد مقرها بمدينة بوسطن الأمريكية".

وذكرت أن "هذه الدورة من مهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة تعد استثنائية بكل المقاييس، إذ سيتم الاحتفال بعيد ميلاده الخامس والعشرين وبالمناسبة، تغمرني أحاسيس جياشة وأنا أعيد شريط هذه الملحمة الفنية والإنسانية التي عشناها معا خلال كل هذه السنوات".

وأبرزت أنه "كما جرت العادة، سيحرص المعلمون الكناويون وضيوفهم الموسيقيون الذين سيحجون من مختلف بقاع العالم، على إبداع لحظات من المزج الموسيقي غير المسبوق حفلات أضحت علامة وسمة مميزة لمهرجان الصويرة، ثلاثة أيام من الفرح سيحتفل خلالها زوار المدينة ويرقصون على إيقاعات فنانين قادمين من إسبانيا والسنغال والولايات المتحدة الأمريكية وساحل العاج والبرازيل والجزائر وفلسطين".

ثقافة كناوة تدخل الجامعة

وسجل المهرجان في الملف الصحفي، أنه "على مدار الثلاثين سنة الماضية، كانت ثقافة كناوة موضوعا للكثير من الأبحاث الأكاديمية، نظرا لغنى تاريخها والتقاليد والممارسات الموسيقية الفريدة التي تميزها وقدرتها على التفاعل مع الأنواع الموسيقية الأخرى، سواء بالمغرب أو على المستوى الدولي".

ولفت المصدر ذاته، أن "جذور ثقافة كناوة تعود إلى إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وترتبط ارتباطا وثيقا بتاريخ تجارة الرقيق. كما أنها تجسد بعدا علاجيا وغالبا ما ترتبط بممارسات الشفاء بالنشوة. وقد خصصت لها في الماضي، عالمة الأعراق فيفيانا إيستر، والمؤرخ جان لويس ميج، والمحلل النفسي عبد الحفيظ شليه، وعالمة الأنثروبولوجيا زينب مجدولي العديد من الدراسات البحثية".

وأبرز القائمون على المهرجان أن "اليوم، نشهد، أكثر فأكثر، الحاجة إلى المعرفة الدقيقة بهذا التراث الموسيقي وغير الموسيقي، والاهتمام المتجدد من جانب علماء الأنثروبولوجيا والمؤرخين وطلاب الدكتوراه. ولا شك أن الأبحاث الحالية، التي يتم إجراؤها بالمغرب وفي أماكن أخرى من العالم، تساهم في تحسين المعرفة بثقافة كناوة. إن دمج كناوة في الثقافة الشعبية المغربية أمر حقيقي وواضح. وهو يستحق، بطريقة تكاملية، أن يكون أكثر موضوعية في العمل البحثي".

وشدّدت الوثيقة على أن "ثقافة كناوة هي مثال حي على هذا التراث غير المادي الذي شكل العلاقة عبر الأطلسي بين إفريقيا والأمريكيتين؛ تراث يتم تخليده من خلال الموسيقى مثل موسيقى البلوز والجاز والغناء الإنجيلي وما إلى ذلك".

وسجلت إدارة المهرجان "استمرار منطقي للعمل الذي قمنا به منذ 25 سنة، بعد إطلاق المهرجان سنة 1998، وإنشاء جمعية يرما كناوة سنة 2009، وإصدار أول (مختارات موسيقى كناوة سنة 2014) وإدراج موسيقى كناوة على قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي في عام 2019، أردنا أن نعطي بعدا آخر لمجهود الحفظ هذا من خلال الاقتراب من عالم البحث الجامعي".

ونبهت  إلى أنه "سيتم إنشاء هذا الكرسي الجامعي الأول المخصص لثقافة كناوة على عدة مراحل خلال السنوات المقبلة".

وستتمثل الخطوة الأولى في تنظيم مائدتين مستديرتين، يوم 29 يونيو بالصويرة، خلال المهرجان. وستكون لهذه الموائد المستديرة، المنظمة تحت إشراف علي بن مخلوف، خصوصية الجمع بين أكاديميين مشهورين وطلاب باحثين شباب.

إلى جانب مروان جوات، باحث بسلك ما بعد الدكتوراه بجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية (UM6P) وعمر فرتات، المحاضر بجامعة بوردو مونتين (حيث يدرس الفنون العربية الإسلامية بقسم الدراسات العربية والفنون الاستعراضية العربية بقسم الفنون المسرحية)، سيجمع النقاش طلابا من مركز ماهر التابع لجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية (بن جرير).

وستتناول المائدة المستديرة الأولى موضوع «ثقافة كناوة بين الشفهية والطقوس»، فيما ستركز المائدة المستديرة الثانية على موضوع «تحولات ثقافة كناوة».