تعهدت الرئاسة التركيةاليوم الاثنين، بـ"ألا يبقى سر" في قضية الصحافي جمال خاشقجي الذي قتل بعد دخول قنصلية بلاده في اسطنبول، في وقت تواصل وسائل الإعلام التركية نشر تفاصيل عن الجريمة التي قالت إنه "تم التخطيط لها بوحشية".
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أول يوم أمس الأحد، إنه "سيعقد ندوة صحافية يوم غد الثلاثاء، سوف يكشف فيه كل تفاصيل القضية".
ويتصاعد الضغط من دول العالم على الرياض لكشف "الحقيقة كاملة" حول تفاصيل قتل خاشقجي التي قالت الرياض حتى اليوم إنها حصلت بطريق الخطأ، وإن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لم يكن على علم بها.
في الوقت ذاته، تواصل السلطات السعودية التحضير لمنتدى اقتصادي يعقد الثلاثاء والأربعاء في الرياض، على الرغم من إعلان شخصيات عديدة سياسية واقتصادية وشركات عدم مشاركتها في المؤتمر الذي يطلق عليه اسم "دافوس في الصحراء" تيمنا بمنتدى دافوس العالمي. وجاءت الانسحابات على خلفية قضية خاشقجي ووسط تشكيك برواية الرياض للوقائع ووصفها بأنها متناقضة وغير مقنعة.
وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية ابراهيم كالين في مؤتمر صحافي الاثنين "منذ البداية، خط رئسينا واضح: لن يبقى سر بشأن هذه القضية. على المستوى القضائي، سنذهب إلى عمق هذه القضية. هدفنا الأخير هو الكشف عن كل جوانبها".
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أعلن الأحد أنه سيكشف الثلاثاء "الحقيقة كاملة" عن القضية.
وعثر المحققون الأتراك في القضية اليوم على سيارة تحمل لوحة تسجيل دبلوماسية سعودية في موقف سيارات تحت الأرض في منطقة سلطان غازي شمال اسطنبول، على ما أفادت وسائل إعلام تركية. وتحمل السيارة السوداء لوحة التسجيل الدبلوماسية "34 سي سي 1736".
وبثت قناة "تي ار تي" التركية مشاهد لموقف السيارات الذي طوقته الشرطة، مشيرة الى أن السيارة تركت في المكان في الأيام التي تلت مقتل خاشقجي. وأفادت القناة بأن القنصلية السعودية لم تسمح بتفتيش السيارة.
وأكد مسؤول تركي أن عملية قتل خاشقجي "تم التخطيط لها بوحشية"، مضيفا أن "جهودا كثيفة" بذلت لإخفائها.
وقال المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا عمر تشيليك خلال مؤتمر صحافي في أنقرة "إنها جريمة معقدة للغاية. آمل بان يتم كشف كل العناصر وان تتم معاقبة المسؤولين بحيث لا تخطر أمور مماثلة بعد اليوم في ذهن أي كان".
وبثت شبكة "خبر" التركية مشاهد أخرى التقطتها كاميرات المراقبة قالت إنها تظهر موظفين في القنصلية السعودية يقومون بإحراق وثائق غداة مقتل خاشقجي.
كما نشرت وسائل الإعلام التركية الإثنين معلومات جديدة تشير، بحسب قولها، الى "تورط ولي العهد السعودي في العملية".
وقالت صحيفة "يني شفق" التركية الموالية للحكومة إن المسؤول الامني السعودي ماهر عبد العزيز مترب المشتبه بانه قائد العملية، اتصل ببدر العساكر، مدير مكتب الامير محمد، "أربع مرات بعد الجريمة"، بينها مرة على الأقل من مكتب القنصل.
وصف كاتب مقرب من إردوغان ولي العهد السعودي بأنه "عدو لتركيا". وجاء في أحد عناوين الصحيفة "الدائرة تضيق حول ولي العهد".
وقد م الصحافي عبد القادر سيلفي الذي يتم رصد مقالاته في صحيفة "حرييت" اليومية كونه مقربا من السلطات، ما قال إنها تفاصيل جديدة تدل على مسؤولية الأمير محمد.
وقال إن "خاشقجي تعرض للخنق على يد فرقة اغتيال سعودية في عملية استغرقت نحو ثماني دقائق. ثم قام ضابط برتبة مقدم في قسم الطب الشرعي السعودي بتقطيع الجثة إلى 15 قطعة أثناء الاستماع إلى الموسيقى".
واضاف سيلفي "لا يمكننا إغلاق هذا الملف حتى يزاح ولي العهد من منصبه ويقدم للمحاكمة".
وخلال الأسابيع الماضية، أوردت وسائل إعلام تركية نقلا عن مسؤولين أن "هناك تسجيلات صوتية تثبت أن خاشقجي تعرض للتعذيب قبل قطع رأسه، إلا أن أي أدلة ملموسة على ذلك لم تظهر".
وأعلنت السعودية ليل السبت الأحد، أن خاشقجي قتل في قنصليتها في اسطنبول، بعد 17 يوما على اختفائه. وقالت إنه قتل بطريق الخطأ خلال شجار، مشيرة الى انها لا تعرف مكان وجود الجثة.
وشككت دول عدة في الرواية، لا سيما وأن الرياض كانت أعلنت في البداية أن خاشقجي غادر السفارة.
والاثنين أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه "غير راض" عن توضيحات الرياض. وحول وقائع القضية قال الرئيس الأميركي "سأعرف قريبا جدا، لأن لدي حاليا مجموعة من الأشخاص في تركيا ومجموعة أخرى في السعودية"، مشيرا الى أنهم "سيبدأون بالعودة الليلة وغدا، وسأعرف قريبا جدا".
وبعد أن كان وصف رواية الرياض عن الواقعة بأنها "جديرة بالثقة"، عاد ترامب وتحدث الأحد عن "أكاذيب" في قضية خاشقجي.
ومساء الاثنين أوردت وكالة الأنباء السعودية أن ولي العهد السعودي التقى في الرياض وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين الذي يقوم بجولة اقليمية.
وكان منوتشين الغى مشاركته في المنتدى على خلفية اختفاء خاشقجي.
لكن واشنطن تؤكد حتى الآن تمسكها بالاتفاقات المبرمة مع السعودية بمليارات الدولارات.
وقال جاريد كوشنر، مستشار ترامب وصهره، الإثنين أنه نصح ولي العهد السعودي بأن يكون "شفافا" في قضية قتل جمال خاشقجي، لأن "العالم يتفرج".
وأضاف أنه طلب منه أيضا أن "يتعامل بجدية كبيرة" مع المسألة، مضيفا "إننا نجمع أكبر عدد ممكن من الوقائع من أمكنة عدة. بعد ذلك، سيقرر الرئيس ووزير الخارجية ما الذي نراه جديرا بالتصديق والتدابير التي يجب أن نتخذها".
وأكد المتحدث باسم الرئيس التركي اليوم أن تركيا لا تريد أن تضر هذه القضية التي صدمت المجتمع الدولي، بعلاقاتها مع السعودية واصفا إياها بـ"دولة شقيقة وصديقة".
وتواصل الدول الغربية مطالباتها بتسليط كل الضوء على القضية.
وقالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الاثنين أمام البرلمان "إنني واثقة من أن البرلمان بكامله سينضم إلي للتنديد بأشد العبارات بقتل جمال خاشقجي، علينا الوصول إلى حقيقة ما حصل".
وكانت بريطانيا وفرنسا وألمانيا أصدرت الأحد بيانا مشتركا قال فيه إن هناك "حاجة ملحة" لتوضيح ما حدث بالضبط للصحافي السعودي وأن الرواية السعودية "يجب أن تكون مدعومة بالوقائع لكي ت عتبر ذات مصداقية".
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الاثنين إن بلاده تنتظر نتائج التحقيقات في عملية قتل الصحافي السعودي "لاتخاذ التدابير اللازمة".
وعلى الرغم من كل الضغط الذي تتعرض له، تستكمل السعودية التحضيرات لعقد منتدى اقتصادي يبدأ الثلاثاء في الرياض بعد امتناع وزراء ومسؤولين كبار عن المشاركة فيه.
ويسعى الحدث إلى تقديم المملكة المحافظة كوجهة تجارية واستثمارية مربحة، في إطار مسعاها لتنويع اقتصادها المرهون بالنفط وتمهيد الطريق لمبادرات جديدة وعقود بمليارات الدولارات. ولكن مقتل خاشقجي داخل قنصلية السعودية في اسطنبول طغى على الحدث.
ومساء الاثنين تعط ل الموقع الالكتروني للمنتدى بعد تعر ضه على ما يبدو لهجوم الكتروني. ويبدو أن قراصنة قد اخترقوا الموقع الذي تم حجبه بعد أن نشروا رسائل منددة بالدور الذي تلعبه السعودية في النزاع في اليمن وتتهم المملكة بتمويل الإرهاب.
وأعلن رئيس مجلس إدارة شركة "سيمنز" جو كايزر الذي تعرض لضغوط من ألمانيا لعدم الحضور أنه قرر "عدم المشاركة"، لأنه "القرار الأنسب لكنه ليس الأكثر شجاعة".
وكان آخر الشخصيات التي أعلنت عدم مشاركتها في المنتدى رئيس مجلس إدارة شركة كهرباء فرنسا "أو دي إف" جان برنار ليفي، فيما أعلن باتريك بوياني رئيس مجلس إدارة المجموعة النفطية الفرنسية "توتال" مشاركته في المنتدى مؤكدا أن سياسة المقاطعة "لا تؤدي إلا إلى معاقبة الشعوب".
وفيما تحذر الدول الحليفة للرياض في المنطقة من استهداف السعودية ومس الاستقرار فيها، مشيدة بالتدابير التي اتخذها الملك سلمان السبت وبينها إعفاء مسؤولين من مناصبهم، وتوقيف عدد آخر، صدرت اليوم مواقف مناقضة عن خصوم السعودية في المنطقة.
وعبرت وزارة الخارجية القطرية عن أملها في أن تكون جريمة قتل جمال خاشقجي "جرس إنذار للجميع"، في أول تعليق للدوحة على مقتل الصحافي السعودي. وقالت المتحدثة باسم الوزارة إن قطر تثق بالتحقيق التركي في القضية.
في طهران، هاجم رئيس السلطة القضائية في ايران آية الله صادق لاريجاني سلطات الرياض بشأن "القتل الشنيع" للصحافي السعودي جمال خاشقجي، معتبرا أن هذه القضية تظهر كذلك "سياسة الكيل بمكيالين" التي يعتمدها الغربيون.
وهذا أول رد فعل من مسؤول ايراني في القضية.