ثلاث نساء من مدينة تمارة يحظين بزيارة خاصة من البابا

تيل كيل عربي

تشتغل ثلاث راهبات بشكل هادئ وبعيد عن الأضواء في مدينة تمارة المتاخمة للعاصمة الرباط، يقدمن خدمات إنسانية تشمل علاج الأطفال وتعليم النساء الأميات القراءة والكتابة كما يقدمن دورات تكوينية في الخياطة.

ففي أحد الأحياء الهامشية ضواحي تمارة تعمل ثلاث راهبات مسيحيات على تقديم خدمات علاجية لما يزيد عن 15 طفلا بشكل يومي، إضافة إلى تقديم المساعدة والغذاء لـ150 طفلا يتحدرون من أسر فقيرة ومعدمة، تتبع الراهبات إلى "بنات الإحسان سانت فنسنت دي بول" وهو أحد البرامج التي ترعاها الكنيسة الباباوية الداعية إلى العمل الميداني.

يعتبر "المركز القروي" الذي تديره الراهبات مرجعاً في المنطقة ، تقول الراهبة غلوريا "هنا وحدهم المحتاجون حقاً هم الذين يتلقون العناية".

وتضيف في هذا المركز القروي الواقع خارج تمارة، نستقبل أطفالا ضحايا حوادث منزلية، حيث ترعى الأمهات الصغار دون مساعدة، ومن الشائع جدًا أن يتعرض الأطفال إلى حوادث احتراق بأقداح الشاي أو الأواني المليئة بالماء المغلي.

كل يوم، ما بين خمسة عشر أو عشرين طفلاً، يوجد بينهم أحيانا بالغون لكن بدرجة أقل، يتعافون من حروقهم من قبل الراهبات ، بفضل العلاجات التي تقدمها الراهبات الثالث، وهي علاجات أفضل بكثير مما يقدمه أي مستشفى عام، حسب ما أفادت به الأخت غلوريا وكالة الأنباء الإسبانية "إيفي".

وتنفق الراهبات ما يزيد بقليل عن 30 ألف درهم شهريا، وهي تتأتى من تمويل حصري من مساهمات خيرية مجهولة المصدر، لكن هذا جزء فقط من جميع نفقاتهن، لأنهن يقدمن أيضا فصول دعم مدرسية وتغذية حوالي 150 طفلًا يوميا.

تنبعث رائحة حساء البازلاء المجففة المعروفة في أرجاء المكان، وهي وجبة الغداء اليومي مع بيضتين مسلوقتين، يجلس الأطفال على كراسي تتكيف مع أعمارهم، غدا سيكون هناك كرات لحم ، وبعده ، مكرونة مع السمك.

يخلو المكان من أي صورة للمسيح أو القديس فنسنت دي بول أو حتى الصليب، لكن بالمقابل هناك في كل غرفة صورة للملك محمد السادس.

توضح الراهبة غلوريا "هنا ندرب المسلمين الطيبين، الأشخاص الذين  يمكن أن يكونوا غدًا جزءًا من هذا المجتمع المغربي، هذا هو السبب في كون هذه الكنيسة الصغيرة التي نصلي فيها في المساء هي أيضا غرف نومنا الخاصة، لا جدوى من التبشير، تقبل الحي دائما الراهبات كما هن وذلك بفضل كل ما يفعلنه من أجل السكان.

وتضيف غلوريا: لقد قررنا فتح دروس لهؤلاء الأمهات، ليس فقط في القراءة والرياضيات الأساسية، ولكن أيضا للخياطة، حتى يتمكن من صنع أو خياطة ملابس أطفالهن.

اعتادت الراهبات الثلاث الاشتغال بعيدا عن الأضواء، لكن زيارة البابا فرنسيس إلى المغرب، واختياره زيارة هذا المركز المغمور، جلب أعين الصحافيين إليهن، وهو ما فاجأ الأخت غلوريا بدورها.

تقول غلوريا: "اعتدنا على العمل الهادئ، وليس على زيارات الصحفيين والشخصيات الذين يقتربون منا هذه الأيام للتحقق من أن كل شيء على ما يرام، حتى الطريق الصغير  المؤدي إلى المركز جرى تعبيده مؤخرا، بما أن البابا سيجتازه لزيارتنا".

قام حوالي أربعين طفلاً من الذين حضروا دروس الدعم بحفظ أغنية ترحيب يلقونها من أجل استقبال الحبر الأعظم يوم الأحد.

سيقضي البابا فرانسيس ساعة بالكاد في المكان، لكنها ستكون كافية للدردشة مع الأطفال المحرومين وأطفال المركز والأخوات الثلاث. لن تكون هناك خطب أو كلمات عظيمة.

تقول غلوريا: "لم نتخيل أبدا أن البابا يمكن أن يأتي إلى هنا يوما، لم نكن مستعدين لشيء كبير للغاية في عملنا اليومي البسيط، فنحن لسنا معتادين على الصحفيين، ولكن لدينا الآن آمال كبيرة".