خرجت المحكمة الدستورية عن صمتها بشأن مقال نشره عبد اللطيف وهبي، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة مقالا تحت عنوان "المحكمة الدستورية حامية الحقوق والحريات أو حين يسطو الأمين العام بتعليمات من الرئيس، على سلطات السادة القضاة" انتقد فيه امتناع الأمين العام للمحكمة الدستورية عن تسليمه نسخة من الملاحظات الكتابية التي أدلى بها رئيس الحكومة ورئيسي مجلس النواب ومجلس المستشارين، وأعضاء من مجلس النواب على الطعن الذي تقدم به الفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة بشأن مسطرة اقرار القانون المتعلق بتجاوز سقف التمويلات الخارجية
وكشفت المحكمة الدستورية أنه بتاريخ 27 مايو الماضي تقدم شخص باسم أحد السادة النواب أصحاب الإحالة، يطلب من المحكمة تمكينه بنسخة من الملاحظات الكتابية المدلى بها من رئيس الحكومة ورئيسي مجلسي البرلمان.
وأضافت أن إدارة المحكمة الدستورية امتنعت عن تسلم الطلب المذكور، نظرا لأن هذا التصرف لا سند قانوني له.
وأشارت المحكمة الدستورية أنه " نفس اليوم تقدمت مفوضة قضائية إلى إدارة المحكمة باسم نفس الطالب لمعاينة الامتناع عن تسلم الطلب المشار إليه".
وقدمت المحكمة الدستورية خمس ملاحظات على طلب وهبي، جاءت كما يلي:
1- إن التصرف باسم السادة النواب أصحاب الإحالة، أو نيابة عنهم لاسند له في القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية.
2- إن المراقبة القبلية لدستورية القوانين، هي في جوهرها منازعة عينية ومجردة، لا تخضع لنفس قواعد التواجهية المتبعة في مساطر أخرى .
3- إن جميع النواب أصحاب الإحالة، كانوا يتمتعون بإمكانية الإدلاء بملاحظاتهم الكتابية، في إطار المسطرة التي نصت عليها المادة 25 من القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية، وداخل الأجل الذي حددته المحكمة المذكور، غير أنهم لم يستعملوا هذه الإمكانية.
4- إن النص الصريح للمادة 25، لا يتيح في صيغته الحالية إمكانية تبادل الملاحظات الكتابية بين الطالبين و باقي الجهات المخول لها الإدلاء بتلك الملاحظات، كما لا يتيح إمكانية الإدلاء بمذكرات جوابية أو تعقيبية.
5- إن المادتين 25 و43 في ترابطهما لا تسمحان للإدارة القضائية للمحكمة القيام بأي إجراء مسطري لا سند قانوني له، إذ يتعين التمييز بين الصلاحيات الإدارية للأمين العام للمحكمة (الفقرة الثانية من المادة 43 المذكورة)، و الصلاحيات الأخرى التي يمارسها كإدارة قضائية (الفقرة الأخيرة من المادة 43 الآنفة الذكر). وكلا الفئتين من الصلاحيات تمارس تحت سلطة رئيس المحكمة، وان ما استعملته بعض الوسائط والمواقع من تعابير من قبيل "التواطئ والسطو"، وكذا نشر محتويات غير صحيحة تمثل إخلالا بالاحترام الواجب للمحكمة ا لدستورية، وتنم عن مضايقات مسطرية، توخت المساس بالإدارة القضائية الجيدة، لإحالة قيد الفحص من قبل المحكمة.
وشددت المحكمة الدستورية على ضرورة لا تتكرر مثل هذه التصرفات مستقبلا، وذلك ضمانا لحسن سير العدالة في البت في كافة القضايا المعروضة عليها بكل النزاهة والتجرد الضروريين والمعهودين فيها، مساهمة في ضمان سمو الدستور وحماية الحريات والحقوق الأساسية.
وكان وهبي، قد اعتبر أن اختصاص رفض تسلم طلبه هو اختصاص لا يملكه لا الرئيس ولا الأمين العام للمحكمة، ولم يجعله القانون التنظيمي من المواضيع التي يستأثرون بالتشاور فيها واتخاذ قرار بشأنها، شأن التدبير الإداري والمالي، فهو موضوع يعود للهيئة القضائية، لأن طلبنا كان حول وثيقة تهم نزاع معروض على هيئة المحكمة الدستورية، وهي الوحيدة التي تملك سلطة الرفض أو القبول للوثيقة التي أدلينا بها ولمضمونها.
واعتبر وهبي أن قيام الرئيس أو الأمين العام، أو هذا الأخير تنفيذا لتعليمات صادرة عن الأول، برفض طلبخ يشكل إخلالا بالاحترام الواجب للهيئة القضائية للمحكمة الدستورية ولسلطتها التقديرية.
وأضاف إن "السيد رئيس المحكمة أو أمينها العام تعسف على اختصاصات السادة القضاة واتخذ قرارا في غيابهم، وكان الأحرى به قبول الطلب وتسجيله، وإذا ارتأت هيئة السادة القضاة خلاف صاحب الطلب، يمكن آنذاك استبعادها بقرار من المحكمة أثناء البث في الدعوى، أما تصرف الرفض المطلق حتى بالتوصل، فإنه تصرف غير قانوني، و لا يليق بمؤسسة دستورية وبمحكمة عليا، يقع عليها واجب الإنصات لكل الأطراف، وأن تسمح لهم بتقديم كل ما يعتبرونه مندرجا في تعزيز وسائل وطلبات تهم دعواهم".
وتعهد وهبي بتعديل المادة 25 من القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية مادامت، بحسبه المحكمة الدستورية تصر على قراءة تحكمية لها.
وتابع "سنقدم مقترح قانون حتى تحول هذه الطلبات إلى تصرف يفرضه القانون احتراما لعلاقة المواطنين بالمؤسسات الإدارية، فما بالك بالمؤسسات الدستورية، ما دامت المحكمة الدستورية لم تستطع أن تلتقط التغيير الذي أحدثه الدستور على اسمها ووصفها، ولم تبرز قراءة لقانونها التنظيمي تنهل من العنوان العريض الذي سماه الدستور"حقوق المتقاضين وقواعد سير العدالة"