الجدل حول ما تمضنه مشروع القانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين، خاصة ما تضمنه من تنصيصه على تدريس المواد العلمية باللغة الفرنسية، ينتقل إلى ساحة العرائض، آخرها عريضة أطلقها الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، والموقعة من طرف أزيد من مائة و خمسين شخصية سياسية وأكاديمية.
وتأتي العريضة في سياق قرار لجنة التعليم والثقافة والاتصال اليوم الاثنين، القاضي بتأجيل التصويت على المشروع إلى صباح يوم غد الثلاثاء، حسب ما كشفته في وقت سابق مصدر برلماني من حزب العدالة والتنمية، وأوضح أن التأجيل جاء بطلب من فريقه.
وتحمل العريضة التي يتوفر "تيل كيل عربي" على نسخة منها، عنوان: "من أجل عدالة لغوية". وتم توجيهها إلى كل من رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين ووزير التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي والتكوين المهني، ورؤساء الفرق النيابية، والسلطات العمومية المختصة.
وتضم العريضة توقيع خبراء لغويين وتربويين وفعاليات سياسية ومدنية ونقابية ومسؤولي الجمعيات والمؤسسات العلمية والأهلية من كل جهات المغرب.
ومن بين أبرز الأسماء الموقعة عليها، مصطفى الكثير المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وبنسالم حميش وزير الثقافة الأسبق (وقع العريضة بصفته روائيا وشاعرا وأستاذاً للفلسفة)، ومحمد النشناش الرئيس السابق للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، وعالم اللسانيات عبد القادر الفاسي الفهري، وعبد الرحيم العلام الرئيس السابق لاتحاد كتاب المغرب، وأحمد الريسوني بصفته أستاذاً جامعياً ومديراً لمرصد المقاصد للدراسات والبحوث، وعبد الرحيم الشيخي رئيس حركة التوحيد والاصلاح.
وقال فؤاد أوعلي، رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، في تصريح لـ"تيل كيل عربي"، إن "خطوتهم تأتي في سياق ضغط المجتمع المدني على السياسيين من أجل التراجع عن هذه الخطوة"، واعتبر المتحدث ذاته أن إقرار تعليم العلوم باللغة الأجنبية "ضرب للغة الوطنية، ولا ينسجم مع الاختيارات الدستورية المغربية التي تقر العربية لغة رسمية للدولة، كما أن النقاس الحقيقي هو إصلاح المدرسة العمومية، والبحث عن مكامن الخلل في مواصلة تعريب التعليم في المغرب خاصة التعليم الجامعي".
ورداً عن سؤال "تيل كيل عربي" حول مرد خوف المدافعين عن استمرار تعليم العلوم باللغة العربية من اعتماد اللغة الأجنبية، خاصة وأن عدداً من الدول اعتمدت هذا الخيار، شدد رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، على أن موقفه "يستند إلى دراسات تفيد بأن الدول المتخلفة فقط هي من تتخلى عن التدريس بلغاتها الوطنية"، كما تساءل المتحدث ذاته، عن "الجدوى من اختيار اللغة الفرنسية بالذات، مع العلم أن 38 في المائة من الفرنسيين اليوم يختارون اللغة الإنجليزية".
وأضاف فؤاد أبو علي، أن "الموقعين على العريضة يؤكدون رفضهم للمضامين المتعلقة بالاختيارات اللغوية في القانون الإطار بصيغته المعروضة على البرلمان، مع التأكيد على ضرورة تعديله بما يتوافق مع النص الدستوري ومكانة العربية في المنظومة التربوية وتأكيدهم أن المسألة اللغوية ليس اختياراً عرضيا ولا أمرا هامشيا يمكن حسمه بهذه العجلة".
وتابع المتحدث ذاته، أن "مشروع القانون يقتضي ضرورة فتح حوار وطني موسع حول المسألة اللغوية في المدرسة المغربية، وإشراك المختصين وفعاليات المجتمع المدني في ذلك، بعيدا عن التشنجات والصراعات المفتعلة، وتغليب مصلحة الوطن والمواطنين.
وكشف رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، أن "الائتلاف يعتزم تدشين عريضة مليونية شعبية مفتوحة في وجه الأفراد والمؤسسات على مواقع التواصل الاجتماعي، قبل اللجوء إلى فعاليات أخرى من أجل تعبئة كل الطاقات والكفاءات المجتمعية من أجل المطالبة بتعديل القانون الإطار".
الرئيس السابق للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان أحمد نشناش والذي وقع بدوره على عريضة الاتلاف، قال في تصريح لـ"تيل كيل عربي"، إن موقفه هو دعم هذه الخطوة، بناء على احترام ما جاء في الدستور المغربي، والدفاع عن الاستمرار في التدريس الأساسي بمختلف مستوياته باللغة العربية.
وأضاف نشناش في حديثه للموقع، أن "تدريس اللغات مهم، لكن لا يجب أن ننتقل هكذا إلى التدريس بها في مجموعة من المواد، ونحن لم نعالج بعد اشكالات كثيرة تعاني منها المدرسة العمومية".