جيلالي فرحاتي: لست شخصا مميزا ولدي متاعب مالية كالباقين

كوثر الودغيري

ولد الجيلالي فرحاتي، المخرج والسيناريست والمنتج، سنة 1948 بالخميسات. بدأ بالمسرح قبل أن ينتقل إلى السينما التي شغف بها، وقام بإخراج فيلمه الطويل الأول "جرح في الحائط" سنة 1977، ثم انضم لإذاعة ميدي1 رادnيو كمنشط إذاعي سنة 1982، ثم عاد إلى الفن السابع سنة 1991 بإخراج فيلم " شاطئ الأطفال الضائعين"، وتم اختياره في مهرجان البندقية السينمائي، وفي 2018 تم تكريمه من طرف المهرجان الدولي للفيلم بمراكش.

 

كرمت هذه الدورة في المهرجان الدولي للفيلم بمراكش إلى جانب روبرت دي نيرو و أنيس فادرا، ما الذي يعنيه حقًا لك هذا التكريم ؟

إنه أمر جميل أن تكرم مع شخصيات من طينة روبرت دي نيرو وأنيس فادرا، وأعتقد أن وراء هذا التكريم اعتراف بي كفنان، ما يجعل اسمي يبقى محفورا في ذاكرة المغاربة.

لقد شكل اختياري اعترافا بجيل كامل، الجيل القديم، فحضوري فعاليات هذا لمهرجان أتاحت لي لقاء فنانين من الجيل الجديد لديهم اهتمامات مشتركة، مما شكل مناسبة من المستحيل أن أنساها، لدى  أنا سعيد، لكنني خائف في الوقت نفسه.

ماذا تعني بالخوف؟
إن هذا التكريم مسؤولية كبيرة تثقل العاتق، إذ سأصبح ملزما بإنتاج أفلام ترقى لمتطلبات المشاهدين، وسيتطلعون دائما إلى ما سأنتجه مستقبلا.

 

السجاد الأحمر، تكريم وأضواء، ونجوم عالميون ... كيف ترى إقامتك هاته في مراكش؟

أسافر كثيرا في حياتي اليومية، قد تجد قدما لي في المحيط الأطلسي وقدما أخرى في البحر الأبيض المتوسط، لكن في مراكش، أشعر بهذا الجبل الثلجي المهيب، ولنقل إنه يناسبني بشكل جيد للغاية، إذ أشعر أحياناً بالملل في طنجة، لكن في المقابل أفضل أن أشعر بالملل في مدينتي على أن أشعر به في مكان آخر.

فيلمك الأول "جرح في الحائط"، الذي لفت الانتباه في أسبوع النقاد بمهرجان "كان" (1978)، ثم شارك "عرائس من قصب" ضمن فئة "أسبوعا المخرجين" سنة (1982). بصمت على بداية جيدة في مسارك مع أنك لم تدرس السينما في مدرسة أجنبية، على عكس مجموعة من المخرجين من جيلك. هل أنت عبقري الفن السابع؟

لا، أولا وقبل كل شيء، لقد ولدت من أبوين رائعين، وأعتبرهما مدرستي الأولى والأخيرة، مع العلم أنهما لم تكن لديهما أي علاقة بالمجال الفني.
والدي كان يعمل في الشرطة وسبق أن شارك في الحرب العالمية الثانية حيث تعلم اللغتين الفرنسية والألمانية. أما والدتي فهي امرأة أمازيغية موشومة لم يسبق لها أن ذهبت إلى المدرسة، وكلاهما علمني فن التعابير المجازية، وفن قول الأشياء بطرق مختلفة في صمت تام، وخصوصا العطف والحنان.

أنت لست من مخرجي الأفلام الذين يكافحون دائما لقتل الأب والأسرة...

لست بحاجة للقيام بمثل هذه الأفلام، لقد علمّني والداي السينما دون أن يدركوا ذلك. أتذكر على سبيل المثال أني حين كنت أدرس بالثانوي، بمجرد أن أنهي الدراسة، كنت أذهب مباشرة إلى المنزل وأقضي ساعات في التحدث مع والدتي، وخلال تلك الأوقات تعلمت الطبخ.

هل تفضل تحضير الطجين أو حساء السمك؟

لا أنكر أني أفضل "الطجين"، إلى جانب ذلك أجيد تحضير مجموعة من الأكلات المغربية كالكسكس والبيصارة والتريد"والرفسية...

بعد إنتاجك لأول فلميين، قررت العمل في ميدي1 راديو، لماذا هذا الانتقال؟

إذا كانت السينما تمثل لي "الكأس المقدسة"، فالعمل في الراديو مثل مهنة لكسب لقمة العيش، ففي ذلك الوقت، كنت قد تزوجت واضطررت إلى تحمل المسؤولية، لم أعد ملك نفسي وكان علي أن أتحمل مسؤولياتي ومسؤولية السيدة التي قررت أن تشاركني الحياة.

 

ألم يكن الأمر سيئا حين تركت السينما من أجل التفرغ للزواج؟

لم يكن سيئا فقط، لكنني كنت في مواجهة السينما، لذلك قضيت سبع سنوات في ميدي1، وخلال أوقات فراغي، أكنت أشتغل على كتابة سيناريو فيلمي القادم.

كانت عودتك في سنة 1991 مع فيلم "شاطئ الأطفال الضائعين"، الذي تعتبره تحتفك الخاصة، هل أنت مع هذا الطرح؟

لا أستطيع أن أقول إنه فيلمي المفضل، لأنني أعتبره فيلما مثل باقي أفلامي السينمائية الأخرى، والتي ليست في حاجة إلى تصنيفها.

 تم اختيارك في مهرجان البندقية السينمائي،هل سيفتح لك ذلك  أفاق أخرى؟

لا على الإطلاق، أنا أفضل عدو لنفسي، والسبب أني متحفظ، وأجد نفسي أهرب من الحشود والشبكات، ولا أبدل أي جهد لترويج أعمالي لدى الآخرين.
علاوة على ذلك، حتى اليوم، لا أعتبر نفسي شخصا مميزا، إذ أنني أعاني على المستوى المالي مثلي مثل باقي مخرجي الأفلام السنيمائية، أتحمل، أصمت، أكتب، أوقع، ولكن ما زلت صامدا.

كنت بعيدا عن مجموعة من مخرجي سنوات السبعينيات، هل كانت لديك بعض الخلافات معهم؟

عندما كنت أعيش في طنجة، كنت بعيدا عن هذه الفئة. لقد كنت دائماً في الخلف، لكن ذلك لم يمنعني من تكوين صداقات مع بعضهم، مثل المرحوم أحمد بوعناني، السيد الحقيقي للفيلم في المغرب.

ما بين سنوات السبعينيات واليوم، نشعر بفجوة إبداعية رهيبة في السينما. ما رأيك في الإنتاج السينمائي الحالي؟

أشاهد الأفلام وأكون فكرة على كل واحد منها، أحيانا توجد خيبات أمل، إلا أن هناك بعض المفاجئات  الجميلة، لا أستطيع أن أقول شيئا سيئا عن فيلم لم يعجبني.
ثم هل يحق لي إهانة شخص ما لمجرد أنه ليس لدينا نفس الرؤية السينمائية؟ هل من حقي تشويه شخص ما بحجة أننا لا نتفاهم مع بعضنا البعض من منظور سينمائي؟

نحن لا نطلب منك إهانة شخص ما، فقط نريد معرفة رأيك ...

من أنا لأعطي رأيي في الإنتاج السينمائي؟