بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، القاضي باعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل، وعزمه نقل السفارة الأمريكية إليها، يكشف الحاخام المغربي أبراهام جولاني القاطن بالقدس، لـ"تيل كيل عربي"، ما يعيشه اليهود المغاربة، وكيف سيؤثر قرار الإدارة الأمريكية عليهم في إسرائيل، فضلا عن مشروعه للقضاء على الفقر بالمغرب.
كيف ترى أنت كحاخام مغربي يعيش في القدس، قرار الرئيس الأمريكي بالاعتراف رسميا بالقدس عاصمة لإسرائيل؟
عاش كل ملوك اليهود والأنبياء في القدس. وعندما خرج اليهود من القدس في غابر الزمن، أي قبل 2000 سنة، كانوا يتمسكون بنبوءة العودة إليها كل سنة. الهيكل المقدس في الاعتقاد اليهودي يوجد عند الحائط المسمى La mur des Lamentations أو حائط المبكى، قبل خروج اليهود من القدس. لذا، وكما أن كتبنا القديمة، ذكرت هذا الخروج فإنها نبأت كذلك بعودتهم. وهذا ما وقع، حيث عادوا إلى إسرائيل، لكن بواقع مختلف مليء بالحروب والأزمات.
ما وقع بالأمس، حين اعترف الرئيس الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل، ربما فيه جانب من الإيجابية وربما يحمل جوانب سلبية. لأن ما ستؤول إليه الأمور سيجلب كثيرا من المشاكل في القدس. نحن نحتاج إلى السلام أكثر وليس إلى الحروب.
نحن اليهود المغاربة وغيرنا، كنا نعيش داخل القدس في سلم وهناء، وهذه التغيرات والقرارات التي وقعت وسيتم اتخاذها، يجب أن تشيع السلم أكثر وتمكننا من العيش المشترك، لا أن تجلب لنا الحروب والعداءات. القدس يجب أن تبقى مكانا يتسع للجميع من كل الجنسيات وكل الديانات.
كيف يرى اليهود المغاربة في إسرائيل قرار ترامب، وكيف يتعايشون مع الأوضاع السياسية والدينية بالقدس؟
لحد الآن لم نتكلم في الموضوع ونستفيض نقاشه مستبقلا. لكن وحسب ما وصلني من بعض الأصدقاء القاطنين بمدينة القدس، فإن ما ستقدم عليه الولايات المتحدة الأمريكية ليس أمرا جيدا ولا يبشر بخير.
يبلغ عدد المغاربة اليهود في القدس تقريبا ما يزيد عن مليون شخص، يتعلقون بالمغرب وبالشعب وبالملكية. كما يعيشون في رفاهية وسلم تام، حيث يجدون ما هو متوفر من ناحية التقدم والتكنولوجيا على غرار الدول الأوروبية. اليهود المغاربة يتمتعون بكامل حقوقهم وأمنهم. وكما يعتبر المسلمون مكة أكثر الأماكن أمنا في العالم، فنحن نعتبر، بحسب معتقداتنا وكتبنا المقدسة، بأن القدس أكثر الأماكن أمنا وأمانا. وبالتالي نحن نحترم كل الآراء والمعتقدات.
في سياق آخر، كيف يمارس المغاربة طقوس الديانة اليهودية في القدس؟
على الجميع أن يعرف أن كل ما هو محرم في الديانات الأخرى هو محرم في اليهودية، بل وبدرجات أكثر أحيانا. اليهودية صعبة للغاية من ناحية الالتزام. فالزنا مثلا في شعائرنا نتعامل بصرامة أكثر من الديانات الأخرى. وفي جانب المعاملات نحرص على احترام الآخرين، لدرجة تجعل المعاملة الحسنة مع المسلمين والمسيحيين، أكثر أهمية من المعاملة بين اليهود أنفسهم.
إضافة لذلك، في اليهودية يجب إعطاء الصدقة لليهود وللكاثوليكيين ولا تفرقة بينهم. كما تحرم ديانتنا ضرب الحيوانات كالقطط والكلاب.. ونحرم الكثير من الأمور ونلتزم بذلك. لذا فسلوك الحاخامات عندنا أهم من الدين.
ما هو المشروع الخيري الذي تشتغل عليه وتريد تطبيقه في المغرب؟
أنا الحاخام الذي دعى مع الرئيس الفلسطيني أبو مازن، والتقى مع جنسيات من العالم كله. حاليا أقوم بأعمال خيرية من إسرائيل تحاول التقليص من معدل الفقر في الدول المعوزة. ولهذا الغرض، وبما أنني مغربي عشت في المغرب وأعرف حالته الاجتماعية والاقتصادية فقد اقترحت مشروعا يروم التخفيف من معاناته وأروم مساعدة الفقراء المحتاجين. ويعتمد المشروع الذي اقترحته على ملك المغرب، وأنتظر جوابه، على الهبات والأعطيات الذي يساهم بها يهود العالم من كل الدول، وكذلك المسيحيين والمسلمين وكل من يساهم في الأعمال الخيرية.
نحن نتشغل في أعمالنا الخيرية على هذه الشاكلة، بمساعدة حاخامات من دول متعددة ومجهزين بكل التقنيات والآليات. لكن في المغرب طلب منا تأسيس جمعية على غرار إجراءات إدارية أخرى. ولهذا نحن ننتظر ونحترم القوانين والإجراءات المتبعة في المغرب من أجل مباشرة توسيع المساعدات على الفقراء.