أثار انتشار فيديو لمراهق يحاول انتزاع ملابس فتاة قاصر في الشارع، صدمة جديدة للمجتمع المغربي. فبعد واقعة "فتاة الحافلة (الطوبيس)" في السنة الماضية، تعرضت فتاة أخرى قاصر، بضواحي مدينة بنكرير، لمحاولة اغتصاب ونزع ثيابها وإظهار مناطقها الحساسة، من طرف مراهق يبلغ من العمر 21 سنة حسب آخر التحقيقات، ليتم تصوير الحادثة وانتشارها، أمس الثلاثاء (27 مارس)، على نطاق واسع.
هذه الواقعة أعادت السؤال حول الوضع التربوي (والجنسي) داخل المجتمع المغربي، لا سيما لدى فئة الشباب والمراهقين. بهذا الصدد، اتصل "تيل كيل عربي" بالخبير والمتخصص في المجال النفسي والجنسي، الدكتور أبو بكر حركات، وذلك لتوصيف الواقعة من ناحية علمية، وللوقوف على مكمن الخلل التربوي في المجتمع المغربي.
ما رأي الدكتور أبو بكر حركات في فيديو محاولة اغتصاب فتاة في الشارع، أمس الثلاثاء ؟
نحن في حالة يمكن توصيفها بـ"السيبة"، أي لا وجود لوازع ورادع تربوي وأخلاقي أو اجتماعي، الكل خاضع لقانون الغاب في مثل هاته الأوضاع.
في المجتمع المغربي، أضحت حالات السرقة والاغتصاب والضرب والعنف مستشرية، لكن المشكل في ذلك أنها اتخذت منحى آخر، وأصبح يتم توثيقها بالفيديو. هذه الاستعراضية والافتخارية تعكس ما نسميه بتضخم الأنا، وهو نوع من سيكوباتية (مرضية) تدفع الأشخاص إلى القيام بذلك، مهما كان عمرهم: أطفالا ذوي 14 سنة أو مراهقين.
من ناحية أخرى، لا نعرف حيثيات الفيديو؛ هل صور بمكان عام أو خال! كما لا نعرف كم شخصا حضر الواقعة ومن صورها وكم عمره !
في مجتمعنا نسمع مفردات للسب والشتم في اللغة الدارجة، وهو كلام كبرنا به وألفناه، لكنه كان مقتصرا على فئة ومحيط خاص، ولم يكن شائعا. لكن الآن، ومع المخدرات والانفلات الأمني، والتراجع المتدهور لدور الأسرة والمجتمع، لم نعد نجد لا ناهيا ولا منتهيا؛ الكل يشاهد العنف الممارس في الشارع بكل أريحية، للأسف.
ما طبيعة العنف الجنسي في الشارع لدى المراهقين، وكيف تقيمه؟
لا يمكن أن نصدر حكم قيمة على فئة أو شخص بدون دراسة وبحث مسبق. فالمراهقون الذين يدرسون في المدارس الأجنبية أو الخاص ليسوا هم المراهقين في الأحياء الشعبية او دور الصفيح أو البادية؛ المعطيات تختلف.
فئة المراهقين ليسوا سواسية، لذا لا يمكن أن أعلق أو أعطي حكما عاما، انطلاقا من حالة هنا أو هناك لمراهق.
لطالما نسمع لازمة يرددها البعض، وهي أن "الفتاة تتسبب في ما يقوم به المتحرش أو المغتصب، بحيث تقوم بتحريضه انطلاقا من شكلها". ما رأيك بهذه "الحجة" من وجهة نظر جنسية واجتماعية؟
العنف الجنسي عندما يتملك الشخص فهو لا ينتظر شكل الفتاة ولا شيئا من هذا القبيل.. بل هو دليل بأنه شخصية عنيفة. العنف يتولد إما عن كبت أو اضطراب نفسي أو شخصية سيكوباتية، أو رغبة في الانتقام.
وما يتحجج به البعض أو يحاولون به تبرير التحرش أو محاولة الاغتصاب، بكون الفتاة تستفز الشاب بشكلها.. كل ذلك قول واه ومردود عليه.
لماذا في الدول الغربية لا يطرح هذا الإشكال؟ ولماذا في ستينيات القرن الماضي والسبعينات، كانت الفتيات يخرجن بالتنورات القصيرة، لكن لم يكن العنف الجنسي بهذا الشكل !
ما هو الدافع وراء العنف الجنسي في نظرك؟
الإشكالية يتداخل فيها ما هو اجتماعي، اقتصادي، قانوني، تعليمي. لكن تجدر الإشارة إلى أنه يجب إعادة النظر في المنظومة القانونية الزجرية؛ لأن هؤلاء المراهقين، تحت تأثير المخدرات أو شيء آخر، لا تكفيهم العقوبات السجنية فحسب، لأنه قد تكون نتائج سلبية.
الأكيد أن سجنه ضروري في هذه الحالة، لكن عليه أن يحس بما فعله ويتحمل عواقبه تجاه الصالح العام؛ إذ يمكن أن يؤدي خدمات يتحمل فيها التأثير الجسدي ويجربه، ربما بأعمال شاقة أو شيئا من هذا القبيل، لكي يشعر بنفس الضغط الممارس.
لكن إلى جانب تلك العقوبة الجسدية، يجب أن ترافقه مواكبة نفسية وتعليمية. بحيث نعرف دوافعه للعنف، هل مكتسبة أو نفسية ذاتية.. إلى غير ذلك.
هل التربية الجنسية هي الحل ؟
تربية جنسية في المنظومة التربوية لها دور ايجابي. لكن التربية جنسية ليس معناها أننا سنحل كل المشاكل الجنسية. ففي دول متقدمة تعنى بالتربية الجنسية في مدارسها الابتدائية، تشهد هي الأخرى حالات لاعتداءات عنف مرتبطة بالجنس. لذا المشكل كما اشرت سابقا، المشكل يتداخل فيه الاجتماعي والقانوني والتعليمي والديني.