يعلق حسن نجمي على صدور كتابات حول الذاكرة، معتبرا أن الأجيال الجديدة في حاجة إلى المزيد من الشهادات المكتوبة، أولا لأن تاريخ المغرب المعاصر لم يكتب، وثانيا لأن تاريخ المغرب في حاجة إلى إعادة الكتابة.
تعرض في المعرض الدولي للكتاب والتشر هذا العام مؤلفات عديدة تعنى بتسليط الضوء على جوانب من تاريخ المغرب. كيف يمكن أن تفيد مثل هذه المؤلفات الأجيال الجديدة؟
الأجيال الجديدة من حقها في أن نقدم لها المزيد من الشهادات المكتوبة، أولا لأن تاريخ المغرب المعاصر لم يكتب، وثانيا لأن تاريخ المغرب في حاجة إلى إعادة الكتابة، لذلك عندما يتعلق الأمر بفاعلين في الحقل السياسي، أو في الحركة الوطنية المغربية المعاصرة أو في حركة المقاومة وجيش التحرير، ويكون لديهم أو يتبلور لديهم أو يحفزهم بعض المثقفين على تقديم شهادات مكتوبة، وتدوين حياتهم وما عاشوه في سير أو سير ذاتية أو يوميات أو مذكرات، فهذا مكسب للحياة الثقافية والفكرية، وللبحث التاريخي وللمعرفة في بلادنا.
لماذا غالبا ما يلجأ سياسيون من اليسار إلى نشر مذكراتهم، هل هو حكر عليهم فقط؟
هذه ملاحظة مهمة، ومعناها أن لديهم وعيا أساسيا، بأننا ضيعنا الكثير من العقود والسنوات في الفراغ.
كما نمارس السياسة، وأقصد هنا في الحياة السياسية المعاصرة، شفويا فقط، إذ ليست لدينا أرشيفات في الأحزاب السياسية وفي النقابات وفي المؤسسات المجتمعية، لا قيمة للأرشيف للأسف، فكل يمتلك وثائقه الخاصة أو صور يحتفظ بها لنفسه، لذلك فمن شأن هذه الكتب أن توفر أدوات عمل للمؤرخين والباحثين الشباب.
الحقيقة لا يمكن أن نجدها في كتاب واحد، الحقيقة التاريخية والحقيقة السياسية، أو الحقيقة حول الحقل السياسي، وعلاقة الدولة بالمجتمع في تاريخ المغرب المعاصر، في حاجة إلى المزيد من الشهادات المكتوبة، كيف ما كان مستواها.
أحيانا كثيرة عندما نبحث عن حدث تاريخي ونقرأ عدة كتب، وعدة شهادات، يمكننا أن نشكل وعيا معينا بها، وحينها يمكن أن نقول هذه هي الحقيقة، أو هذه ليست حقيقة، لأنها مازالت ناقصة.
لذلك فالمذكرات بقدر ما هي تعبير عن وجود شخصي، الهدف منه ترك الأثر والاحتفاء بالذات قبل مغادرة هذا العالم، فهي أيضا أساس من أسس الكتابة التاريخية وإعادة الكتابة التاريخية، لذلك هي ليست عملا مجانيا وليست أنواعا من الادعاء أو الانتفاخ الأناني، بل هي أساسية ومن واجب القوى الوطنية والديمقراطية ومختلف الفاعلين أن تقدم شهاداتها ومذكراتها للتاريخ وللأجيال الصاعدة.
هل بإمكان أي كان أن يكتب مذكراته، حتى بالنسبة لمن لم يتحمل مسؤولية سياسية أو مهاما رسمية؟
في البلدان المتقدمة، ولنأخذ فرنسا على سبيل المثال، بإمكان جندي صغير أن يكتب كتاب حياته؛ إذا شارك في حرب معينة، ليروي ما شاهده وما عاشه، وهو شيء ثمين، إذ أحيانا ما يضيء حدثا أو واقعة أو حربا معينة، لا نعثر عليه في مذكرات الجنرال.
لذلك لا ينبغي أن نستخف بمن يكتب، تحت في حاجة إلى السير والسير الذاتية، واليوميات والمذكرات، التي يمكن أن يؤلفها أصحابها أو عن طريق من ينوب عنهم، نحن في حاجة إلى أن يكتب الممرضون والأطباء والأساتذة والأساتذة الجامعيون والمعلمون، وفي حاجة لتأليف من الجنود والقادة العسكريين وقادة الأحزاب وقادة النقابات وقادة جمعيات المجتمع المدني، ينبغي أن يؤلفوا ويدونوا شهادات عن حياتهم وعن إسهاماتهم كل من موقعه.