رغم كل العراقيل التي واجهتها حكومة عبد الله إبراهيم، فإن تصميم الرجل أعطى أكله سريعا، واخذت تظهر النتائج المهمة للمشاريع التي أطلقت.
"بطبيعة الحال لم يتم إنجاز كل برنامج حكومة عبد الله إبراهيم (الذي تمت الإشارة إلى خطوطه العريضة في الحلقة الماضية). ويمكن هنا الإشارة إلى عملية الحرث التي أطلقها محمد الخامس وهو يقود جرارا، والتي اعتبرت مقدمة للإصلاح الزراعي المفترض. ولكن هذه العملية لم تتكرر بعد أن تمت محاربتها بشدة، كما أنه لم يتم انتزاع سوى 30 ألف هكتار، وبصعوبات جمة، من المستعمر، الذي صدر ظهير يحظر إجراء صفقات معه تهم الأراضي. أما "المكتب الوطني للري"، الذي تعرض بدوره لحرب شرسة، فسيرى النور فيما بعد تحت قيادة محمد الطاهري، كما سترى النور المكاتب الجهوية للفلاحة، وفكرة "الإنعاش الوطني"، التي ستتحول بسرعة إلى عملية للإحسان العمومي.
ولم يكن ممكنا المساس بالوضع العقاري، فتم الاحتفاظ بالنظام الاستعماري. وكان هناك اعتقاد، في تلك الحقبة، أن الزمن كفيل بمعالجة الأمور، وأن المخطط الخماسي (1960-1964) الذي كان في طور الإعداد يمكن أن يعوض هذا التوقف الاضطراري. وفي انتظار تحقق هذه الأمور تولت الدولة تحديد أسعار الحبوب.
فيما يخص القطاع الصناعي (...) كان على الحكومة بناء كل شيء، وحققت بهذا الخصوص نجاحات مهمة: مصانع الجرارات، و اسم "طارق" الذي أطلق على العملية كان المراد منه تشريف عبد الله إبراهيم الذي ازدان فراشه بولد ذكر في 3 شتنبر 1959 اختار له هذا الاسم؛ مصنع لتركيب الشاحنات بالشراكة مع شركة "بيرلي"؛ مصنع لتركيب السيارات (صوماكا)؛ مصنع للصلب بالناظور (صوناسيد)؛ وحدة لتكرير النفط بالمحمدية (سامير)؛ بالشراكة مع المؤسسة النفطية الإيطالية 'ENI'؛ مصنعان للخيط بكل من فاس وتطوان؛ مصنع لصناعة العجلات (جينرالتاير)؛ معامل لاستخراج السكر من الشمندر... إلخ.
وستظهر فيما بعد مشاريع أخرى تقوم على مبدأ الاقتصاد المختلط (وحدات للصناعات الميكانيكية، وصناعة الورق، والسكر، والصلب.. مصنع للمحركات.. معامل لإنتاج البذور.. ورش بحري بالدار البيضاء)، كما ستخرج من طيات ملفات حكومة مشاريع إضافية مثل المركب الكمياوي الأول بأسفي.
ويندرج أيضا في هذا الإطار الذي يروم تمكين البلاد من قطاع صناعي، تأميم مناجم جرادة، والشركة الشريفة للنفط(...) فضلا عن إنجازات أخرى مثل قانون المعادن... إلخ. كل هذا كان يهدف إلى تصنيع البلاد ومحاربة البطالة.
فيما يخص القطاع المالي، سيفضي الوضع الاستعجالي –الذي فرضه خروج رؤوس الأموال وتخفيض العملتين الفرنسية والإسبانية، وتجميد حسابات المغرب من طرف فرنسا- إلى ضبط سعرالصرف والتحويلات المالية، في أكتوبر 1959، وظهور العملة الوطنية الدرهم، فضلا عن إنجازات كبيرة من قبيل إنشاء 'معهد إصدار وطني'، و'بنك المغرب'، و'البنك الوطني للإنماء الاقتصادي'، و'البنك المغربي للتجارة الخارجية' (BMCE)، ".و'الصندوق الوطني للادخار' (CNE)، و'صندوق الإيداع والتدبير' (CDG)، و'البنك