قال الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، محمد عبد النباوي، إن "التشريعات المتعلقة بالتعمير خضعت لمجموعة من التعديلات والتغييرات بهدف خلق الانسجام بينها وبين الواقع الاقتصادي والاجتماعي في بلادنا، ومواكبة برامج التنمية البشرية التي أطلقها الملك محمد السادس على مر السنوات، بالرغم من ذلك تلك التعديلات والمستجدات القانونية أصبحت بدورها تطرح إشكالات عملية في تطبيقها، وهو يَدعو باستمرار إلى تحيين المنظومة القانونية، ومواكبة الاجتهاد القضائي لتطور الطفرة العمرانية التي تشهدها بلادنا، من أجل جعل القانون وتطبيقاته القضائية والإدارية قادرة على الحفاظ على المخطط العمراني الرسمي، بما يمثله ذلك المخطط من حماية للتراث العمراني، والأنماط السكنية وحماية البيئة وجمالية العمارة. بالإضافة إلى المحافظة على أمن البنايات والصحة العامة".
وأضاف الرئيس المنتدب، في كلمة ألقاها بالنيابة مصطفى الابزار، الأمين العام للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، بمناسبة افتتاح أشغال الندوة الوطنية المنظمة حول موضوع : "المنظومة القانونية للتعمير والبناء في ضوء الممارسة العملية والعمل القضائي"، اليوم الأربعاء، أنه "إذا كانت منازعات التعمير وزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء لا تشكل من خلال لغة الأرقام سوى النزر اليسير من أصناف القضايا التي تعالجها محاكم المملكة، فإن أثرها الاجتماعي يستدعي وقفة خاصة؛ ذلك أنها تعكس في أحوال كثيرة مظاهر التشنج في علاقة المواطن بالإدارات المشرفة على هذا القطاع. ويسود الاعتقاد لدى البعض، من منطلق مصالحه الاقتصادية والاجتماعية، عن خطأ أحيانا وعن حق أحيانا أخرى، أن قوانين ونظم التعمير لا تضمن له كافة حقوقه. وقد يتعلق الأمر بتطبيق تلك القوانين، مما يجعل الإدارة من جهة كطرف في بعض المنازعات، والقضاء من جهة أخرى كمعني بالبت فيها، في صلب إشكاليات تطبيق القانون تطبيقاً عادلاً يصون لكافة الأطراف حقوقها، ويحافظ على المصلحة العامة التي توخاها التشريع".
وأوضح أنه "لا أحد ينكر ما للضمانات القضائية من فوائد على المستوى القانوني والاجتماعي والاقتصادي والنفسي أيضا. فالقضاء، بقطبيه الجالس والواقف، يكون مطالبا من موقع وظيفته في حماية الحقوق والحريات، وتحقيق الأمن القضائي، وتطبيق القانون، باتخاذ إجراءات مطابقة للقانون وإصدار أحكام عادلة، سواء عند مناقشته للمخالفات في شقها الزجري. أو عند بته في الدعاوى الإدارية التي ترفع في مواجهة القرارات الإدارية، أو نتيجة إثارة مسؤولية مرفق من مرافق الدولة في مجال التعمير والبناء. وبالتالي، فكلما كانت الإجراءات والأحكام القضائية الصادرة بهذا الخصوص على درجة عالية من مطابقة القانون ومن تحقيق العدل، كلما ساهمت في تحقيق السلم الاجتماعي وفي الحفاظ على هيبة الدولة ومؤسساتها وفي تعزيز ثقة المواطنين وارتباطهم بمؤسساتهم".
وتابع: "ومن هذا المنطلق، فإن هذه الندوة العلمية ستكون، لا محالة، فرصة سانحة لفتح حوار شفاف ومسؤول، ولتبادل الآراء القيمة وتمحيص الإشكالات المطروحة، والبحث عن سبل حلها. بكيفية توازن بين حقوق المواطنات والمواطنين وبين المصلحة العامة، والحفاظ على النظام العام في مجال التعمير والبناء. وستساعد مخرجاتها وتوصياتها على إيجاد حلول لبعض الإشكاليات العملية التي تعترض المطبقين للقانون والمتقاضين".
وأكد على "عزم المجلس الأعلى للسلطة القضائية المضي قدماً في الانفتاح على جميع الفعاليات الرسمية والمجتمعية، واستعداده الدائم للإنصات والحوار، والتحليل والتقييم المُشْتَرَكيْن، بهدف تذليل الصعوبات المطروحة، وترسيخ الممارسات الإدارية والقضائية الفضلى، تدعيما لدولة القانون والمؤسسات، وحفاظا على الحقوق والحريات، ومساهمة في تعزيز مكتسبات النموذج الديمقراطي التنموي المغربي".