جنيف/الأمم المتحدة - حاوره: أحمد مدياني
انتزاع المغرب لرئاسة مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة، التحديات التي ستواجهه، تقدم المملكة بمشروع لإصلاح المجلس، خطتها لإنجاح هذه الولاية، وغيرها من الأسئلة التي كانت محور حديث "تيلكيل عربي" مع الحبيب بلكوش، رئيس مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية، على هامش الدورة الـ55 لمجلس حقوق الإنسان بجنيف.
ترؤس المغرب لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة جاء بعد منافسة مع جنوب إفريقيا. كيف استطاعت المملكة انتزاع هذا الفوز؟ وهل يعتبر قيمة مضافة لها على الصعيد الدولي؟
أكيد أن رئاسة مجلس حقوق الإنسان تشكل قيمة مضافة وتأكيدا لمكانة المغرب لدى المنتظم الدولي وعلى مستوى القارة الإفريقية في مجال حقوق الإنسان. ومعلوم أن إفريقيا التي رشحت المغرب باسمها تتوفر على 13 مقعدا داخل المجلس المكون من 47 عضوا، وحصل المغرب على عشرة أصوات من المجموعة الإفريقية مقابل 3 لجنوب إفريقيا؛ وهو ما يؤكد تموقعه القوي، والتقدير الذي تحظى به تجربته، ونتائج سياسته الإفريقية في مختلف المجالات.
ما هي أبرز التحديات التي تواجه الرئاسة المغربية؟
الواقع أن الرئاسة المغربية تأتي في ظرفية صعبة، والتي رسم أهم سماتها ناصر بوريطة، وزير الخارجية المغربي، أمام المجلس، خلال دورته الـ55؛ منها تحديات التقاطب الدولي الحاد، والإبادة الجماعية، والكارثة الإنسانية التي يعيشها الفلسطينيون في غزة، وتنامي الحروب والاضطرابات في العديد من مناطق العالم، وما يرافقها من انتهاكات، وتصاعد خطاب الكراهية والإقصاء والقوى الحاملة له، وغيرها.
أما على مستوى المنظومة الأممية، وخاصة تلك المكلفة بحقوق الإنسان، فإنها تعاني انعكاسات هذا الوضع الدولي على أعمالها، والضغط الذي تتعرض له، من خلال توقيف بعض الدول لأداء مستحقاتها في تمويل هذه الهيئة الأممية؛ الأمر الذي ينعكس على أدائها.
وقدم المغرب خارطة طريق رئاسته من خلال ما قدمه وزير الخارجية المغربي، وكذا رئيس مجلس حقوق الإنسان، السفير عمر زنيبر.
صرح رئيس المجلس عمر زنيبر بأن المغرب تقدم بمشروع لإصلاح المجلس. نفس الأمر أكده وزير الخارجية، ناصر بوريطة، خلال كلمته باسم المملكة. أترون أن هناك مقومات لنجاح هذه الخطوة؟
أعتقد أن إصلاح الآليات الأممية المكلفة بحقوق الإنسان، وعلى رأسها مجلس حقوق الإنسان، أمر لا بد منه، وقد بدأ طرحه منذ مدة، من خلال النظر في التسييس المتنامي لعمله، وهي القضية الأساس التي أدت إلى إلغاء لجنة حقوق الإنسان السابقة، وتعويضها بمجلس حقوق الإنسان، ومن خلال كثرة التقارير والمهام وضعف الموارد المادية والبشرية، أيضا، بالإضافة إلى تزايد عدد التقارير التي على الدول تقديمها، والتي على الآليات دراستها وتقديم توصيات بخصوصها أو غيرها. وهنا يمكن لرئاسة المغرب، ولتوفر إرادة سياسية معلنة وثقة باقي الفرقاء، أن تشكل عوامل مساعدة للمملكة كي يساهم في شق هذا الطريق، وترك بصمة إيجابية في الموضوع.
هل فعلا رئاسة المغرب تتميز بأنها رئاسة إفريقية؟
الترشيح إفريقي والرئاسة دولية؛ لأن التصويت على المرشحين للرئاسة يتم من طرف جميع الدول الأعضاء بمجلس حقوق الإنسان. وتلك سمة تعزز مكانة المغرب، على الصعيدين الإفريقي والدولي.
هناك ملاحظات على أوضاع حقوق الإنسان في المغرب وحديث عن تراجعات يمكن أن تضع المملكة في واجهة المساءلة، بشكل أقوى، بعد ترؤسه للهيئة الأممية. ما رأيكم بهذا الخصوص؟
أكيد أن هناك من سيحاول النيل من المغرب وهناك من سيحاول الضغط، ولكن الأهم أن يجعل المغرب هذه المحطة حافزا جديدا لضخّ دينامية أقوى في مسار الإصلاحات (التشريع، المؤسسات الدستورية التي لم تحث بعد...)، وفي الآليات المؤسساتية المكلفة بحقوق الإنسان والوساطة القائمة، والتفاعل النوعي مع الآليات الدولية وغيرها؛ وهي متطلبات كانت على جدول الأعمال حتى قبل انتخاب المغرب في رئاسة المجلس، ولكن المناسبة ملائمة لإعطاء هذا المجال، مجددا، المكانة التي جعلته من أبرز مميزات الإصلاح الديمقراطي في البلاد.
من موقع الخبير والمشتغل لسنوات على ملفات وقضايا حقوق الإنسان، وطنيا، وإقليميا، ودوليا. كيف يمكن أن ينجح المغرب ولايته؟
لقد أشرت إلى بعض من ذلك، إلا أن الأساس هو الوفاء بالالتزامات التي قدمها على إثر انتخابه رئيسا لمجلس حقوق الإنسان، والأهم، هو مواصلة أوراش الإصلاح بوثيرة أكبر، وترجمة الإرادة السياسية المعبر عنها على أعلى مستويات الدولة، للنهوض بحقوق الإنسان وحمايتها، من خلال اتخاد إجراءات لمعالجة بعض الاختلالات والقضايا، وإعطاء نفس جديد سياسي ومؤسساتي للمشروع الديمقراطي المغربي.
وبذلك، سيكون المغرب قد عزز مسار بنائه واختياراته بما يقوي مكانته ويدعم تموقعه على المستوى الدولي، وضمنه رئاسة مجلس حقوق الإنسان.