في الحلقة الثانية من حواره مع " تيل كيل عربي"، يفتح وزير الصحة خالد آيت الطالب ملفات مثيرة، من قبيل صفقات الوزارة في زمن "كورونا"، وأجهزة التنفس التي بشرت بها أطراف حكومية دون أن تكون صالحة، و إجبارية التلقيح...
*نحن لازلنا نعيش الجائحة ولازلنا نسجل يوميا أرقاما مهمة من حيث عدد الإصابات، ألا تلاحظوا في وزارة الصحة أن قرارها بالاعتماد على بروتوكول العلاج المنزلي ساهم في تفاقم الوضع؟ كما أن بعض الأدوية اختفت من الصيدليات؟
لشرح هذه المسألة، يجب الإشارة إلى أنه منذ بداية الجائحة وضعنا خطة للمواكبة و الملائمة. هناك لجنة علمية مهمتها مواكبة تطورات الحالة الوبائية.
وحسب الإمكانيات المتوفرة، بما يضمن تنسيق جيدا بين العلاجات و الاستشفاء و كذلك الترصد واجراء الفحوصات، توصلنا في لحظة معينة إلى أننا لا نستطيع استقبال حالات جديدة بالمستشفيات، كما باقي دول العالم، بل في بعض الدول كان المريض مجبر على أن يقوم بالحجر دون متابعة من طرف الدولة، عكس المغرب، حيث كنا نقوم بمتابعة الحالات واجراء الفحوصات، وإعطاء الأدوية كالكلوروكين و غيره لبعض المرضى في المنزل.
بخصوص توفير الأدوية، رفعنا طاقة تصنيعها. مثلا "فيتامين س" كنا نصنع 400 ألف حبة، وأصبحنا نصنع مليون في الشهر، وكذلك الأمر بالنسبة ل"الزنك" انتقلنا من 30 ألف إلى 100 ألف حبة في الشهر.
إذا نظرنا إلى عدد الحالات الناشطة و التي تحتاج 7 أيام من العلاج، وإذا قمنا بعملية حسابية بسيطة، ستجد أن حاجياتنا على هذا مستوى أقل بكثير من الطاقة الإنتاجية التي عبأناها لهذا الغرض.
إذن أين هو المشكل؟
المشكل الحقيقي هو الاحتكار، وقمنا بعمليات تفتيش للحد من هاته الأمور. الكثير من المواطنين لم يكونوا مرضى لكنهم اختاروا شراء الأدوية بأعداد كبيرة و تخزينها و هذا شيء غير مقبول.
*المشكل السيد الوزير أن بعض الصيادلة أيضا اشتكوا من عدم حصولهم على هذه الأدوية، أي أنها تختفي في طريقها إلى الصيدليات، تماما كما وقع في بداية فرض ارتداء الكمامات؟
هذا ممكن، لأن سلسلة التوزيع تبدأ من تجارة الجملة وصولا إلى مخازن التوزيع.
بعد القيام بمجموعة من التحقيقات، اتضح لنا أنه فعلا هناك بعض الصيدليات التي لا تتوفر على هذه الأدوية، المشكل هنا هو الزبونية... لن أطيل الحديث في هذا الموضوع، لأن التحقيقات الجارية هي التي سوف تحسم الجدل حول ما وقع.
بالنسبة لي سوف أركز على ما أديره في إطار اختصاصاتي. و أؤكد أن الكمية المصنعة من الأدوية والفيتامينات المتضمنة في البروتكول العلاجي كافية جدا لسد حاجيات المواطنين، مسألة التوزيع تحتاج القليل من التقنين، والمسؤولية تتحملها جميع الأطراف.
*التعليمات التي أعطيت من طرف الملك هي أن يستفيد كل المغاربة من التلقيح بشكل مجاني، السؤال هو ما وضع الأجانب المتواجدين على التراب المغربي، هل هم أيضا مؤهليين للاستفادة من مجانية التلقيح؟ السؤال الثاني، كما سبق و ذكرتم ذلك قبل أيام، هل مجانية التلقيح موجهة بدرجة أولى للساكنة التي تعاني من الهشاشة؟
أعتقد ان البشرى السارة التي أعلنها صاحب الجلالة، هي مجانية اللقاح بالنسبة للجميع.
الآن يبقى دور الدولة في توفير التمويل لذلك، هذا مستوى آخر. لكن التمويل ليس مشكلة، المهم أنه مجاني بالنسبة للمواطنين. وهذا التلقيح موجه للساكنة في المغرب دون تمييز.
من المهم أيضا معرفة أن التلقيح مبني على مبدأ التطوع، لكننا ننادي النوايا الحسنة للمواطنين، أي أنه على الموطن العلم بأن التلقيح هو مسألة وطنية أولا، وأيضا هي عملية ستسمح لكل المغاربة بالعودة إلى الحياة الطبيعية.
*هناك مجموعة من القرى، حيث قام رجال السلطة بجولات قالوا خلالها إن التلقيح اجباري، وانه سيتم سؤال المواطنين عن دفتر التلقيح ضد "كورونا".
كما قلت، نحن دائما مستعدون مسبقا في هذا المجال، لأننا نتوقع المحتمل حدوثه على المستوى الدولي، نريد أن نكون جاهزين لمثل هاته الأمور لتفادي توقيف المواطنين عند السفر.
كما نعلم جميعا تنمية البلاد مرتبطة بالحركية، سنقوم بتوفير بوابة إلكترونية حيث سيقوم المواطنون بتسجيل أنفسهم حسب أعمارهم و حسب هشاشتهم، ليحصلوا في النهاية على شهادة تلقيح، و التي تحتوي على رمز "QR" الذي سيخول لحامله بعد ذلك بطاقة إلكترونية أو ما نستطيع أن نطلق عليه الجواز المناعي.
و إذا تقرر في ما بعد من طرف منظمة الصحة العالمية ربط حرية التنقل باللتلقيح، فالمواطن المغربي جاهز مسبقا لذلك بالرمز "QR" الذي يمكن أن يحتفظ به في هاتفها المحمول أو محفظته لاستعماله عند الحاجة.
لهذا يجب على المواطنين أن يستحضر حس التعاون مع الوزارة، لأن الاستفادة من التلقيح مرتبطة باستكمال الجرعة الثانية من اللقاح.
*ما هي المدة بين جرعتي في اللقاح؟
بالنسبة للقاح الصيني 21 يوما و28 يوما بالنسبة للقاح "AstraZeneca".
*بعد تعميم اللقاح و إنتهاء الجائحة، ستخف الحالات الحرجة وسيخف الضغط على المستشفيات، هذا هو المفترض. فما هو مصير المستشفيات الميدانية و كل التجهيزات التي وضعت لأجل الجائحة؟
أولا كانت هذه الفرصة غير المرغوبة طبعا بسبب ما خلفته، جد مهمة لإعادة النظر في المنظومة الصحية ككل، ففي البنى التحتية توجد نواقص، لكنها لا تشكل إكراها كبيرا مثل الموارد البشرية.
نحن نعاني من نقص حاد في الموارد البشرية، الشيء الذي كان جليا خلال الجائحة بشكل كبير، فهناك تباين بين الجهات، وهناك اختصاصات مهمة مثل الإنعاش تعاني من نقص كبير.
وهذا لم يكن أمرا خاصا بالمغرب، بل عاشتهأ غلب الدول، لذلك سنعيد النظر في توزيع الأطباء عن طريق المقاربة الجهوية، لنستطيع تحديد الخصاص حسب المناطق، بمعنى أننا سنعتمد التكوين والتوظيف في الجهة مستقبلا، لأن كل جهة تعرف حاجياتها، ولأننا لا نستطيع اعتماد التوظيف المركزي و بعد ذلك نضطر للقيام بإعادة الانتشار.
بالنسبة للمستشفيات الميدانية والتجهيزات الأخرى، فكما سبق و قلت نحن نتعامل مع فيروس محاط بغموض علمي، لا نعلم ما سوف يقع بعد هذا، إن كان موسميا أم لا؟ لذلك سنحتفظ بها مدة من الزمن لنتأكد و نمر إلى بر الأمان، نحتاج هذه البنى التحتية خلال وقوع الكوارث والأزمات مثل جائحة "كورونا"، وهذا هو دور المستشفيات الميدانية.
*علاقة مع موضوع الموارد البشرية، مؤخرا فقدت المنظومة الصحية مجموعة من اطرها بسبب فيروس كورونا المستجد، هل دقت هاته المسألة ناقوس الخطر بوجود خلل معين؟
أولا، يجب أن نترحم على من قضوا من الأطر الصحية، فهم شهداء الواجب، وقد خلفت هذه الوفيات أثرا سلبيا على المواطنين وكذا على المنظومة الصحية.
كان هناك تخوف لدي الأطقم الطبية، فرغم الإجراءات الصحية والوقائية تصاب العديد منها، لأن ظروف العمل تحتم التواجد في وسط مليء بالفيروس.
وقد يحدث بعض السهو، مما يجعل الإصابة بالعدوى واردة، أما بالنسبة للسن، فالفيروس غامض، لكن الوفايات تخص بدرجة أولى شريحة مابين 60 و80 سنة، لكن هناك استثناءات، أشخاص صغار السن و أصحاء و رياضيين و ذوو مناعة قوية، فارقوا الحياة بسبب الفيروس.
وللعلم، المناعة القوية تساهم بشكل آخر في الوفاة، لأن رد فعل الجسم يكون أقوى و بالتالي الأثر السلبي أيضا أكبر، أي أنه يحدث ما يسمى بعاصفة السيتوكين، هذه الاستجابة المناعية العنيفة تؤدي إلى تدمير نسيج الأعضاء التنفسية بسرعة.
*نعلم أن التجارب السريرية تمت بمشاركة أشخاص من 18 إلى 60 سنة، هل نستطيع أن نعرف ما هو تاثير اللقاح على الأشخاص المسنين؟
الدراسة الأساسية شملت أشخاص من 18 الى 58 سنة، لكن بعد ذلك تم اقحام مجموعات من الأعمار المختلفة إلى حدود 70 سنة. و هذا ما تم على المستوى الدولي.
هي مسألة فئات مستهدفة، فقد تم استهداف فئات عمرية معينة، وأشخاص يعانون من أمراض مزمنة، للحصول على نتائج حول استجابة هاته الفئات للقاح.
الدراسات المتعددة المراكز هي أيضا متعددة الشروط.، إذن هناك أجوبة لكل الأسئلة، هناك أيضا تجارب شملت المرأة الحامل، وهناك حالة لسيدة من المكسيك أنجبت رضيعا يحمل مضادات الأجسام لفيروس "كورونا" المستجد، ذإذن هناك مناعة تمنح منذ الولادة عن طريق المشيمة إلخ.
*لننتقل إلى موضوع آخر. بخصوص تدبير صفقات جائحة "كورونا"، الموضوع أثار الكثير من التساؤلات والاتهامات. ماهي إجاباتكم السيد الوزير على مجموعة من الأمور المرتبطة بهذا الملف؟
نحن جد مرتاحون فيما يخص تدبير الصفقات بصفة خاصة وتدبير الجائحة عموما، لأن كل الأمور ظلت داخل الإطار القانوني، فقد تم تخصيص مشروع قانون متبوعا بمرسوم في 16 من مارس لتدبير الجائحة، مما يسمح لوزارة الصحة بالتفاوض لتدبير هاته الأزمة الصحية خلال حالة الطوارئ.
المهم أنه كانت هناك تجهيزات أقتنيت في إطار صفقات تفاوضية، مكنت الوزارة من تجهيز جميع المستشفيات على المستوى الوطني، ومن رفع الطاقة الايوائية لأقسام الانعاش، وتوفير أجهزة التنفس في وقت وجيز و بأثمنة جد مهمة (25٪ اقل من الأثمنة المرجعية)، مما يعود بالفضل على الاقتصاد الوطني.
اقرأ أيضاً: حوار.. وزير الصحة يكشف كل شيء عن اللقاح وكواليس حملة التطعيم (1/2)
فضلا عن ذلك، استفادت من هذه الصفقات أكثر من 100 شركة، أي أنه لم يكن هناك استهداف لشركة معينة، والأهم أنه تمت تلبية الحاجيات، فقد استفاد أكثر من 4 ملايين مواطن من تحاليل الكشف عن فيروس "كورونا".
هل كلمة صفقة عيب أو حرام، الصفقة وسيلة من الوسائل لاقتناء معدات لتدبير شيء ما، المهم أن تمر في إجراءات طبيعية، وسبق واستقبلنا المفتشية العامة لوزارة المالية، وقامت باجراءاتها، وبالنسبة للجنة الاستطلاعية البرلمانية هي مرحب بيها في أي وقت، سنمنحها الوثائق المطلوبة وربما ستخرج بخلاصات مفادها أن التدبير و التوفير الذي قمنا به لا مثيل له.
*على مستوى الوزارة، هل جهزتم حصيلة مفصلة للتواصل مع المغاربة حول هذا الموضوع، أم أن المسألة محصورة بينكم و بين السلطة التشريعية؟
ماهي الحصيلة بالنسبة لك؟ وزارة المالية هي المكلفة بتدبير الأمر، و مجالس الأعلى للحسابات، هذه هي المؤسسات الجهات المخول لها ذلك.
لا نستطيع نشر المقالات للمواطنين لتحليلها كما يريد، فهناك هيئات مسؤولة عن ذلك، المجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة للمالية كما قلت، بل أكثر من ذلك، نحن مستعدون للاستعانة بمدقق حسابات خارجي.
بعد انتهاء الجائحة، نستطيع التصريح بممتلكاتنا ليستطيع الجميع المقارنة بين ماقبل وما بعد الجائحة، لأن هذا ما يهم المواطن. هل كانت هناك اختلاسات أم لا. لكن ما على المواطن أن يعي بأن تدبير الجائحة مر في ظروف جيدة جدا وقمنا بتوفيرات مهمة لخدمة الاقتصاد الوطني.
*تصريحكم بخصوص ما سمي بأجهزة التنفس الاصطناعي المغربية الصنع، كان جريئا، رغم أنه خلق حساسية لدى الجهة المكلفة بذلك. في نظركم، لماذا فشلنا في التصنيع المحلي في بعض الجوانب رغم التضخيم الإعلامي الذي صاحب الأمر؟
وزارة الصحة واكبت هذا الموضوع بتعيين لجنة صحية وعلمية للعمل مع المهندسين الذين قامو بهذا الأمر بالتنسيق مع وزارة التجارة و الصناعة والخدمات و الاقتصاد الرقمي، و حصلنا على منتج، لكن كان لابد له أن يتوفر على شروط السلامة الصحية، لأننا أولا، لا نستطيع المخاطرة في ما يخص صحة المواطنين عن طريق المجازفة بسويق منتج ما.
ثانيا، بالنسبة للمهندس المغربي، حرصنا على أن يصنع منتجا جيدا جدا، ليكون محل اعتراف دولي، أي يجب أن يتوفر على جميع الشروط والمعايير العالمية.
وعليه، فلا جدوى من طرح منتج لا يحترم هاته المعايير ليقال فيما بعد إن المنتوج الوطني رديء.
ثالثا، لاستيفاء هاته الشروط، يجب أن يمر بالمسطرة التي يخضع لها كل منتج جديد، من تجارب ما قبل سريرية، ثم التجارب السريرية، ثم تصادق عليه لجنة الأخلاقيات لحماية المعطيات الشخصية، ثم لجنة الأدوية، ليتم اعتماده، وحينها نستطيع تحمل المسؤولية كاملة في تسويقه واستعماله.
وقد قلنا هذا سابقا: إننا تحمسنا للمنتج المغربي و أردنا إخراجه بسرعة.
*بخصوص الأمراض المزمنة، هناك مشكل في أقسام الإنعاش والمواعيد. ما هي المجهودات المبذولة لتخفيف هذا الضغط؟
المرضى سواسية بطبيعة الحال، لكن في اطار الجائحة الأمر مختلف، فنحن أمام وباء عالمي، مما يفرض مناخا خاصا وحالة طوارئ صحية تغير تنظيم القطاع.
كانت هناك العديد من العمليات الجراحية التي تم تأجيلها لعدم توفر أطقم طبية للقيام بها، بسبب انشغالهم بالوباء، وكانت هناك أيضا فئة لم تعد ترغب في زيارة المستشفيات خوفا. والمغرب لم يشكل استثناء في هذه المسألة.
بالنسبة الإنعاش الطاقة الايوائية كانت في حدود 660 سرير، ووصلت الآن إلى 3000، تخصص اليوم 34 في المائة منها لمرضى "كوفيد 19".
مثلا مريض يريد إجراء عملية جراحية في الدماغ، يجب توفير مكان آمن في الانعاش، وهاذه المعادلة هي التي تعقد الأمور، لذلك لابد من انتظار انتهاء الوباء للرجوع إلى الحالة العادية تدريجيا.
*بالنسبة لتصنيع اللقاح، هل هناك رؤية مستقبلية لتصديره لباقي دول القارة؟ وهل هي مرهونة بنجاح حملة التلقيح داخل المغرب؟
اختيارات المغرب هي اختيارات استراتيجية، يجب أن تكون لدينا القدرة على تصنيع هذا اللقاح في المستقبل، لا يتعلق الأمر فقط بلقاح فيروس "كورونا" المستجد، نحن اليوم نستورد جميع اللقاحات على المستوى الإقليمي، ونطمح في المستقبل إلى تطوير وحدات انتاجية قادرة على تصنيع كميات مهمة لسد الاحتياجات الداخلية و لما لا التصدير للدول الشقيقة و باقي دول القارة.
*نملك معلومة تفيد بأن المصنع سوف يشيد داخل "المدينة الصناعية محمد السادس طنجة تيك". هل هذا صحيح؟
نعم معلومتكم صحيحة.