تم توقيع اتفاقية تمويل مشروع تجريبي بتاريخ 19 فبراير 2024 بين وزارتي الفلاحة والاقتصاد، تهدف إلى دعم الفلاحين لتشجيع استخدام الطاقة الشمسية في مشاريع الري الموضعي.
نقص الرقابة واستنزاف الموارد المائية
وفيما يخص تشجيع استعمال الطاقة الشمسية في الري ودعم المزارعين على تبنيها، أوضح محمد بازة، الخبير الدولي في الموارد المائية في روما، أن "المشكلة تكمن في عدم تطبيق قانون المياه رقم 36.15، حيث توجد جوانب كبيرة من هذا القانون لم يتم تنفيذها. ففي بعض الأحيان، تكون الفصول القانونية الخاصة بتطبيقه غائبة، ولكن في الغالب تكون القوانين التطبيقية موجودة، ومع ذلك لا يتم تطبيقها بشكل عام. وأكد أن الحل يكمن في تخصيص حصص معينة من المياه لكل مستهلك، بالإضافة إلى ضرورة تجهيز كل بئر بعداد مائي وفقًا لما ينص عليه القانون".
وأفاد الخبير الدولي في تصريح خاص لـ"تيلكيل عربي" أن هناك ضرورة لوجود رقابة فعالة في الأحواض المائية. فكل حوض مائي يجب أن يكون له جهاز شرطة مائية مختص، إلا أن العدد الحالي للمنتسبين لهذا الجهاز في المغرب يعتبر ضئيلا للغاية، حيث لا يتجاوز العدد الإجمالي للأفراد المعنيين 30 إلى 40 شخصًا على مستوى المملكة".
وأشار الخبير إلى أن "الحل يكمن في تجهيز جميع الآبار بعدادات مائية، وتحديد الكميات المقررة من المياه التي يمكن لكل مزارع استخدامها. ويتحقق ذلك عندما يتوجه المزارع إلى الوكالة للحصول على ترخيص لحفر بئر، حيث يتم تحديد الكمية المسموح له باستهلاكها سنويًا، على سبيل المثال، يمكن للوكالة تحديد سقف استهلاك المياه بـ 4000 متر مكعب لكل هكتار في السنة".
وأضاف الخبير أن "هذا النظام لا يزال حبرا على ورق، إذ لا توجد أي جهة قادرة على مراقبة كل مزارع بشكل فردي للتأكد من التزامه بالحصص المحددة له".
التحكم في استهلاك المياه: التكنولوجيا والطاقة كحلول
نوه بازة إلى أن "الأمل يكمن اليوم في التكنولوجيات الحديثة، حيث يمكن استخدام عدادات مائية ذكية مرتبطة بنظام الواي فاي والاتصالات، التي ترسل البيانات إلى نظام مركزي يمكنه قياس الكمية التي استخدمها المزارع. وبطبيعة الحال يجب أن يكون هناك فرض غرامات على الأشخاص الذين تتجاوزون الكميات المحددة من المياه. كما توجد أيضا مضخات تشتغل ببطاقات الكترونية يتم تحيد الكمية المسموح باستعمالها مسبقا وتتوقف المضخة عن التشغيل بعد بلوغ الاستهلاك الى ذلك الحد".
وذكر أن "تكلفة الطاقة تمثل عاملا حاسما، حيث يضطر المزارع للاعتماد إما على الكهرباء أو على محركات تعمل بالبنزين، وفي كلتا الحالتين يتكبد نفقات". وأوضح أنه "كلما ازداد عمق البئر وكبرت كميات المياه المستهلكة، ارتفعت التكاليف بشكل ملحوظ، مما يدفع المزارع للتفكير مليًا قبل استخدام كميات كبيرة. وبناء على هذا يشكل ثمن الطاقة وسيلة غير مباشرة للتحكم في كميات المياه التي يتم ضخها من قبل الجهات المعنية".
الطاقة الشمسية والري الفعال في مواجهة أزمة المياه
وفي الإطار ذاته، أكد أن "تكلفة ونوع الطاقة يمكن أن يشكلا وسيلة غير مباشرة للحد من استنزاف الموارد المائية. فبدلا من التمكن من فرض قيود مباشرة على كميات المياه المستهلكة، يمكن رفع تكاليف الطاقة المستخدمة، مما يدفع المزارع إلى تقليل استهلاكها لتخفيف الأعباء المالية. وأضاف أنه في حال تم دعم المزارعين لاعتماد الطاقة الشمسية من خلال تقديم إعانات ملائمة، فإن إمكانية التحكم غير المباشر من خلال ثمن الطاقة يصبح لاغيا لان الضخ يصبح مجانا مما يشجع الفلاح على استهلاك أكبر كمية ممكنة".
وبين بازة أنه في حال "تشجيع المزارعين على تبني الطاقة الشمسية ومساعدتهم على ذلك ماديا، وبالرغم من أن المشروع يفرض شروطا على المزارعين، تشمل استخدام نظام الري بالتنقيط وتزويد الآبار بعدادات مائية لضبط كميات الاستهلاك، كما ينص على ذلك القانون فيما يخص تجهيز كل بئر بعداد مائي وتحديد حصص المياه المسموح بها، لكن المشكلة الأساسية تكمن في عدم الالتزام بتطبيق هذه الإجراءات. وما دام المشكل مطروحا لا يجب السماح لتبني الطاقة الشمسية كون ذلك يشكل خطرا على المياه الجوفية التي هي أصلا في طريق الاندثار".
الطاقة الشمسية واستنزاف المياه
وقال بازة، إن "مئات الآلاف من الآبار في المغرب تفتقر إلى العدادات المائية، وحتى الآبار المجهزة بها غالبا ما تكون غير مستخدمة بالشكل المطلوب". وأضاف أن المشكلة الأساسية تكمن في غياب الرقابة على كميات المياه المستهلكة بالآبار. وأكد على ضرورة تعزيز وكالة الأحواض المائية بالعدد الكافي من الموظفين والمعدات اللازمة، مشددًا على أن البداية يجب أن تكون بإصلاح منظومة الحكامة لضمان تطبيق القوانين المعمول بها".
واختتم حديثه قائلاً إن "الطاقة الشمسية تُعد خيارا مهما لعدة أسباب، من بينها تقليل انبعاثات الغازات المسببة للتغيرات المناخية، إلا أن التخوف يكمن في عدم تطبيق القانون واستنزاف المياه الجوفية نتيجة الثغرات الموجودة في تنفيذه. وأوضح أنه طالما ظل القانون غير مطبق بالشكل الصحيح، فإن تمويل الدولة لمشاريع الطاقة الشمسية للمزارعين من الأكيد أنه سيتحول إلى عامل يعزز استنزاف الموارد المائية المتبقية. لذلك، شدد على ضرورة معالجة المشكلات المرتبطة بالحكامة وعدم تطبيق القانون بشكل فعّال على الصعيد الوطني قبل التفكير في مثل هذه المبادرات".