تدعو القاصر المغربية خديجة التي كشفت قبل أسابيع تعرضها للخطف والاغتصاب والتعذيب في منطقة الفقيه بنصالح، الفتيات إلى "التحلي بالشجاعة" وعدم التزام الصمت في حال تعرضهن لتجربة مماثلة.
واستقطبت خديجة (17 عاما) اهتمام الرأي العام وموجة تضامن واسعة عندما كشفت قبل أسابيع أنها احتجزت لنحو شهرين تعرضت خلالهما للاغتصاب والتعذيب بعد اختطافها من أمام بيت أحد أقاربها في بلدة أولاد عياد بمنطقة الفقيه بنصالح منتصف يونيو.
لكن تصريحاتها جرت عليها، أيضا، تعليقات مشككة وأخرى تحملها مسؤولية ما وقع، في بلد غالبا ما تضطر فيه النساء ضحايا الاغتصاب للصمت تحت ضغط ثقافة محافظة.
"حتى لا يتكرر ماوقع معي"
وقالت في حوار مقتضب مع وكالة فرانس برس "كنت أعرف أن الأمر سيثير ضجة بمجرد أن تقدمت بشكوى لدى الدرك، لكنني أريد أن لا يتكرر ما وقع معي. أثق بالمحكمة وآمل بأن أسترجع حقوقي وينال كل جزاءه".
ويلاحق في هذه القضية التي هزت الرأي العام المغربي 12 شابا تراوح أعمارهم بين 18 و28 سنة أوقفوا نهاية غشت الماضي. ووجهت إليهم النيابة العامة اتهامات تراوح بين الإتجار بالبشر والاغتصاب ومحاولة القتل وعدم مساعدة شخص في خطر.
وأكدت خديجة الأربعاء أمام قاضي تحقيق في محكمة الاستئناف ببني ملال وسط المغرب الاتهامات التي وجهتها لأشخاص عديدين باحتجازها واغتصابها جماعيا، وفق ما أفاد والدها وكالة فرانس برس.
ودخلت خديجة برفقة والدها من الباب الخلفي للمحكمة كما أوضح أحد موظفيها.
وبدت في نظراتها علامات الثقة والفضول مع قليل من التوتر بينما كانت واقفة بجانب والدها قبيل مغادرة المحكمة، يرافقها بعض النشطاء الذين يساندونها.
وعلق والدها "ابنتي شجاعة رغم حالتها النفسية الصعبة".
وينتظر أن يتواصل التحقيق مع الاشخاص الـ11 الملاحقين في هذا الملف خلال جلسة ثانية في 24 أكتوبر بحسب محاميي الدفاع عن خديجة اللذين حضرا جلسة الأربعاء. وقرر القاضي فصل ملف متهم واحد كونه قاصرا.
بعد دقائق من انتهاء الاستماع إليها، غادرت خديجة من الباب الخلفي نحو مقهى أكثر هدوءا وسط حديقة، بعيدا عن صخب البوابة الرئيسية حيث تجمعت عائلات المتهمين الملاحقين في القضية.
"لا أستطيع النظر إلى جسدي"
وأشارت إلى الوشوم وقالت بصوت خفيض "أنتظر بفارغ الصبر بداية العلاجات لإزالة هذه الوشوم، لا أستطيع النظر إلى جسدي (...) عشت ظروفا قاسية وما أزال تحت وقع الصدمة".
واضافت "لم أعد أغادر البيت، وأفراد عائلتي لا يخرجون إلا للضرورة، لقد تغيرت حياتي تماما".
واشار الناشط في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان نور الدين السعدي الذي يساند خديجة، إلى "صعوبة التعايش مع الضغوط في بلدة صغيرة لا تبعد فيها بيوت بعض المتهمين كثيرا عن بيت الضحية".
واستطرد والدها من جهته "هناك من يساندنا ويتعاطف معنا رغم كل شيء"، معربا عن أمله في "تجاوز هذه المحنة".
وأكدت خديجة بدورها إصرارها على "طي هذه الصفحة"، وأضافت وهي تتطلع إلى المستمعين إلى ما تقول "سأتجاوز هذه المحنة، وألقي بذكراها وراء ظهري. أتطلع الآن للمستقبل"، مجددة دعوتها الفتيات "للتحلي بالشجاعة".
وقبل أيام، أطلقت ناشطات حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت وسم "ماسكتاش" (لن أصمت)، لتأكيد ضرورة فضح الاعتداءات الجنسية التي تتعرض لها النساء.
وسبق أن اعتبرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أن حالة خديجة "ليست معزولة"، مشيرة إلى أن محاكم المملكة نظرت في 5980 قضية اعتداء على أطفال السنة الماضية، داعية إلى الإسراع في تفعيل برامج الحماية المندمجة للأطفال، وإبلاء أهمية أكبر "للإجراءات الوقائية".
وسجل تقرير للنيابة العامة تزايد قضايا جرائم الاغتصاب السنة الماضية في المغرب إذ تجاوز عددها 1600، في حين كانت بحدود 800 قضية سنويا خلال الأعوام الماضية.