خلصت دراسة حقوقية حديثة إلى أن المغرب "لا يزال يشهد حالات تزويج للقاصرات بشكل مرتفع، إذ تصل نسبة هذا الزواج إلى أكثر من 10 في المائة من بين حالات الزواج التي تسجل كل سنة"، وذلك بسبب ما وصفته الدراسة بـ"مساعدة" القضاة.
نظمت جمعية "حقوق وعدالة"، أول أمس (الجمعة) بالدار البيضاء، ندوة حقوقية حضرها فاعلون وخبراء في القانون من داخل المغرب وخارجه، وذلك لعرض دراسات، حصل عليها "تيل كيل عربي"، حول وضعية المرأة في القانون المغربي، تحت شعار "نعم للمساواة".
وأشارت دراسة الجمعية إلى أن "المغرب يعرف نسب تزويج القاصرات أكثر من تونس وتركيا (المتقدمين في هذا المجال)، إذ أن 16 في المائة من النساء البالغات ما بين 20 و24 سنة بالمغرب، أبرمن زواجهن الأول قبل سن 18 سنة، و3 في المائة منهن في سن 15 سنة، في سنة 2015".
وسجلت الجمعية عبر دراستها التي ضمت عدة تقارير، وجود ما يزيد عن عشر المغاربة الذين تزوجوا في سن زواج مبكر، اذ بلغت عقود تزويج القاصرات في المغرب 30230 عقدا، من بين 301746 من اجمالي عقود الزواج في سنة 2015، مشيرة إلى أن متوسط النسبة (11 بالمائة) يتأرجع بشكل طفيف كل سنة في العقد الأخير، بحسب الدراسة.
ولمعرفة أسباب ارتفاع نسب الزواج المبكر، ترجح الدراسة ذلك لوجود "ارتباط معنوي بين إمكانية الحصول على التعليم الاساسي والحد من تزويج القاصرات.. وكذلك لانعدام النشاط والهشاشة، بغض النظر عن مكان الاقامة (الحضرية او القروية)".
كما تربط الجمعية في دراستها نسب الزواج بمؤشر المساواة بين الجنسين في المغرب، والذي يصل لـ 0.5 بالمائة تقريبا، مقارنة بتونس التي يصل مؤشرها لـ 0.2 بالمائة.
بـ"مساعدة" القضاء
من ناحية قانونية تلوم الجمعية القضاة وتصفهم بـ"المتساهلين مع القانون والمناورين، وتضرب مثالاً بذلك للمادة 20 من مدونة الأسرة، التي تتيح للقاضي إجراء بحث طبي أو اجتماعي، ولا تقيده بإلزامية القيام بالاجراءان، وبالتالي يبقى للقاضي مجال أكبر للمناورة".
وتشير الجمعية إلى أن الخبرة الطبية التي يستند عليها القاضي، تمثل 77.7 في المائة من رخص الزواج، بينما 22.3 في المائة تمثل البحث الاجتماعي. لكن ومع ذلك، "لم يؤخذ في الاعتبار الجمع بين المعيارين (الاجتماعي والطبي) في الأحكام الأخيرة الصادرة عن محكمة الدار البيضاء"، تضيف الجمعية.
من جهة أخرى، ووفقا لتحاليل التراخيص الممنوحة على أساس البحث الاجتماعي، وجدت الدراسة أن "الأسباب التي يستند عليها القضاء تتمثل في الظروف الاجتماعية والاقتصادية للوالدين، ثم في حماية الشرف".
إلى ذلك، ترى الجمعية أن الزواج المبكر يؤدي إلى ارتفاع نسب الطلاق وحالات العنف، ووهذا راجع إلى "عدم تحديد الحد الأدنى لسن الزواج وعدم تجريم الزواج العرفي". وبهذا الصدد تشير الجمعية في دراستها إلى أن 87.9 في المائة المائة من المغاربة يرحبون برفع سن الزواج إلى 18 سنة، أكثرهم من النساء.