أكد الديبلوماسي الإسباني، غوستافو دي أريستيغي، أن "الاجتماع الرفيع المستوى بين المغرب وإسبانيا، المقرر انعقاده بالرباط، يومي 1 و2 فبراير، ضرورة ملحة؛ إذ لا يمكن تجاهل الحاجة إلى معالجة العديد من القضايا التي كانت لها أفضلية ثانوية، لسنوات".
وقال دي أريستيغي، خلال حلوله ضيفا على برنامج "De Cara El Mundo"، بالمحطة الإذاعية العامة "Onda Madrid"، أمس الاثنين، إن "المغرب وإسبانيا محكوم علهما بفهم بعضهما البعض، وليس فقط بسبب الجغرافيا، كما قال الملك الراحل، الحسن الثاني، ذات مرة".
وتابع: "نحن ملزمون بفهم بعضنا البعض، لأن لدينا أكثر من مليون مغربي يعيشون في إسبانيا، والعديد منهم يحملون بالفعل الجنسية الإسبانية. ولدينا مصالح مشتركة، ونحن من البلدان القليلة في العالم ذات السواحل المتوسطية والأطلسية، ونهتم بالاستقرار في منطقة الساحل، والاستقرار في المغرب العربي ضروري بالنسبة لنا، وكفاحنا ضد الإرهاب الجهادي هدف مشترك، ومصالحنا الاقتصادية متشابكة، بشكل غير عادي".
ولفت الديبلوماسي الإسباني إلى أن "العميل والوجهة الرئيسية للتجارة الخارجية في المغرب هي الاتحاد الأوروبي، ومن هذه التجارة الثنائية، أكثر من 60 في المائة هي إسبانية؛ حيث تعتبر إسبانيا أكبر شريك تجاري واستثماري للمغرب، بزيادة 30 في المائة عن فرنسا".
وأضاف: "في الواقع، كان هذا هو الحال لسنوات عديدة حتى الآن، ومهما تحسنت تجارة المغرب مع الولايات المتحدة والصين وتركيا، لا يزال الاتحاد الأوروبي، إلى حد بعيد، الشريك التجاري والاستثماري الرئيسي للمغرب".
وأوضح دي أريستيغي أن "المغرب وإسبانيا سيتفاوضان على أكثر من 20 اتفاقية ثنائية، وليس معروفا كم منها سينتهي بتوقيع الوزراء عليها، في الاجتماع الرفيع المستوى".
وتابع أن "المفاوضات جارية على مدار الساعة، لتوقيع أكبر عدد ممكن من هذه الاتفاقيات الثنائية. وعلى أي حال، من المرجح أن يكون عددهم هو نفس العدد الذي تم التوقيع عليه، خلال زيارة ملك المغرب".
واعتبر الديبلوماسي الإسباني أن "هذه اللحظة مهمة، بشكل خاص، في العلاقات بين البلدين، ليس فقط لأنه سيتم الوصول إلى الرقم الرمزي البالغ 10 مليارات يورو في التجارة الثنائية، ولكن أيضا، لأن هذه خطوة أخرى نحو تكامل أكبر للاقتصادات الأوروبية المغربية".
ولفت إلى أنه "يجب الوضع في الاعتبار أن المغرب يتمتع بأعلى مركز في التجارة الثنائية والعلاقات الأخرى بين الاتحاد الأوروبي وبلد ثالث؛ أي أعلى مستوى ممكن دون أن يكون عضوا كامل العضوية في الاتحاد الأوروبي. لذلك، فإن كل هذا يؤدي إلى إقامة علاقات ثنائية صحية وعميقة وشفافة وصادقة، دون أي نوع من سوء الفهم بين البلدين. بالطبع، أعتقد أنه إذا تحسنت العلاقات الثنائية بين إسبانيا والمغرب وتوطدت، فستكون أيضا أنباء جيدة جدا للاتحاد الأوروبي ككل".
وحول ما إذا كان يعتقد أن هناك من لا يريدون لهذه العلاقة الجيدة بين المغرب وإسبانيا أن تمضي قدما، من خلال قرار البرلمان الأوروبي الذي ينتقد المغرب بشدة، والذي تروج له الأحزاب اليسارية، رد دي أريستيغي: "أعتقد أنها قضية أيديولوجية، أكثر منها وطنية. من الواضح أن هناك بلدانا بروح المنافسة التي لا مفر منها، والتي ليست سعيدة جدا بحقيقة أن إسبانيا، وهي رابع أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، له وزن أكبر بكثير وأكثر أهمية في التجارة الثنائية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب من البلدان ذات الاقتصادات الأكبر بكثير من اقتصادنا؛ مثل فرنسا أو ألمانيا أو إيطاليا".
وتابع: "أعتقد، بصراحة، أن الحكومات والقادة في تلك البلدان، بعيدا عن روح المنافسة العقيمة بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وبعيدا عن الروح الضئيلة وقصيرة النظر وحتى التافهة، يعززون بوضوح، روح التفاهم بين إسبانيا والمغرب، لأنهم يعرفون أن ذلك يصب في مصلحة الاتحاد الأوروبي ككل"، إلا أنه استدرك قائلا: "ومع ذلك، بذكر قرار البرلمان الأوروبي، هناك بالفعل تهمة أيديولوجية في هذا أكثر من أي شيء آخر. إنها ليست مسألة تحليل الأنظمة السياسية التي تربطنا بها علاقات دبلوماسية، لأن الحكمة والاحترام يلهماننا أن نكون حذرين بالضرورة، عندما يتعلق الأمر بإجراء هذا النوع من التجارة الشجاعة".
وأضاف: "على أي حال، ما يمكنني قوله هو أن هناك انتخابات في المغرب، والانتخابات معترف بها دوليا. هناك أحزاب من كل أيديولوجية يمكن تصورها، وتخرج الحكومة من البرلمان، وتكون مسؤولة أمامه، ولديها مسؤوليات تتجاوز ما يمكن أن نتخيله خارج المغرب. الملك هو رئيس الدولة، لكن رئيس الحكومة والسلطة التنفيذية هي التي تحكم البلاد. هذه نقطة تحتاج إلى توضيح شديد".
من جهة أخرى، شدد الديبلوماسي الإسباني على أن "استخدام التجارة الثنائية، كمثال، من أجل إقامة علاقة تجارية تتسم بالكثافة والعمق بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، والحصول على أعلى مستوى من المركز - وضع المغرب كدولة منتسبة - يجب أن يكون له بالضرورة أمن قانوني، يستند إلى العمل المستقل والمتوازن لمحاكم العدل".
وتابع أنه "في النزاعات التجارية بين الاتحاد الأوروبي أو الشركات الإسبانية وشركائها أو منافسيها المغاربة، في أغلب الأحيان، كانت الأحكام القضائية لصالح شركات الاتحاد الأوروبي. ويمكن القول إنه إذا لم تكن العدالة مستقلة، فسيتم الحكم عليها على أساس معايير قومية، وليس على أساس معايير قانونية".