رئاسة النيابة العامة ترسم الحدود القانونية والأبعاد الاجتماعية لكفالة الأطفال

محمد فرنان

قال مولاي الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، ورئيس النيابة العامة بمناسبة التوقيع، يوم الاثنين، على "البروتوكول الترابي للتكفل بالأطفال في وضعية هشاشة": "لم تتخلف أجهزة العدالة عن هذا الركب من أجل تسهيل ولوج الأطفال للحماية القضائية بغض النظر عن الأسباب التي ساقتهم إلى التماس مع القانون، وذلك من خلال تقوية أدوار خلايا التكفل بالنساء والأطفال بجميع محاكم المملكة إضافة الى أدوار اللجن الجهوية والمحلية التي تسهر على التنسيق مع مختلف القطاعات الحكومية وغير الحكومية المعنية بحماية الأطفال".

وأضاف الداكي في كلمته، أن "رئاسة النيابة العامة انخرطت منذ تأسيسها شهر أكتوبر 2017 في تفعيل هذه الأهداف الوطنية، جاعلة في مقدمة أولوياتها تكريس مفهوم العدالة الصديقة للأطفال، مسخرة لذلك أدوار قضاة النيابة العامة كحراس للمصلحة الفضلى للطفل من خلال توفير ما تتطلبه أوضاعهم من دعم ومساعدة ومرافقة واستحضار للبعد الاجتماعي والإنساني".

ولفت الانتباه إلى أن "وضع هذا البروتوكول يأتي في سياق تعزيز المكتسبات التي راكمتها المملكة المغربية في مجال حماية الأطفال في وضعية هشاشة، وتنزيل الأهداف الاستراتيجية المسطرة ضمن السياسة العمومية المندمجة لحماية الطفولة بالمغرب 2015 -2025، وكذا تفعيلا لمخرجات المناظرة الوطنية المنعقدة في الفترة بين 19 و21 يونيو 2023 بالصخيرات حول موضوع "حماية الأطفال في تماس مع القانون – الواقع والآفاق" التي توجت بتوقيع اتفاقية شراكة بين رئاسة النيابة العامة، ووزارة الشباب والثقافة والتواصل، ووزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، التي رتبت العديد من الالتزامات في مقدمتها الالتزام المشترك بشأن إعداد بروتوكول يوضح خدمات التكفل بالأطفال في تماس مع القانون في مدار الحماية الاجتماعية والقضائية، ويحدد اختصاص آليات التكفل القضائي والاجتماعي لتجاوز التحديات المرتبطة بهذا المجال".

وشدد المتحدت ذاته، على أن "هذا البروتوكول استحضر مختلف المراحل التي قد يمر منها الطفل وهو في حاجة للحماية، بدء من الوقاية باعتبارها آلية أساسية لتجنيبه الوصول لوضعية التماس مع القانون وذلك على مستويين: مستوى الوقاية الأولية من خلال البرامج الاجتماعية والاقتصادية الموجهة لكل من الطفل والأسرة التي توفر مختلف الخدمات التي تحقق نمو الطفل ورفاهه تفاديا لوقوعه في هشاشة متقدمة قد تكون سببا في تعرضه للخطر أو التأثير سلبا على تنشئته وسلوكه؛ مستوى الوقاية المتقدمة التي تقوم على التدخل الاستباقي لفائدة الأطفال في وضعية هشاشة أو في وضعية خطر قد تؤدي به إلى التماس مع القانون.

كما استعرض البروتوكول وبتفصيل مسار التكفل القضائي بالأطفال داخل مدار الحماية والمبادئ التي تحكمه، ومختلف المراحل التي يمر منها انطلاقا من عملية الرصد والتبليغ وإلى غاية اتخاذ التدبير وآليات مراجعته، مستحضرا في نفس الوقت أهمية عملية التأهيل والإدماج، بمختلف أبعادها النفسية والصحية والاجتماعية والتربوية والمهنية وغيرها".

وأبرز أنه "نظرا لأهمية التنسيق بين المتدخلين في مجال حماية الطفولة، فقد جاء البروتوكول الترابي بتصور واضح يحدد آليات التنسيق المعنية ونطاق تدخلها من خلال مستويين رئيسيين، الأول يعنى بالتنزيل الترابي للسياسات العمومية والتكفل الاجتماعي بالأطفال في وضعية هشاشة، والذي تشرف عليه اللجن الإقليمية لحماية الطفولة، والثاني يهم التكفل القضائي بالفئات المستهدفة والذي تشرف على تنسيقه اللجن المحلية والجهوية للتكفل بالنساء والأطفال التي ترأسها النيابات العامة لدى مختلف محاكم المملكة".

وأورد رئيس النيابة العامة، أن "أهمية أي عمل مهما علا شأنه وعظم مقصده، يبقى غير ذي جدوى إن لم يترك أثرا طيبا على أرض الواقع من خلال العمل الدؤوب والانخراط الحقيقي والفعال لمختلف المتدخلين، وهذا ما نسعى إليه جميعا من خلال تظافر جهودنا لتنزيل هذا البروتوكول وتحقيق أهدافه، لتهيئ بيئة سليمة ترفل فيها طفولتنا بمختلف الخدمات الكفيلة بتنشئتها على الوجه السليم وإعدادها لمستقبل مشرق يحمل مشعله نساء ورجال الغد".