أحمد مدياني - إقليم شفشاون/باب برد
أكد عزيز مخلوف، رئيس "تعاونية القنب الهندي" و"بيو كنات" التي تعد أول وحدة صناعية تحصل على ترخيص تحويل القنب الهندي بالمغرب، في حوار مع "تيلكيل عربي"، أنه يعتبر رفقة سكان المنطقة، أن العفو الملكي عن مزارعي "الكيف"، خطوة إنسانية بالدرجة الأولى، سيترتب عنها لم شمل آلاف الأسر التي عانت لسنوات بسبب تبعات هذا الملف، وما أفرزه من مآسي.
وكشف مخلوف، أنه توصل بمعطيات تفيد بأن عددا كبيرا من المتمتعين بالعفو الملكي، سيطرقون أبواب الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي، لمعرفة المساطر التي يجب أن يسلكوها قصد الحصول على الرخص التي تمكنهم من زراعته، وأنه سيتم منحهم الأولوية من الآن وفق مبدأ تم اختياره وحسمه.
واعتبر المتحدث ذاته، أن المنطقة وساكنتها كانت تحتاج للإحساس بالأمان، والمستثمرون كانوا في حاجة للثقة، اللذان يعدان عاملان رئيسيان وأساسيان منحهما العفو الملكي لكل هؤلاء.
كما تطرق رئيس الوحدة الصناعية بالتفاصيل والأرقام، لكل ما هو مرتبط بهذا القطاع، وكيف سيؤثر العفو الملكي على حاضره ومستقبله، وما هي التحديات التي سوف يواجه والمشاكل البنيوية التي سيعالج في الأقاليم المعنية بالتقنين.
* كيف تلقى المستثمرون في مجال تحويل القنب الهندي العفو الملكي عن 4831 من صغار مزارعيه الذين كانوا مدانين أو متابعين أو مبحوثا عنهم؟
أولا نعتبر هنا في المنطقة أن عفو جلالة الملك محمد السادس خطوة إنسانية بالدرجة الأولى، وأهم ما سيترتب عنه هو لم شمل آلاف الأسر التي عانت لسنوات بسبب تبعات هذا الملف، وما أفرزه من مآسي.
* هل سيفرز أيضا آثارا اجتماعية واقتصادية؟
نعم بالطبع. عندما قلت إنساني، أقصد بذلك البعد الشامل لآثار العفو الملكي.
نحن نتحدث عن 4831 معيل للأسر، وأغلبها أسر مركبة، كانت تكسب قوت يومها من حرث الأرض وزراعة القنب الهندي، ونشاطهم لم يكن يتجاوز الجانب المعيشي.
العفو الملكي لم شمل الأسر، وأعاد للآلاف حريتهم، وأعادهم لحياتهم الطبيعية. ويجب أن يعرف المغاربة ومعهم المنتظم الدولي، أن المبحوث عنهم عاشوا سنوات بدون القدرة على تجديد بطائق تعريفهم الوطنية، أي أنهم كانوا محرومين من كل الحقوق.
* هل منح العفو الملكي الثقة أكثر للمزارعين؟
دعنا لا نقول الثقة. سوف أقول مصطلحا أراه أنا أعمق وأكثر تأثيرا، وحتى إن سألت أبناء المناطق التي تنشط اليوم في هذا القطاع بشكل قانوني، سوف يجيبون بأن عفو جلالة الملك منحهم الأمان.
نعم الأمان بأن هذا المشروع هو فعلا ملكي، إذن هو مشروع الدولة والوطن بكل مكوناته.
أهم ما كانت تفتقر إليه ساكنة المنطقة في هذا الجانب هو الإحساس بالأمان.
* ماذا عن المستثمرين في القطاع؟
في هذا الجانب يمكن أن تحدث عن الثقة. العفو الملكي أكيد سيمنح دفعة قوية للقطاع، وسيشجع رؤوس الأموال على الإنخراط في دينامية تثمين نبتة القنب الهندي وفق التأطير القانوني للاستغلال الذي أرسته الدولة عام 2022.
المناطق المعنية بتقنين الزراعة والتحويل، عانت من الهشاشة المركبة لسنوات، والإشارة الملكية اليوم، تؤكد أن هذا القطاع أصبح بالفعل مهيكلا وواعدا، كما أنه يشكل بديلا لتحقيق تنمية الأقاليم على كافة المستويات، خاصة الرفع من مستوى المعيشة، وحل معضلة الربط الطرقي والمواصلات، بالإضافة إلى تقوية البنى التحتية الاجتماعية والاقتصادية وحتى الثقافية.
* انطلاقا من خبرتكم في المجال وعلى اعتبار أنك رئيس أول وحدة صناعية لتحويل القنب الهندي بالمغرب تحديدا هنا بباب برد بإقليم شفشاون. هل سيكون من السهل على الذين تمتعوا بالعفو الملكي الاندماج في دينامية التقنين والاستفادة منها؟
دعني أتحدث عن بعض الأرقام التي تهم التعاونية والوحدة الصناعية اللتين أرأسهما.
بدأنا عام 2023 بالتعاون والاشتغال مع 477 فلاحا من الذين حصلوا على رخص الزراعة. ثم انتقل العدد إلى 3000 فلاح خلال العام 2023.
هذه الأرقام تؤكد أن هناك نموا يتضاعف ست مرات كل سنة، ونتوقع أن نتعاون ونشتغل مع أكثر من هذا العدد مستقبلا.
كما نتوقع أن يشكل العفو عن 4831 مزارع طفرة نوعية لتلبية الطلب الذي يتزايد على منتجات القنب الهندي.
وسوف يكون لهؤلاء الذين تمتعوا بالعفو الأولوية خلال الفترة القادمة.
* هل هناك قرار رسمي في هذا الاتجاه أو توجيهات؟
لا. هناك اتفاق أساسه العرف بين ساكنة المنطقة واعتراف بأن هؤلاء عانوا لسنوات ومنهم من حرم من كل شيء لعقود.
* يعني هذا قرار ساكنة المنطقة؟
المغاربة يعرفون جيدا تضامن "جبالة" في ما بينهم. وأؤكد لكم إن سألتم 90 في المائة من ساكنة المنطقة: "لمن الأولوية خلال الفترة القادمة؟" سوف يجيبونكم لهؤلاء الذين شملهم العفو الملكي.
هناك قناعة لدى الساكنة أساسها رد الجميل، لأنهم يرون في هؤلاء عنوانا للتضحية من أجل المنطقة ككل، تضحية منحها جلالة الملك محمد السادس بعفوه الكريم، صبغة مولوية إنسانية، سوف تعود بالنفع على كافة الأقاليم المعنية بتقنين زراعة القنب الهندي وساكنتها.
* هل هناك منهم من باشر إجراءات الحصول على رخص الزراعة؟
نعم. بحكم نشاطنا المباشر في القطاع، توصلنا بمعطيات تفيد بأن عددا كبيرا من المتمتعين بالعفو الملكي سيطرقون أبواب الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي، لمعرفة المساطر التي يجب أن يسلكوها قصد الحصول على الرخص.
وأؤكد لكم أن الوكالة وجميع المصالح المعنية، جندت كل طاقاتها ومواردها البشرية لتسريع عملية اندماج هذه الفئة في دينامية التقنين.
* هل تعتقدون أن سوق ترويج منتجات القنب الهندي واعدة بالحجم الذي يمكنها من استيعاب الرفع من الإنتاج؟
هناك عوامل كثيرة تدخل في مسار التحويل والتصنيع، خاصة الرخص التي تصدرها وزارة الصحة.
وسوف أعود إلى تجربتنا على اعتبار كما قلت لكم سابقا، أننا أول وحدة صناعية في المغرب، وتقديم مجموعة من الأرقام.
ما بين أول قطرة أنتجتها وحدتنا الصناعية والتحويلية بالضبط يوم 9 يناير 2024 وإلى اليوم، صدرنا وفقط الضوابط القانونية 120 كيلوغراما من منتوجات القنب الهندي إلى خارج المغرب، وبعض نباتاته وفق نفس الضوابط، كما تم تصدير 22 منتوجا من النبتة.
كما حصلنا على رخص تسويق 10 منتجات من وزارة الصحة داخل المغرب منذ فاتح شهر غشت الجاري، وننتظر الحصول على رخص 12 منتجا آخر شهر أكتوبر القادم، وتم توزيع الدفعات الأولى من منتجاتنا على الصيدليات، من بينها مواد التجميل والمكملات الغذائية.
لأؤكد لكم أن الطلب يرتفع على ما ننتجه، وأن القطاع واعد، بدأنا التعامل مع 5 صيدليات خلال بداية شهر غشت الجاري، واليوم قفز العدد إلى 30 صيدلية بمختلف المدن الكبرى.
كما أننا بدأنا خلال عام 2023 قبل انطلاق إنتاج أول قطرة بالتعاون مع 21 فلاحا الذين يتوفرون على الرخص، ثم ارتفع العدد إلى 180 فلاحا، ونتوقع بالنسبة لنا داخل الوحدة الصناعية "بيو كنات" أن يتضاعف العدد خلال العام القادم.
* هذه الأرقام مبشرة. ماذا عن التحديات؟
أعيد وأكرر أن المنطقة وساكنتها كانت تحتج للإحساس بالأمان، والمستثمرون كانوا في حاجة للثقة، اللذان يعدان عاملان رئيسيان وأساسيان منحهما العفو الملكي لكل هؤلاء.
كان هذا هو التحدي الأكبر. أما باق الأمور سوف تأتي مع تطور القطاع وحجم تأثيره على كل مناحي الحياة بالأقاليم المعنية.