صورة: رشيد التنيوني
قال رئيس الهيئة الوطنية للمعلومات المالية، جوهر النفيسي، بمناسبة التوقيع على اتفاقية التعاون بين رئاسة النيابة العامة والهيئة الوطنية للمعلومات المالية في مجال محاربة غسل الأموال وتمويل الارهاب، إن "الاتفاقية المزمع توقيعها اليوم تهدف بالأساس الى وضع إطار للتعاون والتنسيق بهدف ضمان التبادل السريع للمعلومات المتعلقة بجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب وكذا الجرائم الأصلية ذات الصلة بالإضافة الى وضع أسس لشراكة فعالة في مجال التكوين والتحسيس وتعزيز التنسيق والتشاور وتقييم مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب والحد منها".
وأضاف النفيسي في كلمته، اليوم الخميس، أن هذا "التنسيق بين المؤسستين ليس وليد اليوم، فبالإضافة الاختصاص المنصوص عليه في القانون رقم 05-43 والمتعلق بإحالة الملفات من طرف الهيئة الوطنية على النيابة العامة المختصة، تعتبر هذه الاتفاقية اليوم تتويجا للدينامية الحثيثة والمضطردة التي أصبح يعرفها التنسيق الوطني خاصة مع السلطات القضائية، والذي تعزز منذ انطلاق عملية التقييم المتبادل للمنظومة الوطنية في مارس 2018".
وأوضح المتحدث ذاته، أن "المنظومة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب عرفت خلال الأربع سنوات الأخيرة طفرة نوعية كان لها أثر جد إيجابي في مجال الملاءمة مع المعايير الدولية ذات الصلة وذلك باعتراف خبراء مجموعة العمل المالي باعتبارها الهيئة الدولية المختصة في مجال وضع المعايير الدولية ذات الصلة ومراقبة احترامها من طرف الدول وكذا مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي يعتبر المغرب عضوا مؤسسا لها منذ سنة 2004".
وتابع: أن "ورش التعديلات التشريعية والتنظيمية التي تم تتويجه بنشر القانون رقم 18-12 بتغيير وتتميم القانون الجنائي والقانون رقم 05-43 المتعلق بمكافحة غسل الأموال بالجريدة الرسمية في يونيو 2021، قد ساهم في تعزيز الالتزام الفني بالتوصيات والمعايير الصادرة عن مجموعة العمل المالي، وهو ما يجسد على أرض الواقع الالتزام السياسي الذي عبرت عنه السلطات المغربية لتنفيذ خطة العمل المتفق عليها مع مجموعة العمل المالي وتدارك أوجه القصور التي أثارها تقرير التقييم المتبادل".
ولفت إلى أنه "القانون الجديد قد كرس المقاربة الوقائية التي تقتضي تعزيز التدابير الاحترازية وتعميم النهج القائم على المخاطر بهدف تحصين الأسواق والمؤسسات المالية ومنع استغلال الأشخاص الاعتباريين والمنظمات غير الهادفة للربح لأغراض غير مشروعة أو إخفاء العائدات المتحصلة من الجريمة، كما غطى هذا القانون الجديد إحدى الثغرات التي كانت تعتبر استراتيجية في المنظومة الوطنية وتتعلق بإحداث آلية قانونية وإجرائية لتنفيذ قرارات مجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة المتعلقة بالعقوبات المالية المستهدفة الخاصة بالإرهاب وانتشار التسلح وتمويلهما".
وذكر أنه "قد تم إصدار العديد من النصوص التنظيمية توخيا للفعالية المنشودة لعل من أهمها المرسوم المتعلق بتوسيع نطاق الاختصاص الترابي للنظر في قضايا غسل الأموال ليشمل محاكم الدار البيضاء وفاس ومراكش، بعد أن كان الاختصاص منحصرا في المحكمة الابتدائية بالرباط، والمرسوم المتعلق بالهيئة الوطنية للمعلومات المالية الذي ينص على توسيع التمثيلية في مجلسها ليشمل جميع الإدارات والمؤسسات المعنية بمكافحة غسل لأموال وتمويل الإرهاب والجرائم الأصلية وعلى رأسها رئاسة النيابة العامة".
وأكد أن "رئاسة النيابة العامة ساهمت بفعالية في ورش يكتسي أهمية بالغة بل يعتبر العمود الفقري لتوصيات مجموعة العمل المالي، ألا وهو ورش التقييم الوطني لمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب، حيث تتولى رئاسة النيابة العامة الإشراف على فريق عمل من ضمن فرق العمل الموضوعاتية الأربعة المحدثة لهذا الغرض وهو الفريق المكلف بتحديد مخاطر غسل الأموال. فبعد التقرير الأول لمخاطر غسل وتمويل الإرهاب المعتمد في أبريل 2019، أنجزت بلادنا تقريرها الثاني لمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتم اعتماده من طرف الحكومة في أبريل 2022".
وأبرز أن "المنظومة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب لقد عرفت تطورا نوعيا في الآونة الأخيرة حيث استطاعت بلادنا رفع درجات الالتزام الفني بتوصيات مجموعة العمل المالي لتصبح ملتزمة ب 34 توصية من أصل 40، وذلك خلال الاجتماع العام الأخير لمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا المنعقد بالمنامة في ماي 2022 وهذا راجع أساسا للإصلاحات القانونية والمؤسساتية والإجرائية التي تمت خلال السنوات الأربع المنصرمة".
وأشار إلى أن "هذه الاتفاقية الهامة التي نبرمها اليوم تعتبر تكريسا للتعاون الوثيق وتتوجا لمسار حافل من العمل المشترك بين المؤسستين، كما أن من شأنها أن تعزز الشراكة الاستراتيجية بينهما خدمة للأهداف المتمثلة في محاربة الجريمة المالية المنظمة وتلبية المتطلبات الدولية في هذا المجال. بالمقابل فإن تفعيل مقتضياتها يستدعي منا مزيدا من التعبئة لرفع التحديات ومواكبة التطورات التكنولوجية السريعة، ونهج سياسة استباقية لمحاربة هذا النوع من الجرائم، وهو ما من شأنه أن يوفر الحماية والمناعة اللازمتين للاقتصاد الوطني، وأن يعزز الثقة في نظامنا المالي وأن يساهم في تحسين مناخ المال والأعمال، وذلك تنفيذا للتوجيهات الملكية".