انتخب أول أمس السبت في الناظور، النقيب عمر ودرا، البالغ من العمر58 عاما، رئيسا لجمعية هيئات المحامين بالمغرب، لولاية مدتها ثلاث سنوات. وفي أول حوار له بعد انتخابه، يتحدث النقيب عمر ودر، ابن بلدة مير اللفت (سيدي إفني)، والنقيب السابق لهيئة المحامين بالدار البيضاء، عن برنامج عمله، وخاصة مشاريع القوانين المتعلقة بالمسطرة الجنائية والمسطرة المدنية والقانون المتعلق بمهنة المحاماة، واستقلالية النيابة العامة وغيرها من القضايا.
كيف جاء انتخاب النقيب عمر ودرا رئيسا لجمعيات هيئات المحامين بالمغرب؟
أولا، ترشيحي تم من قبل هيئة المحامين بالدار البيضاء، والتي غابت لمدة 21 سنة عن رئاسة الجمعية. وقد سبق لهذه الهيئة أن تشرفت برئاسة الجمعية بواسطة نقباء أجلاء أمثال النقيب المعطي بوعبيد رحمه الله والنقيب عبد العزيز بنزاكور والنقيب إبراهيم السملالي وغيرهم، والتي كانت فترات رئاستهم متميزة.
ثانيا، طموحي الشخصي المشروع كغيري من النقباء المترشحين. وقد شهدت هاته الانتخابات المهنية تنافسا شريفا بين أربعة نقباء لهم مكانتهم المهنية، سواء على الصعيد المحلي أو الوطني.
كانت حملة قوية بينك وبين النقباء الثلاثة المتنافسين على رئاسة الجمعية، لكن كيف استثمرها النقيب ودرا لصالحه؟
لقد قمنا بزيارات لجميع نقابات هيئات المحامين بالمغرب الأربعة عشر من أصل سبعة عشر، باستثناء هيئات أكادير وتطوان ومكناس، لأن العرف يقتضي منا عدم القيام بهاته الزيارات في الهيئات التي ترشح نقيبا عنها ليشغل نفس المنصب.
لكن من دعمك في الدور الثاني لظفر برئاسة جمعية هيئات المحامين بالمغرب؟
النقيب الموساوي من هيئة المحامين بتطوان هو من ساندني.
وعلى ما ركز النقيب ودرا في برنامج حملته للظفر برئاسة جمعية هيئات المحامين بالمغرب؟
أنا شخصيا لم يسبق لي أن شاركت كمرشح في الاستحقاقات الانتخابية العامة، وكرست كل جهدي طيلة 23 سنة للمهنة والشأن المهني. وركزت على ما ينتظرنا من مشاريع القوانين، وخاصة ما يتعلق بالمسطرة الجنائية والمسطرة المدنية والقانون المنظم لمهنة المحاماة، وكافة المشاريع التي ستطرح في الشهور القادمة.
وسنعقد ندوات لمناقشة هذه المشاريع لما لها من ارتباط بحقوق الدفاع وحقوق الإنسان بصفة عامة، فيها ما يتعلق بالمسطرة الجنائية وحقوق الدفاع والولوج المستنير للعدالة، وكذا بالنسبة لقانون المسطرة المدنية، وبطبيعة الحال القانون المنظم لمهنة المحاماة لما له من أهمية بالنسبة لمحامين والمواطنين بصفة عامة.
ما هي ملاحظاتكم بخصوص مشاريع هاته القوانين؟
لاحظنا بالنسبة لمسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية، أن هناك تراجعات بالنسبة لحقوق الدفاع على اعتبار أن قانون المسطرة الجنائية هو قانون الأبرياء كما يقال، والذي يجب أن يحافظ على حقوق كل مشتبه فيه.
كما أن مسودة قانون المسطرة المدنية فيه تضييق على مجال تدخل المحامي لفائدة المواطن، وهو ما أطلقنا عليه الولوج المستنير للعدالة بالنسبة للمواطن المغربي في بداية هذا القرن.
أما فيما يتعلق بالقانون المنظم لمهنة المحاماة، فأعتقد أنه يتطلب مراجعة لتوضيح بعض الأمور، خاصة ما تعلق منها بولوج مهنة المحاماة واختصاصات المحامين وحصانة الدفاع، وغيرها من القضايا التي تستوجب تعديلات على القانون الحالي.
وسنعقد ندوات ستصدر عنها توصيات ستطرح على الجهات المختصة، وخاصة وزارة العدل والحكومة بصفة عامة، وكذلك أثناء مناقشتها أمام البرلمان.
ما دمت تتحدث عن مهنة المحاماة، في السنوات الأخيرة تثار مسألة تخليق المهنة بالنظر لما يرصد من مظاهر مشينة يشكو منها المتقاضون ضد محامين؟
اعتقد أن هناك مبالغة في هذا الطرح على اعتبار أن مجالس هيئات المحامين أصبحت تحمل مسؤوليتها فيما يتعلق بالتخليق. والدليل على ذلك العشرات إن لم نقل المئات من المقررات التأديبية التي تصدرها الهيئات في حق المنتسبين إليها. وقد انخرطت فعلا في هذا الورش التخليقي، الذي انخرطت فيه بقية المهن القضائية.
بعد شهور على استقلالية النيابة العامة عن وزارة العدل أثيرت ملاحظات حول الموضوع...؟
رأيي الشخصي أن استقلالية السلطة القضائية بصفة عامة كان مطلبا لجمعية هيئات المحامين بالمغرب منذ تأسيسها عام 1960، وأن هذا المطلب قد تحقق بعد دستور 2011، فأصبحت لدينا سلطة قضائية برئاسة الرئيس المنتدب لمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئيس النيابة العامة.
وأعتقد أنه من غير المقبول أن نصدر أحكاما مسبقة على تجربة كانت أولا مطلبا للشعب المغربي، وكذا جمعية هيئات المحامين بالمغرب، وهي في بدايتها.
ولذلك، فيجب أن نترك للتجربة مدة معينة لحلكم عليها. وفي اعتقادي أنها ستكون ولاشك ناجحة. وإذا كان هناك ما يستوجب أن نقول فيه رأينا للمساهمة في إنجاح هاته التجربة سندلي برأينا.
بطبيعة الحال، نحن كجمعية هيئات المحامين بالمغرب، سنمد يدنا كما كان أسلافنا لكل مكونات العدالة من سلطة قضائية ونيابة عامة ووزارة العدل.
في كل انتخابات للرئاسة تثار مسألة يتداخل فيها الموقف السياسي بمواقف الجمعية. هل من ضمانات لترك المسافة بين السياسي والمهني؟
أؤكد لك بأن شغلي الشاغل هو المجال المهني. أما الخيارات السياسية لمنتمين لمكتب جمعية هيئات المحامين بالمغرب فلن يؤثر على هذا الانشغال.
وأنا شخصيا أؤكد لك بأني على مستوى جمعية هيئات المحامين بالمغرب ما يهمني هو خدمة المهنة من داخل هاته المؤسسة العتيدة.
ولن يستطيع أي كان أن يفرض علينا مواقفه السياسية كيفما كانت، إلا إذا كانت في صالح المهنة والمهنين. كما أؤكد لك بأني لم أهتم بالمجال السياسي منذ زمن ليس بقريب لأسباب خاصة.
إنني أحترم الانتماءات السياسية لكل مواطن، سواء أكان محاميا أو غير محام، لكن مع الأسف الشديد البعض يسعى للتشويش على هاته التجربة التي لم تبدأ بعد.
سأكون في خدمة المهنة، ومن خلالها في خدمة المواطن المغربي وحقه الدستوري، بل الطبيعي في الولوج المستنير لعدالة في هذا القرن.