12 ألف كيلومترا، قطعها مغربيان مغامران، أحدهما من ذوي الاحتياجات الخاصة، في رحلة قادتهما من ليون الفرنسية يوم 19 يونيو الماضي، وصولاً إلى مدينة غوانزو جنوب الصين، واستعان المغربيان في رحلتهما بدراجة هواية ثلاثية العجلات تعمل بالطاقة الشمسية والجهد البدني.
يوسف الهواس (50 سة) ومحمد سعيد الجباري (37 سنة) اختارا أن تكون لانطلاقتهما دلالة رمزية، حين اختارا تدشين المغامرة من أمام ضريح الرحالة النمغربي ابن بطوطة في طنجة يوم 8 يونيو الماضي. وكان رحلتهما ضمن مجموعة كبيرة من المغامرين، الذين استجابوا لدعوة جمعية فرنسية تحمل اسم "رحلة الشمس" (swntrip) ، تنظم سنويا رحلات انطلاقاً من فرنسا، نحو مختلف بقاع العالم، عبر الاستعانة بالدرجات التي تعمل بالطاقة الشمسية.
والرغم من بعد المسافة والصعاب التي اعترضتهما أثناء عبور العديد من البلدان، تمكن المغربيان، من مواصلة الرحلة، خلافاً لعدد من المغامرين من جنسيات أخرى، الذي فضلوا التوقف والانسحاب من المغامرة في محطات مختلفة منها، حسب ما اطلع عليه "تيل كيل عربي" في موقع الجمعية الرسمي وحسابها على "فيسبوك"، الذي كان يتشارك فيه المغامرون يومياتهم خلال الرحلة.
ومن بين الدول التي مر عبر ترابها المغامران المغربيان، نجد، سويسرا وإيطاليا وسلوفينيا وكرواتيا وصربيا وبلغاريا وتركيا وجورجيا وأذربيجان وكازخستان، ليصلا إلى الصين بعد قطع مسافة 12 كيلومتراً.
يقول الهواس، وهو مصمم الدراجة ثلاثية العجلات، التي تعمل بالطاقة الشمسية، وأطلق عليها اسم "ابن بطوطة": "الرحلة كانت صعبة وشاقة، إذ واجهتنا الكثير من الصعوبات خلال مرورنا بعدة بلدان، وخاصة سوء الأحوال الجوية، أمطار غزيرة وحرارة مفرطة ورياح قوية، ومخاطر الطريق، خاصة حالة بعض الطرق والسير جنبا إلى جنب مع الشاحنات الكبيرة".
وأضاف، في معرض حديثه عن الصعوبات والمخاطر، "كنا نسير أحيانا جنبا إلى جنب مع الشاحنات الكبيرة، وأي حركة خاطئة من جهة سائقيها أو من جهتنا كانت عواقبها ستكون وخيمة، خصوصا في أنفاق تركيا وجورجيا التي تجاوزت مسافاتها أربعة كيلومترات".
وفي كازخستان، يتابع الهواس، "كان عبور الصحراء جد صعب جراء الحرارة المفرطة، وعدم وجود قرى أو أماكن للتزود بالماء والغذاء لمسافات تزيد عن 380 كلم، كما اضطررنا إلى قطع ما يزيد عن 400 كلم في طريق غير معبدة ورملية، كان التقدم فيها عسيرا وخطرا"، علاوة على المبيت أحيانا في الخلاء في أماكن تكثر فيها الأفاعي والعقارب.
وعن المسافة التي كانا يقطعانها يوميا بالدراجة ثلاثية العجلات التي تعمل بالطاقة الشمسية، قال إنها تتغير بحسب الطقس والتضاريس ولا تتعدى 220 كلم في اليوم، بحيث أن معدل السرعة في الأراضي المنبسطة يصل إلى 35 كلم في الساعة، وقد يصل إلى 8 كلم أثناء الصعود في الجبال.
وأوضح أنه في بداية اللحاق "كان هناك 42 مشاركا وأربع دراجات فقط مصنعة يدويا، بينها دراجتان فرنسيتان لم تستطيعا إتمام اللحاق واضطرتا للانسحاب، ولم يتبق سوى دراجتي ودراجة أحد المتسابقين التشيك اللتين ستكملان اللحاق، أما باقي الدراجات فأغلبها تجارية أضيفت إليها الألواح الشمسية ".
وأشار المغامر المغربي، إلى أنه بمعية صديقه محمد سعيد الجباري، الذي أصيب بشلل الأطفال في صغره والذي أبلى بلاء حسنا خلال الرحلة من خلال استخدام يديه بدل رجليه، قطعا مسافة الرحلة لوحدهما إلى أن بلغا مدينة شيان (شمال غرب الصين) حيث التقيا بمجموعة من الفرنسيين، وقررا حينها إتمام ما تبقى من الرحلة معهم (حوالي 2500 كلم).
وأضاف أنهما سيظلان يحتفظان بذكريات جميلة عن هذه الرحلة "بالنسبة للجانب الاجتماعي، كان سكان البلدان التي نمر بها يخصونا بالترحاب والكرم، وفي أغلب الأحيان كان الفراق جد صعب بمشاعر سنتذكرها ما حيينا.. الكرم لا دين له".
وأكد أن قوانين الرحلة كانت جد صارمة بحيث أن منظميها، وجلهم من المهتمين بالتحسيس بخطر التلوث، والداعين إلى استعمال الطاقات النظيفة من أجل الحفاظ على مستقبل كوكب الأرض، "حددوا لنا مساحة الألواح الشمسية بحيث لا ينبغي أن تتجاوز 2.5 مترا مربعا، لكي يظل التحدي تقنيا ورياضيا في نفس الوقت".
وأضاف الهواس أن المنظمين، الذين يهدفون من وراء هذه التظاهرة إلى التشجيع على استعمال الطاقة الشمسية، وربما التأسيس للحاق على شاكلة "رالي باريس – دكار" لكن باستخدام آليات تعمل بالطاقة الشمسية، زودوا المشاركين بأجهزة تحديد المواقع (جي بي إس) "لكي يتمكنوا من تتبعنا والتأكد من المسارات التي نسلكها، ومن أنه ليس هناك غش، وأننا أتممنا السباق، علاوة على أن قانون الرحلة يمنع علينا الاستفادة من أية مساعدة، إذ كان ينبغي علينا تدبر أمورنا بمفردنا، من تخطيط للمسار الذي سنسلكه وأكل ومبيت وغير ذلك".
حقق يوسف الهواس وسعيد الجباري، هذا الأخير كان الوحيد من ذوي الاحتياجات الخاصة المشارك في اللحاق، إنجازا غير مسبوق، بالوصول إلى الصين، على متن دراجة تعمل بالطاقة الشمسية، من ابتكار وصنع مغربي.