يستعين بعض المهاجرين، خاصة الذين رفضت طلبات لجوئهم في إيطاليا، بقطارات شحن البضائع القادمة من إيطاليا للدخول إلى ألمانيا، حيث يتسلقون تلك القطارات خلال سيرها، وهو ما يشكل خطورة على حياتهم. الشرطة الألمانية تحذر من خطورة الطريق وتشدد الرقابة على الحدود.
أمام سائق الرافعة أفضل إطلالة على سكك القطارات، فهو يرى قطارات شحن البضائع التي تأتي من جميع أنحاء العالم، والتي يتم تحميلها أو تفريغ حمولتها هنا بواسطة الرافعات الكبيرة. لكنه يلاحظ بعض الحركات والأشخاص الذين لا يتناسبون مع البيئة هنا في مدينة فايل على نهر الراين، التي تقع في ولاية بادن فورتمبيرغ على الحدود الألمانية-السويسرية، والتي تعتبر واحدة من أكبر محطات الشحن في أوروبا.
وليس السائق فقط، بل إن الشرطة الاتحادية أيضاً تلاحظ اتجاهاً خطيراً في الفترة الأخيرة، وهو أن بعض اللاجئين يتسلقون قطارات الشحن في إيطاليا ليصلوا عن طريقها إلى ألمانيا عبر سويسرا.
يقوم قائد الشرطة كارستن لوبر مع زملائه هنا بإلقاء نظرة عن كثب، حيث تقوم الشرطة الاتحادية بدوريات على طول السكك الحديدية، وتقوم بتفتيش قطارات الشحن الدولية وخاصة الحاويات التي يتم تحميلها في تلك القطارات من مختلف المناطق حول العالم، آخذة بعين الاعتبار الطرق التي قد يستخدمها اللاجئون للاختباء في القطارات.
"ظاهرة مقلقة"
يقول قائد الشرطة: "إنها ظاهرة تقلقنا"، فولاية بادن فورتمبيرغ هي أكثر ولاية ألمانية تُلاحَظ فيها هذه "الظاهرة"، حيث يتسلق المهاجرون قطارات الشحن في شمال إيطاليا، ويعبرون سويسرا وصولاً إلى ألمانيا بعد أن يكونوا قد قطعوا أكثر من 400 كيلومتراً.
وتعتبر مدينة فايل أم راين، المدينة الواقعة في المثلث الحدودي بين ألمانيا وسويسرا وفرنسا، المحطة الأولى بعد الحدود الألمانية السويسرية. وهنا في الغالب يتم القبض على اللاجئين.
تقول كارولين ديتريش من الشرطة الاتحادية: "في العام الماضي لم يكن هناك سوى عدد قليل من حالات كهذه في بادن فورتمبيرغ"، لكنها تشير إلى أن الأعداد بدأت بالازدياد مع بداية العام الحالي، وتتابع: "في النصف الأول من عام 2018 قمنا في بادن فورتمبيرغ فقط بإيقاف 254 مهاجراً وصلوا إلى ألمانيا عن طريق قطارات الشحن"، ما يعني أن العدد كان شهرياً أكثر من 40 مهاجراً.
ولا تقتصر هذه "الظاهرة" على ولاية بادن فورتمبيرغ فقط، بل إنها توجد في ولاية بافاريا الألمانية والنمسا أيضاً، إلا أن أعداد المهاجرين الذي يستعينون بقطارات الشحن قد انخفض بشكل ملحوظ في هذه المناطق، وذلك بفضل ضوابط أكثر صرامة عند مغادرة القطارات من مدينة فيرونا الإيطالية من قبل السلطات.
تقول ديتريش إن اللاجئين يستخدمون كل الطرق من أجل الوصول، لكنها تشير إلى أن استخدام قطارات الشحن ازداد في الفترة الأخيرة لأنها بديل عن الطرق الأخرى التي ازدادت المراقبة فيها، وهذا ما يشكل تحدياً للشرطة الاتحادية.
مخاطر عديدة
في الدورية التي توجد فيها ديتريش تم تعزيز الضوابط على الحدود، بما في ذلك استخدام طائرات الهليكوبتر والقوات الخاصة. تقول ديتريش: "نظراً للمخاطر التي تهدد حياة المهاجرين الذين يستقلون قطارات الشحن، فإن درء هذه الأخطار يعتبر أولوية للشرطة الاتحادية".
وتشير الشرطية إلى أن تركيز الشرطة هو على سهل الراين، شمال مدينة بازل السويسرية، والذي يشهد أكبر حركة لقطارات شحن البضائع في أوروبا.
يقول موظف بالسكك الحديدية: "أحياناً نرى بعض الأشخاص يقفزون من القطارات أثناء القيادة ببطء أو أثناء التوقف"، مشيراً إلى أن بعضهم يتعلق بالمحور الذي يربط عجلات القطار في الأسفل، أو يختبئ في عربات تحميل البضائع، مضيفاً أنهم عندما يرون هؤلاء الأشخاص يتصلون بالشرطة الاتحادية المسؤولة عن حماية الحدود.
تقول ضابطة الشرطة كاتارينا كيسلر: "إن المخاطر كثيرة". وكمثال على ذلك، تذكر الأسلاك الكهربائية فوق خطوط القطارات والتي يبلغ التوتر الكهربائي فيها 15000 فولت. وبتوتر عالٍ كهذا فإن موت الشخص الذي يلامسها غالباً ما يكون محتماً. تقول كيسلر: "أحياناً حتى الاقتراب منها قد يكون قاتلاً"، حيث يمكن أن يصل تأثير الكهرباء حتى مدى متر ونصف، وبالتالي فإن هنالك خطر قاتل.
وبالإضافة إلى ذلك، هناك مخاطر اعتيادية ترافق حركة القطارات، مثل القطارات السريعة التي تسير على مسارات متجاورة، أو التحويلات، فضلاً عن خطر سقوط الأجسام المرتفعة، أو انزلاق البضائع وسقوطها على شخص تحتها، فالبضائع عادة ما تكون ثقيلة بالأطنان، ويمكن أن تكون مميتة إذا سقطت على الأشخاص.
غالبيتهم من إفريقيا
تقول ديتريش من الشرطة الاتحادية: "نحن متفاجئون من أنه لم يحدث أيّ شيء حتى الآن، فهناك حالات يجلس فيها الناس لساعات في مساحات بالسنتيمترات أو يختبئون في تجاويف تحت القطار أو يجلسون فوق العجلات مباشرة"، مشيرة إلى فداحة هذه الأخطاء والتي قد تؤدي إلى حوادث مميتة، خاصة وأن بينهم أطفال ونساء حوامل أحياناً.
ووفقاً للشرطة فإن الغالبية العظمى من أولئك المهاجرين هم من إفريقيا، حيث يكون العديد منهم قد قدّموا طلبات اللجوء في إيطاليا.
وتعتبر مهمة إنقاذ أولئك الأشخاص أمراً خطيراً بالنسبة للشرطة أيضاً. تقول كيسلر: "غالباً ما يجب علينا إيقاف حركة مرور القطارات وإغلاق المحطات وإيقاف تشغيل خطوط الكهرباء"، وإلا فإن التداعيات ستكون خطيرة جداً بالنسبة للمهاجرين والشرطة على حد سواء.
تقول ديتريش: "نبذل قصارى جهدنا للحد من الهجرة بهذه الطريقة أو منعها". ومن أجل ذلك يجب تشديد الضوابط على الحدود. ولهذا السبب تعمل الشرطة الاتحادية مع السلطات في إيطاليا وسويسرا. تقول الشرطية: "رسالتنا واضحة وهي أنه لا يجب أن يكون أحد منهم في قطارات البضائع أو على السكك الحديدية.
بالاشتراك مع الدوتشي فيلي