رحل في الساعات الأولى من صباح اليوم الثلاثاء، عن عالمنا والي الأمن، عبد الحق الخيام، الذي شغل مسؤولية مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية سابقا (البسيج)" بعد صراع مع المرض عن سن 64 عاما.
قدراته التواصلية التي أبرزت الجهود الأمنية في محاربة الخلايا الإرهابية، وتفكيك شبكات الاتجار في المخدرات، والعمليات الإجرامية الكبرى، جعلته المطلوب الأول عند الصحافيين، لذلك عادت "تيلكيل عربي" إلى زملاء حاوروا الراحل.
سعة صدره أثناء الحوار
في هذا الصدد، قال الصحفي عبد الله الترابي، ومقدم برنامج حديث مع الصحافة على القناة الثانية، في شهادته حول الراحل عبد الحق الخيام، "استضفته لأول مرة سنة 2017، حينما كان على رأس "البسيج"، وكانت فرصة للعودة معه إلى أحداث 16 ماي 2003 التي يعرفها جيدا بحكم اشتغاله عليها، وأيضا تطرقنا في حواري معه للتهديدات الإرهابية، ووصفة التحصين منها".
وأضاف الإعلامي في تصريح لـ"تيلكيل عربي"، أن "جميع من اشتغل معه أو حاوروه من الزملاء، يُجمعون على عدة خصال فيه، منها سعة صدره أثناء الحوار، وذاكرته القوية، والمعرفة الكبيرة بالمسائل الأمنية، بحكم تجربته الطويلة".
تبسيط المعلومة الأمنية
وأبرز المتحدث ذاته، أن "الخيام له قدرة كبيرة على تبسيط الأمور المعقدة، وذلك راجع إلى ما كان يتمتع به من حس شعبي، إذ يتحدث بلغة عربية سليمة، وبدارجة قريبة للمواطنين، فكان يبسط الأمور في قضايا ليست سهلة متعلقة بالأمن ومحاربة الإرهاب، مما يجعل المعلومة تصل بشكل كبير إلى المواطن".
ولفت الترابي إلى أنه "كان أيقونة ورمزا لجهاز "البسيج" الذي يُعد جزء من المعادلة الأمنية، وأعطى وجها جديدا للمسؤول الأمني القريب من المواطنين وأكثر إنسانية وقربا من الإعلام، والشفافية في سرد المعطيات، بذلك كان نموذج حي تُخالف الصورة السابقة للأمن في المغرب".
وأبرز أن "عبد الحق الخيام إلى جانب مساره المهني الكبير، له خصال إنسانية كبيرة، نابعة من كونه ولد الشعب، وبسيط، وله روح مرحة، ويحب النكتة والدعابة، وخزان كبير للطرائف، وكان مطلوبا لدى الصحافيين والمحاورين".
متحدث بارع ومفوه
الصحفي في أسبوعية الأيام، محمد كريم بوخصاص، أوضح أنه "من الناذر أن تجد مسؤولا أمنيا متحدثا بارعا ومفوها، نظرا لحساسية مهمتهم التي تفرض عليهم الصمت الدائم، لكن بالنسبة لعبد الحق الخيام كان الأمر مختلف".
وأضاف الدكتور بوخصاص في تصريح لـ"تيلكيل عربي": "منذ تأسيس المكتب المركزي للأبحاث القضائية في مارس 2015، والذي ترأسه باقتدار إلى حين اشتداد المرض عليه في 2021، كان دائم الحضور في وسائل الإعلام وحريصا على تنظيم ندوات صحافية كلما باشر المكتب التحقيق في قضية أمنية كبرى مرتبطة بالإرهاب والتهريب الدولي للممنوعات، ضمن توجه الانفتاح الذي تنهجه إدارة الأمن الوطني".
ثقافة واسعة خاصة في مجال الاقتصاد
وتابع المتحدث ذاته: "شخصيا حاورت الراحل في أكتوبر 2017 لقرابة الساعتين في مكتبه، فتفاجأت بثقافة الرجل الواسعة، خاصة في مجال الاقتصاد، والذي جاء ربما من تكوينه الجامعي المتخصص في تسيير المقاولات والذي انتهى بحصوله على دبلوم الدراسات المعمقة قبل ولوجه سلك الأمن، وأيضا من إشرافه على التحقيق في جميع القضايا المالية الكبرى التي عرفتها المملكة في العقود الأخيرة، مثل اختلالات "بنك السياش" و"القرض الفلاحي" و"البنك الشعبي" و"ملف المطاحن"".
وأورد بوخصاص أنه "من الصور التي أحتفظ بها عن الرجل، حنكته في الرد على الأسئلة الحارقة والشائكة رغم حساسية منصبه، حيث كان يمتلك قدرة على معرفة حدود ما يجب أن يقال وما لا يجب أن يذاع، ولعل ذلك كان أحد مقومات نجاح الرجل الذي لم يكن يخفي الصرامة والجدية المطلوبتين في مسؤول أمني رفيع حتى عندما يتحدث عن نفسه وماضيه".
عشق مهنته ومتواصل
كوثر زكي، الصحفية بموقع "سيت أنفو"، رجعت بذاكرتها إلى يوم إجرائها حوارا مع الراحل عبد الحق الخيام، قائلة: "قمت سنة 2018 بإجراء حوار مصور مع الراحل مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية حينها، حول تهديدات الجزائر و"البوليساريو" وحزب الله للمغرب".
وذكرت في تصريح لـ"تيلكيل عربي" أنه "كان لدي في البداية تخوف كبير من الحوار بسبب رهبة الوقوف أمام شخصية أمنية كبيرة، لكني تفاجأت بأنه إنسان طيب وخلوق ومتعاون ومتواصل".
وشدّدت على أنه "خلال حواري معه لأزيد من ساعة لم أحس بالملل، لأنه كان يحرص على تقديم تفاصيل دقيقة عن مجال عمله وبلغة سلسة ومفهومة".
وأشارت إلى أن "الخيام لمست فيه من خلال هذا الحوار عشقه لمهنته رغم صعوبتها ودقتها وحساسيتها".