رسائل متعددة الاتجاهات.. "PJD": المعارضة متخاذلة والحكومة تعمّق الاختناق الديمقراطي

بشرى الردادي

في بلاغ سياسي شديد اللهجة، خرجت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، مساء يوم أمس الاثنين، بمواقف متقاطعة داخليا وخارجيا، متهمة أحد أحزاب المعارضة بالتخلي عن التزاماته بشكل "مشبوه"، ومنتقدة، بشدة، ما وصفته بسياسات الحكومة القائمة على المحاباة والتحكم، لاسيما فيما يتعلق بدعم الفلاحة والإعلام. كما عبر الحزب عن خيبة أمله من نتائج القمة العربية ببغداد، في ظل استمرار عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، مؤكدا دعمه المتواصل للموقف الشعبي المغربي المناصر للقضية الفلسطينية.

معارضة متواطئة

واتهمت الأمانة العامة، في بلاغ توصل "تيلكيل عربي" بنسخة منه، أحد أحزاب المعارضة، بـ"التنصل بطريقة مشبوهة وغير مسؤولة من التزامه مع باقي أحزاب المعارضة بتقديم ملتمس الرقابة ضد الحكومة، واختبائه وراء مبررات واهية للتهرب من مواصلة التنسيق بخصوص هذه المبادرة الرقابية"؛ مضيفة أن هذا السلوك "يذكر بدوره المشبوه في عرقلة تشكيل أغلبية حكومية عقب انتخابات 2016، ومواصلة لعبه لأدوار تضعف وتسفه العمل السياسي، وتربك المسار الديمقراطي، ولا تليق بتاريخه النضالي".

دعم القطيع أولا

من جهة أخرى، دعا "البيجيدي" الحكومة إلى "تسريع الإعلان عن الإجراءات اللازمة والمستعجلة لتنزيل التوجيهات الملكية خلال المجلس الوزاري، المنعقد يوم 12 ماي الجاري، بخصوص عملية إعادة تكوين القطيع"، مشددا على "ضرورة ضمان فعالية ونجاعة وشفافية تدبير الدعم المخصص لهذه العملية".

حرية الصحافة

ونبه الحزب الحكومة إلى "قرب نهاية الولاية الاستثنائية للجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر التي أحدثت بقانون، في أكتوبر 2023، بمدة انتداب محددة في سنتين، وكلفت في حينه بوضع تصور جديد للقطاع والإشراف على الانتخابات بعد انصرام هذه المدة"، داعيا إياها إلى "تحمل مسؤوليتها وإنهاء هذه الوضعية الشاذة والغريبة التي تعمق الشرخ بين المجتمع والصحافة، وذلك باعتبار مسؤوليتها الدستورية في تشجيع تنظيم قطاع الصحافة، بكيفية مستقلة، وعلى أسس ديمقراطية، وعلى وضع القواعد القانونية والأخلاقية المتعلقة به، عوض إسناد هذه المهام للجنة مؤقتة واستثنائية، ضدا على الاختصاصات المقررة دستوريا وقانونيا للتنظيم الذاتي للمهنة".

كما نبهها إلى "خطورة الطريقة التحكمية التي أضحت تطبع تدبير قطاع الصحافة والنشر وطريقة صرف الدعم العمومي له، والتأثير السلبي لكل ذلك على حرية الصحافة والتعبير ودورها في توعية المجتمع والتنبيه للاختلالات"، داعيا إياها إلى "ضرورة الحرص على ضمان عدم المس بحرية التعبير، في إطار ما تسعى إليه من وضع إطار قانوني لتنظيم منصات التواصل الاجتماعي والتطبيقات الرقمية".

تهميش الفلاح البسيط

ومن جملة ما دعاها إليه، أيضا، "ضرورة المبادرة والتعجيل بتنزيل توصيات تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول "الفلاحة العائلية الصغيرة والمتوسطة" لتصحيح الحيف الكبير الذي يعاني منه هذا النوع من الفلاحة والفلاحين"، مستشهدا بما "أكده هذا التقرير الذي أثبت أن السياسات العمومية في مجال التنمية الفلاحية والقروية لم تستهدف بالقدر الكافي والناجع هذا النوع من الفلاحة؛ حيث كشف أن حجم الاستثمارات الموجهة لمشاريع الفلاحة العائلية الصغيرة والمتوسطة لم تتجاوز 14.5 مليار درهم، في حين تم تخصيص حوالي 100 مليار درهم للفلاحة ذات القيمة المضافة العالية، وفي الوقت الذي يشكل فيه هذا النوع من الاستغلاليات الفلاحية 70 في المائة من إجمالي الاستغلاليات الفلاحية، وتوفر فيه هذه الفلاحة فرص الشغل لأزيد من 50 في المائة من الساكنة النشيطة الفلاحية، التي تتكون في معظمها من عاملات وعاملين عائليين، وتشجع على استقرار الساكنة، وتسهم في الحد من الهجرة القروية، وفي تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي للأسر القروية، وتمكن من توفير الدخل لهم عبر تصريف فائض الإنتاج في الأسواق الأسبوعية وأسواق القرب، فضلا عن أدوارها في الحفاظ على النظم البيئية وتعزيز التنمية المستدامة".

الدعم مقابل الولاء

وجددت الأمانة العامة "تنبيه الحكومة -مرة أخرى- لخطورة استغلال أحزابها، وخاصة الحزب الأغلبي، لتوزيع الدعم وللمعطيات المتوفرة عبر برامج الدعم الاجتماعي المباشر، ودعم السكن، ودعم القطاع الفلاحي، ودعم قطاع الصيد البحري…، لأغراض انتخابية وحزبية ضيقة ولا تمت للمصلحة العامة بصلة"؛ حيث عبرت عن "استيائها الكبير من ترسيخ أسلوب الريع والزبونية والحزبية في هذا الدعم، كما عبر عن ذلك، مؤخرا، ما كشفته علنا في اجتماع حزبي كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري من كونها صرفت 11 مليون درهم من الدعم لفائدة عضو من حزبها"، متسائلة "حول مدى احترام معايير المساواة والكفاءة والشفافية في توزيع هذا الدعم".

تشريع بلا توازن

وأعلن "البيجيدي" قراره بـ"إحداث لجنة لليقظة التشريعية، في ظل مسارعة الحكومة إلى تمرير مجموعة من مشاريع القوانين بسرعة غير معقولة، عبر أغلبيتها العددية، ودون مراعاة لاختصاصات البرلمان ولأصول العمل التشريعي".

قمة بلا موقف

من جهة أخرى، نوه الحزب بالرسالة التي وجهها الملك محمد السادس إلى القمة الرابعة والثلاثين لجامعة الدول العربية المنعقدة في بغداد، والتي أكد فيها عاهل البلاد على أن الوضع المأساوي الذي تعرفه الأراضي الفلسطينية، والذي يذهب ضحيته، يوميا، عشرات من السكان المدنيين الفلسطينيين العزل في الضفة والقطاع، يسائل المجتمع الدولي والرأي العام العالمي، حول المعايير الكونية والإنسانية التي يتم التعامل بها مع مأساة الشعب الفلسطيني الشقيق، وما يعانيه من انتهاكات جسيمة لأحكام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، ولكافة مبادئ حقوق الإنسان، داعيا إلى التدخل العاجل لوضع حد للاعتداءات العسكرية الإسرائيلية بالضفة الغربية، خاصة عمليات هدم المنازل، وترحيل السكان الآمنين العزل، والعمل على تأمين استمرار المساعدات الإنسانية، وخاصة المواد الطبية والغذائية، إلى قطاع غزة والضفة الغربية، وعدم عرقلتها لأي سبب كان".

في المقابل، سجل العدالة والتنمية "خيبة أمله من مخرجات القمة العربية التي لم ترقَ، حقيقة، إلى ما تفرضه خطورة المرحلة، في ظل استمرار وارتفاع وتيرة حرب الإبادة الجماعية والحصار والتجويع للشعب الفلسطيني في غزة، مع ما يرتبط بذلك من مآس إنسانية، وعلو الكيان الصهيوني وهجومه على أراضي وسيادة عدد من الدول العربية، في غياب أي موقف أو رد عربي معتبر".