سلطت قصة شابة سعودية فرت من عائلتها وقامت بتعبئة على مواقع التواصل الاجتماعي لجذب الانتباه إلى قضيتها، الضوء مرة على حقوق المرأة في المملكة المحافظة، وظهرت انتقادات تطال نظام "وصاية" الرجال على النساء.
ووصلت رهف محمد القنون (18 عاما) إلى تايلاند الأحد، مؤكدة أنها هربت بسبب تعرضها للعنف الجسدي والنفسي من جانب عائلتها. وقالت إنها تخشى على حياتها في حال تم ترحيلها إلى بلادها.
وتحت الضغوط الناتجة عن الدعم الشديد الذي لقيته الشابة على مواقع التواصل الاجتماعي، قررت بانكوك عدم ترحيلها الى بلادها ما لم تكن راغبة بذلك.
وأثارت دعوات رهف على حساب أنشأته يوم توقيفها في مطار بانكوك انتقادات من جانب سعوديين، وصولا الى تهديدات بالقتل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لكن جدلا حول قوانين الوصاية على النساء بدأ ايضا عبر الانترنت. وطالب عدد من الشبان والشابات السعوديين سلطات بلادهم بإلغاء نظام الوصاية أو "ولاية الرجل" على المرأة.
ويطبق نظام "ولاية الرجل" على المرأة منذ عقود، وينص على حاجة النساء لموافقة الرجال من الأقرباء، الزوج أو الاخ أو الأب أو الابن، للتعلم، وتجديد جوازات السفر، ومغادرة البلاد.
وقال طالب طب سعودي يدعى بندر في شريط فيديو نشره على حسابه على موقع "تويتر"، "هناك قوانين كثيرة أولها الولاية تفرق بين الذكر والأنثى، بحيث تعطي الذكر سلطة تامة على النساء تمكنه من أن يتحكم فيها، ويقوم بالذي يريده، يصفعها.. ما يرغب به، ولا توجد أي جهة تقدر على تخليصها من هذا الشيء".
وبحسب المغرد السعودي، فإن هذا "يجعل البنات يتمنين ترك بلادهن، للعيش في مكان آخر، بعيدا عن الوطن الذي ترعرعن فيه؟ لماذا؟ لأن الحياة هنا تخنقهن".
وانتشرت تغريدات حساب رهف القنون عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بينما انتشر وسم في السعودية بعنوان "#اسقطوا_الولاية_ولا_كلنا_بنهاجر"، الذي استخدمه الكثير من المغردين في السعودية بين مؤيدين ومعارضين سخروا منه بشدة.
وتعرضت القنون لانتقادات شديدة من سعوديين بسبب ما وصفوه بالإضرار بسمعة عائلتها.
ونظام "ولاية الرجل" على المرأة الذي يسمح للرجال بالتحكم بحياة النساء على المستويين الشخصي والعملي، يلقي ظلالا على خطة الإصلاح التي أطلقها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والساعية الى انفتاح اجتماعي وتقديم صورة متسامحة عن الإسلام.
ونفذ بن سلمان إصلاحات عدة في المجتمع والاقتصاد منذ توليه منصبه عام 2017.
وبموجب خطة إصلاح اقتصادي شاملة تحت مسمى "رؤية 2030" تهدف بشكل أساسي الى تنويع الاقتصاد لوقف الارتهان التاريخي للنفط في السعودية، أكبر مصدر للخام في العام، تسعى السعودية أيضا إلى تعزيز دور المرأة في ميدان العمل.
واحتفلت وسائل الاعلام في السعودية في الأشهر الأخيرة بإنجازات عدة لنساء، بينها أول شيف في مطعم وأول سائقة سيارات سباق أو مقدمة برامج رئيسية في التلفزيون.
ومع أنه غير حياة الكثير من النساء، يرى خبراء أن السماح بقيادة السيارات للنساء يبقى إصلاحا شكليا، في ظل بقاء نظام الولاية الذي يمنح الذكور سلطات كبيرة على قريباتهن من النساء.
وتقول الاستاذة في جامعة ووترلو الكندية بسمة مومني لوكالة فرانس برس "الإصلاحات الاجتماعية في السعودية حقيقية للغاية وستحسن الحياة اليومية للنساء".
لكنها أشارت الى أن "نظام الوصاية يبقى قمعيا ويعيق حقوق المرأة وحركتها".
وقد يؤدي تمكين المرأة إلى تغيير في المجتمع السعودي المحافظ للغاية.
ويؤكد بعض المسؤولين أنهم يسعون لتفكيك نظام الوصاية شيئا فشيئا من أجل تجنب رد فعل عنيف من المحافظين.
ومن قصص النساء التي تدل على مساوىء نظام الوصاية، قصص عن سجينات عالقات خلف القضبان بعد انتهاء مدة محكومياتهن بسبب عدم مجيء أقاربهن من الرجال لإخراجهن.
وتروي سيدة سعودية لوكالة فرانس برس أنها غير قادرة على تجديد جواز سفرها بعد أن دخل والدها، وهو الوصي الوحيد عليها، في غيبوبة بعد تعرضه لحادث.
وبحسب مومني، "من الصعب أن يقوم ولي العهد كليا بتفكيك قوانين الوصاية بسبب المحافظين المتدينين الذين يملكون رغبة سياسية في الاحتفاظ بنفوذهم في السعودية التي تشهد تغييرات".
وتضيف "مع ذلك، فإن الضغوطات من شباب مثل رهف الذين يجدون هذه الإصلاحات بطيئة للغاية، قد لا يرغبون بالانتظار، وقد يتحول هذا الى تحد سياسي أكبر من ذاك الذي يشكله المحافظون المتدينون".