زهور الحر: القضاء المغربي بدأ ينتصر للنساء ضحايا العنف

الشرقي الحرش

 في هذا الحوار، تتحدث زهور الحر، رئيسة اللجنة الوطنية للتكفل بالنساء ضحايا العنف، عن مدى مساهمة القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء في الحد من هذه الظاهرة، كما تتطرق للأسباب الكامنة وراء انتشار ظاهرة العنف ضد النساء، وكذا آفاق اشتغال اللجنة التي تترأسها.

بعد مرور أزيد من سنة على دخول القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء حيز التنفيذ، هل ساهم هذا القانون في الحد من العنف ضد النساء؟

يمكن القول على أن القانون 103.13 دخل حيز التنفيذ ابتداء من 17 شتنبر 2018، أي منذ سنة تقريبا، وبالتالي من الصعب أن نقيم أثره في هذه الفترة الوجيزة غير الكافية لملامسة الأثار المترتبة عن هذا القانون، لكن الملاحظ أن الهيئات المعنية بدأت في تنزيل مقتضياته سواء على مستوى المؤسسات الإدارية واشتغال اللجان المحلية والجهوية في الاستقبال والمصاحبة والاستماع للنساء، أو كذلك على مستوى الأحكام الصادرة عن الجهات القضائية، حيث بدأ القضاء في تطبيق الإجراءات الجديدة التي جاء بها هذا القانون، ويمكن أن نذكر على سبيل المثال القرار الصادر عن محكمة الاستئناف بتازة بتاريخ 10 أكتوبر 2019، الذي أدان المتهم بارتكاب العنف في مواجهة الزوجة، كما قضى بمنع الزوج من الاقتراب من الزوجة أو مكان تواجدها أو التواصل معها، رغم أن الزوجية لازالت قائمة بين الطرفين.

 كما قضى هذا القرار بإحالة الجاني على العلاج النفسي لمدة سنة، وهذه الإجراءات هي من المقتضيات الجديدة التي جاء بها هذا القانون، كما أن المحكمة الابتدائية بوجدة أًصدرت حكما بإدانة الزوج بارتكاب جريمة الضرب والجرح في حق الزوجة رغم تنازلها عن الشكاية، وإحالته على العلاج النفسي كإحدى التدابير الحمائية.

كما أن المحكمة الابتدائية بوجدة أصدرت بتاريخ 12 يوليوز 2019 حكما بإدانة شخص، بعد متابعته بتهمة التحرش الجنسي إزاء تلميذة قاصر.

 كل ما سبق يؤكد أن هذا القانون يعتبر آلية مهمة من آليات محاربة العنف ضد النساء، وأنا متأكدة أن هناك عزيمة وإرادة قوية لتطبيق هذا القانون.

تترأسين اللجنة الوطنية للتكفل بالنساء ضحايا العنف، ما هي الملفات التي بدأت هذه اللجنة الاشتغال عليها؟

تم تنصيب هذه اللجنة من طرف رئيس الحكومة بتاريخ 5 شتنبر 2019، أي منذ شهرين فقط، إلا أنها بمجرد تنصيبها أخذت في الاشتغال لمواكبة الدينامية المؤسساتية والحقوقية التي تشهدها البلاد، حيث كثفت اجتماعاتها من أجل توحيد الرؤية والتملك المشترك للقوانين المتعلقة بالعنف ضد النساء سواء منها ما هو دولي و ما هو وطني، كما عملت على إعداد وسائل العمل لتيسير اشتغالها ووضعت دليل عمل لضبط منهجية عملها، كما قامت بمراسلة الجهات المعنية لتجديد الخلايا الموجودة بالمحاكم، وكذلك اللجن المحلية والجهوية لتجديدها وإعادة تركيبتها طبقا للقانون والمرسوم التطبيقي له، كما عملت على الانفتاح على الممارسات الفضلى وطنيا ودوليا، خاصة على المجتمع المدني للاستفادة من تجاربه الناجحة في محاربة الظاهرة.

كما تعمل اللجنة على وضع استراتيجية عمل وبرنامج سنوي خلال سنة 2020، حيث وضعت على رأس أولوياتها تيسير ولوج النساء ضحايا العنف إلى خدمات العدالة والمؤسسات الإدارية لضمان الحماية والوقاية لهن خلال مسار يفضي إلى إعادة الثقة في النفس، وإعادة ادماجهن في محيطهن الاجتماعي.

رغم الحملات التي يتم القيام بها، وارتفاع مستوى التعليم، إلا أن أرقام العنف ضد النساء تظل مرتفعة، ما هي أساب ذلك في نظرك؟

العنف ظاهرة عالمية تمس كل المجتمعات والفئات الاجتماعية. وبخصوص المغرب، يمكن القول أن هناك أسباب عديدة ومتداخلة، منها ما هو اجتماعي ومنها ما هو اقتصادي وثقافي، خاصة أن الموروث الثقافي في جزء منه يكرس دونية المرأة واستعلاء الرجل وعدم المساواة، وعدم تكافؤ الفرص.

هناك تصور نمطي وتمثلات اجتماعية لأدوار المرأة تنشر التمييز وتتسبب في عدم تكافؤ الفرص، مما يتطلب مزيدا من الاشتغال على تغيير العقليات والذهنيات إزاء المرأة وضرورة احترامها واحترام كرامتها من زاوية حقوق الإنسان، وهذا هو الورش الذي سنتشغل عليه من جانب التحسيس وإذكاء الوعي بأهمية المرأة ودورها في المجتمع.

ما هي أفاق اشتغال اللجنة الوطنية للتكفل بالنساء ضحايا العنف؟

نحس أننا لنا آفاق واعدة، لأننا لدينا إرادة مشتركة داخل اللجنة لتنزيل مقتضيات التكفل بالنساء ضحايا العنف، بما فيها الحماية والوقاية والمصاحبة تنزيلا فعليا على أرض الواقع، وكذلك باشراك المجتمع المدني، وخاصة الجمعيات المهتمة بموضوع العنف ضد النساء، وكل الفاعلين والمتدخلين في إطار دعم آلية الاستقبال والايواء والحماية من أجل الحد من هذه الظاهرة.