تواصل الجامعة الملكية المغربية للرياضات الوثيرية، والرشاقة البدنية، والهيب هوب والأساليب المماثلة، كتابة التاريخ بعد عقود من تأسيسها والإيمان بها وبالشباب الذين يمارسون هذه الرياضات، والبحث عن فضاءات مناسبة لتنزيل البرامج المعدة من لدن خبراء هذه التخصصات.
مجلة "TEL SPORT عربي"، وفي سياق انفتاحها على مختلف الأنواع الرياضية، أجرت حوارا مع رئيسة الجامعة الملكية المغربية للرياضات الوثيرية، سلمى بناني، التي سلطت الضوء على رياضة "البريكين" التي اعتمدت في دورة الألعاب الأولمبية بباريس سنة 2024، وأصبحت تحظى باهتمام بالغ من طرف الشباب المغربي.
بعد الظهور الأول اللافت لـ"البريكين" في دورة الألعاب الأولمبية بباريس 2024، كيف تعتزمون تعزيز حضوره دوليا؟
دأبنا على المنافسة الرياضية دوليا، من خلال المشاركة في العديد من المسابقات وإرسال ألمع رياضيينا لمواصلة تألقهم، كما أننا نستعد لدورة الألعاب الأولمبية للشباب، المقرر إقامتها في العاصمة السنغالية داكار في 2026، وهو حدث ننتظره بفارغ الصبر وبفخر، إذ ستكون المرة الأولى التي تقام فيها الألعاب الأولمبية على أرض إفريقية.
نخطط لتعزيز شراكاتنا الدولية من خلال عقد شراكات جديدة مع اتحادات أجنبية، مما سيسهم في تبادل الخبرات وتنظيم فعاليات رياضية رفيعة المستوى، ونأمل ألا ينتهي تاريخ "البريكين" والألعاب الأولمبية عند باريس 2024، ولكن على أي حال، لن يمنعنا هذا من إبراز مواهب رياضيينا على أكمل وجه.
على مدار السنة الماضية، كنتم تقودون مشروعا طموحا يركز على الرياضة والصحة، ما هي محاوره، وكيف يمكن لهذه المبادرات أن تحدث تأثيرًا مستداما على الصحة العامة في المغرب؟
مشروع "رياضة وصحة" هو بادرة اشتغلنا عليها لتعم تدريجيا جميع أنحاء البلاد.
تعتبر هذه البادرة امتدادا للوظائف الكلاسيكية للرياضة المتمثلة في التنافس وتنظيم البطولات وإحراز الميداليات. والجامعة، ومنذ إحداثها قبل أزيدَ من 28 عاما، كرست في منهجيتها كهدف أسمى للممارسة الرياضية، اتخاذ الفعل الرياضي أداة للوقاية من الأمراض، والمساعدة في العلاج من أجل صحة بدنية ونفسية، خصوصا وسط الفئات الهشة أو تلك التي لديها ضرورة في ممارسة الرياضة من أجل الحفاظ على صحة بدنية وذهنية.
كيف تعملون على تعزيز مكانة المرأة داخل مجال اشتغال الجامعة، وما هي الركائز التي تعتمدون عليها لتحقيق ذلك؟
لطالما كان أحد دوافعنا الرئيسية هو تمكين المرأة من خلال الرياضة، وتشجيع الرياضيات، ودعمهن لمنحهن فرصا متساوية مع نظرائهن الرجال، وتعزيز تمثيلهن على وسائل الإعلام، وتدريبهن على تقنيات جديدة متعلقة بتخصصاتنا الرئيسية، وتأهيلهن للمنافسات الوطنية والدولية.
إننا ندرك الصعوبات التي تواجهها المرأة في عالم الرياضة، وقد عملنا لما يقرب من ثلاثة عقود على معالجتها في مجالنا حتى يتمكن جميع أعضائنا من تكافؤ حقيقي للفرص.
إحدى فعالياتكم هي القافلة السوسيو-رياضية، ما الآثار الملموسة التي لاحظتموها لدى الجمهور المستهدف، وخاصة الشباب والفئات المهمشة؟
منذ البداية، سافرت فرقنا إلى مناطق نائية ونظمت أنشطة لانتقاء الشباب ذوي الإمكانات العالية وتوجيههم نحو ممارسة الرياضة لتكون فرصة لآفاق مهنية حقيقية. من قافلة إلى أخرى، توافد المشاركون، واختار الكثيرون منهم التوجه إلى مهننا المتنوعة بعد التداريب المهنية الذي قدمناها لهم مجانا، لتعزيز ثقتهم بأنفسهم وبمستقبلهم.
هل هناك برامج تدريبية أخرى مخصصة للشباب والمبتدئين لتعزيز مهاراتهم؟
أنشأنا عدة برامج تكوينية، منها: دورة تكوينية لنيل شهادة منشط رياضي في تخصصاتنا (الايروبيك والفيتنس، وكذا الهيب هوب والبريكين)، ودورة تكوينية أخرى لنيل شهادة مسير رياضي مساعد التي نظمناها مع شريكنا الأكاديمي جامعة محمد الخامس بالرباط، وذلك استجابة للراغبين في اكتساب المهارات اللازمة لإدارة المؤسسات والمشاريع الرياضية، ناهيك عن تنظيمنا لمجموعة من الدورات التكوينية الموضوعاتية في الرياضة والصحة والتغذية والتدريب الرياضي وكذا التسيير الرياضي والتنمية الذاتية.
عقدتم شراكات رئيسية، لا سيما مع جامعة محمد الخامس بالرباط والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، كيف تساهم هذه الشراكات في التطوير الأكاديمي للقطاع والإدماج من خلال الرياضة؟
في الحالة الأولى، تتدخل الجامعة من خلال اعتماد الشهادات الممنوحة للمتدربين وتمكينهم من الترشح لمهام التسيير الإداري في المؤسسات الرياضية، وفي الحالة الثانية، نفتح فرصا لنزلاء السجون من أجل الاستفادة من التكوينات قصد تأهيلهم للإدماج المهني. فخلال مهرجاننا الأخير، الذي أقيم في الناظور، زرنا سجني زايو والناظور لتقديم دورات تدريبية وورشات في التنمية الذاتية، وأعرب الكثيرون عن رغبتهم في التدريب وافتتاح صالات رياضية في المستقبل، وهذه هي النتائج التي نسعى للوصول إليها، وهو ما يعني أننا نجحنا في مهمتنا.
يحتل الجانب الإنساني مكانة مهمة في عمل الجامعة، ما أشكال مشاركتكم على أرض الواقع؟
جذور هذه الجامعة متجذرة بعمق في العمل الإنساني، ولقد كانت تجاربي السابقة، من لقاءات مع الأحداث الجانحين والأشخاص الذين يعيشون في ظروف حرجة ولكنهم مدفوعون برغبة في الخروج منها، هي التي شجعتني على إنشاء هذه المؤسسة، وبالطبع، كانت هناك رغبة قوية في جعل الرياضة طبيعة ثانية للمغاربة، والمساهمة في تأثير رياضيينا، وتدريب الناس في تخصصاتنا، ولكن كل هذا كان قائما أيضا على الرغبة في مساعدة ودعم ومساندة الأشخاص الذين آمنوا بنا.
اخترتم إدراج القضية الأمازيغية ضمن أنشطتكم، كيف تساهمون في تعزيز الهويات الثقافية المغربية؟
أعتنق التنوع الثقافي لبلدي، فهو أعظم ثرواته، وبالتالي فهو ملكنا. إن القضية الأمازيغية والهوية المغربية للصحراء عزيزتان على قلبي، وقد برهنت على ذلك من خلال المهرجانات التي نظمناها والتظاهرات التي أقمناها بالمناطق المعنية، ومن خلال تسليط الضوء على هذه الهويات يمكننا تعزيز هذا الشعور بالانتماء من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب.
إن اكتشاف أو إعادة اكتشاف ثقافاتنا خلال فعاليات مثل مهرجان الناظور، وكأس المسيرة الخضراء، ومهرجان الرشاقة لجميع النساء الذي خصص لنساء الأقاليم الجنوبية للمملكة يساعد في إيصال رسالة بالغة الأهمية لجميع المغاربة: نحن شعب واحد ومغرب واحد، وأمة واحدة، وقلب واحد ينبض داخل جسد واحد.
ماذا عن الاتفاقية الموقعة مع الجامعة الملكية للرياضة المدرسية الموقعة سنة 2021، كيف تطبق برنامجها حاليا، وما الآفاق التي يفتحها لمستقبل هذا التخصص في المغرب؟
يشمل هذا البرنامج تنظيم دورات تكوينية وتداريب لفائدة الأطر التربوية والإدارية العاملة بالمؤسسات التعليمية من أجل استكمال تأهيلهم في مجالات التدريب والتحكيم والتنظيم والتدبير الرياضي في أساليبنا الرياضية ليتمكنوا من تدريسها للتلاميذ. إنه أداة تعليمية حقيقية قادرة على تحفيز الشباب ورفع وعيهم الاجتماعي، كما أنه من المعروف أن هذا الأسلوب الرياضي يتطلب صرامة وانضباطا ومرونة، فتخصصات مثل البريكين أو الهيب هوب تنشئ أيضا روابط وحوارا وتنمي روح المجموعة بين المشاركين، حيث تعبر الأجساد عن نفسها، وكذلك المشاعر، في سياق يشعر فيه الكثير من الشباب بالانفصال عن النماذج المفروضة، وهذا أمر بالغ الأهمية، هناك العشرات، إن لم يكن المئات، من الفرص لاستكشاف أبطال الغد.