شقير: سعيّد كان يفتقد الخبرة حين عادى المغرب وسيتدارك الأمر في ولايته الثانية

بشرى الردادي

اعتبر المحلل السياسي، محمد شقير، في تصريح لـ"تيلكيل عربي"، أن فوز قيس سعيد بالولاية الثانية سيجعله أكثر حكمة وتبصرا فيما يخص المبادرة إلى تطبيع علاقات بلاده مع دول الجوار، وعلى رأسها المغرب، بعد برود دبلوماسي طويل، بسبب استقبال زعيم جبهة "البوليساريو" الانفصالية في تونس، خلال قمة "تيكاد"، عام 2022.

وأوضح شقير: "أعتقد أن مسألة إعادة انتخابه ستمنحه نوعا من الثقة بالنفس، وتجربة أكبر في التعامل مع المملكة؛ حيث سيقتنع بأن العلاقات معها إستراتيجية بالدرجة الأولى، ومن مصلحة تونس أن تحافظ عليها، بدل المعاداة، وذلك عن طريق نهج موقف الحياد السابق، بدل الدخول في لجة الصراع المرتبط بملف الصحراء المغربية".

وتابع المتحدث نفسه أن "مؤشرات التغير في الموقف التونسي ظهرت قبل الانتخابات حتى، وذلك من خلال اللقاءات الأخيرة بين مسؤولين مغاربة وتونسيين، سواء لقاء وزير خارجية تونس، نبيل عمار، مع رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، في شهر غشت المنصرم، على هامش الاحتفال الدولي بـ"ذكرى إنزال بروفانس" في فرنسا، أو لقاء وزير الخارجية التونسي المعين حديثا، محمد علي النفطي، مع نظيره المغربي، ناصر بوريطة، في شتنبر المنصرم، على هامش أشغال المؤتمر الوزاري لمنتدى التعاون الصيني-الإفريقي".

وأضاف شقير أن "هذه المؤشرات تدل على وجود عدة جهات داخل تونس تحاول أن تثني الرئيس التونسي عن موقفه السابق تجاه المغرب، خاصة في ظل المستجد الكبير الذي يخص إعلان الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في رسالة موجهة إلى الملك محمد السادس، أن حاضر ومستقبل الصحراء المغربية يندرجان في إطار السيادة المغربية. أظن أن قيس سعيد سيتبع نفس مسار ماكرون؛ فالمصالح المشتركة هي التي تغلب، في آخر المطاف. السياسة الخارجية، قبل كل شيء، هي مصالح دول".

كما سجل المحلل السياسي أن "العزلة الدبلوماسية التي تعاني منها الجزائر ربما تقنع الرئيس التونسي بالتخلي عن موقفه الذي ينم عن التسرع والافتقاد للحنكة السياسية".

وحول ما إذا كان يتوقع زيارة قيس سعيد للمغرب، على غرار زيارة ماكرون، نهاية الشهر الجاري، رد شقير: "السياسة هي فن الممكن. أمر الزيارة غير مستبعد. إذا تبنى موقف الحياد، وحاول تجنب ضغوطات الجزائر، فمن المؤكد أن الأمر سيصل إلى مرحلة عقد اللقاءات الرسمية بين مسؤولي البلدين، ولما لا زيارته للمملكة، التي ستكون مشروطة بنفس شروط زيارة الرئيس الفرنسي، وهي اتخاذ موقف واضح وصريح من ملف الصحراء المغربية".

وأبرز المحلل السياسي أن "تطبيع العلاقات المغربية التونسية سيعود بالفائدة الأعظم على تونس، التي تعاني من أزمة اقتصادية؛ حيث سيتم استئناف المبادلات التجارية بين البلدين، وزيادة الاستثمارات؛ ما سيقوي شوكة سعيد ونظامه، عن طريق التخفيف من هاته الأزمة"، مشيرا إلى أن "الجانب التونسي يركز، قبل كل شيء، على ما هو اقتصادي".

وسجل شقير أن "تغير موقف قيس سعيد سيكون ضربة كبيرة للنظام الجزائري. فعلى مستوى المنطقة المغاربية، موريتانيا تبتعد، رويدا رويدا، عن الضغط الجزائري، خاصة بعد الاحتقان بين الجزائر ومالي الذي وصل ذروته. وفيما يتعلق بليبيا، فهناك تحركات من طرف خليفة حفتر للضغط على الجزائر، خاصة بعد البرود الذي شهدته العلاقات الروسية الجزائرية".

وختم المحلل السياسي تصريحه لـ"تيلكيل عربي" بالقول: "تغير موقف تونس سيعمق عزلة النظام الجزائري دبلوماسيا، ويقوي الجانب المغربي، خاصة بعد الدعم الدولي المتتالي الذي حظي به، مؤخرا، بخلاف الدبلوماسية الجزائرية التي لم تحاول، إلى حدود الساعة، تغيير موقفها حتى، أو محاولة الانسجام مع كل هاته المستجدات الإستراتيجية، سواء على الصعيد الإقليمي أو الدولي".