لم يتردد رواد مواقع التواصل الاجتماعي في مقارنة أسعار البصل، في الأيام الأخيرة، مع سعر صرف الدولار واليورو، من أجل إبراز المستوى المرتفع لسعر تلك السلعة، التي لا غنى للمطبخ المغربي عنها، في الوقت الذي يرجح ألا تشهد أسعار تلك السلعة انخفاضا ملحوظا في الشهر الحالي بسبب ضعف العرض والوسطاء، حسب ما يتجلى من حديث رئيس جمعية منتجي البصل والبطاطس بمنطقة الحاجب لـ"تيل كيل عربي".
"ترقية" إلى مرتبة الفواكه
اشتكى بعض رود مواقع التواصل الاجتماعي من ارتفاع أسعار البصل، في الفترة الأخيرة، إلى درجة دفعت البعض إلى ترقيته إلى مصاف الفواكه.
ولاحظ "تيل كيل عربي" ارتفاع سعر البصل العادي من حوالي 6 دراهم إلى مابين 10 و13 درهم، بينما انتقل سعر نوع "البصلة الخضارية" من حوالي 2,5 درهم إلى 4 و5 درهم.
وكانت أسعار البصل بدأت في الارتفاع اعتبارا من مستهل أبريل الماضي، حيث تراوحت، حسب الأصناف، بين 5 و8 دراهم للكيلوغرام، بعدما كانت في حدود 3 دراهم.
وتذكر الأسعار الحالية للبصل بالمستوى الذي كانت بلغته في 2016، حين قفزت من حوالي 3 دراهم للكيلوغرام إلى 13 دراهم للكيلوغرام، وهو ما كانت وزارة الفلاحة والصيد البحري، فسرته بقلة التساقطات المطرية.
الأمطار تخذل البصل
ويشير عبد النبي الزيراري، رئيس جمعية منتجي البصل والبطاطس بمنطقة الحاجب، في تصريح لـ"تيكل كيل عربي"، إلى أن السعر الحالي له علاقة بالعرض من البصل، الذي تأثر بالتساقطات المطرية.
ولاحظ أن عدم توفر عرض كاف في الفترة الحالية، عائد إلى تأثر الإنتاج بضعف التساقطات المطرية، في المناطق التي توفر في هذه الفترة البصل، مثل الشياظمة، ودكالة، وعين كرمة بمكناس، والمداكرة.
ويوضح أن تلك المناطق كان يفترض أن تزود السوق بحاجياته من البصل في الفترة الممتدة بين مارس وماي، غير أن ضعف التساقطات المطرية حال دون ذلك، مؤكدا على أن ضعف العرض من البصل سيستمر في ماي الحالي، في انتظار طرح الإنتاج المتأتي من بني ملال في شهر يونيو المقبل.
ودرجت تلك المناطق على توفير عرض كاف من البصل، في انتظار محصول البصل الذي تتيحه منطقة الحاجب في شهر غشت المقبل، والتي تعتبر من أكثر المناطق المنتجة للبصل في المملكة.
الوسطاء يتربصون
غير أن الزيراري يشير إلى أن الفلاح لا يستفيد من الأسعار المرتفعة للبصل، موضحا أنه إذا كان العرض يساهم في الأسعار الحالية، إلا أنه يؤكد على أن الوسطاء يلبهون الأسعار مستغلين ارتفاع الطلب في رمضان.
ويذهب إلى أن سعر البصل "اليابس"، الذي وصل إلى ما بين 10 و11 درهم في الفترة الحالية بالدار البيضاء، جد مرتفع مقارنة بالسعر الذي يبذل من قبل التجار الذي يشترون تلك السلعة بالجملة بمنطقة مكناس، والذي يتراوح بين 5,5 و6 درهم للكيلوغرام.
ويشير إلى أن المخزنين يستفيدون مع الوسطاء من هذا الوضع، مضيفا أن الفلاح باع المحصول، عند الشروع في جني البصل في الصيف الماضي، بما بين 70 سنتيم و 1,50 درهم للكيلوغرام.
ولا يستفيد المزارعون، خاصة الصغار منهم من ارتفاع أسعار البصل بالمغرب، فالزيراري يؤكد على أن المخزنين هم الذين يستفيدون من أسعار البصل في السوق، على اعتبار أن 4 في المائة فقط من المزارعين هم الذين يقومون بتخزين تلك السلعة.
ويتصور الزيراري، يتوجب دعم التخزين وتحديثه، فالتخزين التقليدي يفضي إلى ضياع حوالي 40 في المائة من المنتوج، بسبب التعفن الذي تتعرض لها تلك السلعة.
ويفيد أن التخزين يتم في جميع المناطق بالطرق التقليدية، غير أنه يسجل أن اتفاقية أبرمت التعاونية الفلاحية المغربية بمكناس والقرض الفلاحي وسفارة هولندا بالمغرب ووزارة الفلاحة والصيد البحري، من أجل إنشاء وحدة بيداغوجية لتخزين البصل في إقليم الحاجب.
وأكد الزيراري على أنه شرع في بناء تلك الوحدة، التي سيتم تصميمها بتقنيات عصرية لتخزين البصل، بما يسمح بتنشيط دينامية عروض تصدير منتوج عالي الجودة، مرتكز على نظام المعايرة والتتبع، مشيرا إلى أن التخزين يفترض أن يحظى بالدعم الكافي من أجل تطويره.
900 ألف طن
ويصل إنتاج البصل بالمغرب إلى حوالي 900 ألف طن، ويمثل أكثر من 12 في المائة من الإنتاج الوطني لزراعة الخضراوات.
ويأتي نصف محصول البصل بالمغرب من جهة فاس- مكناس، ويبلغ متوسط المردودية 20 قنطارا في الهكتار في أراضي البور و50 طن في الهكتار في المدارات المسقية.
وتعد منطقة الحاجب بجهة فاس- مكناس أول مخزن للبصل وأول منتج له في المغرب، بمحصول يتجاوز 200 ألف طن في العام الواحد.
وتبلغ المساحة المزروعة بالبصل في المغرب إلى 22 ألف هكتار، 6 آلاف هكتار منها تقع بمنطقة الحاجب، التي توفر حوالي أكثر من ربع الإنتاج الوطني من تلك السلعة.
وذهب الزيراري إلى أنه، في العام الحالي، تمت زراعة حوالي 30 من المائة من البصل عبر بذارات Semoirs، ما سيفضي إلى خفض التكاليف.