شهدت الخرطوم غارات جوية وقتال شوارع وانفجارات، أمس السبت، فيما يزال ملايين من سكانها ينتظرون تنفيذ التزام الطرفين المتحاربين بشأن إجلاء المدنيين من مناطق القتال، وتوفير ممرات آمنة لنقل المساعدات الإنسانية.
وكان موفدو قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو الملق بـ"حميدتي" وقعوا، ليل الخميس الجمعة، في جدة، "إعلانا لحماية المدنيين في السودان".
ويقضي هذا الاتفاق الذي تم التفاوض حوله بوساطة أمريكية سعودية بتوفير "ممرات آمنة" تسمح للمدنيين بمغادرة مناطق الاشتباكات، وكذلك تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية.
ولم يشر الاتفاق إلى هدنة، لكنه تحدث عن مزيد من المشاورات للتوصل إلى وقف إطلاق نار مؤقت، ولاحقا "مناقشات موسعة لوقف دائم للأعمال العدائية"، التي أوقعت، منذ اندلاعها قبل شهر، أكثر من 750 قتيلا وقرابة خمسة آلاف جريح، وأدت إلى نزوح 900 ألف سوداني من منازلهم إلى مناطق أخرى داخل البلاد أو إلى الدول المجاورة.
ومن المقرر أن تتواصل المفاوضات حول تطبيق هذا الاتفاق، خلال عطلة نهاية الأسبوع، في جدة، بحسب ما أكد لوكالة "فرانس برس" مسؤول سعودي رفيع، والذي وصف هذا الإعلان بأنه "خطوة مهمة"، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن عملية التفاوض ما تزال في مرحلة "أولية".
من جهته، قدر رئيس المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، عبر "تويتر"، أن المحادثات "خطوة إيجابية نحو استعادة السلام".
أما قوات الدعم السريع، فأكدت، أول أمس الجمعة، أنه "بالنظر إلى التجارب السابقة"، فإن الجيش "ليس لديه مصلحة في تخفيف معاناة الناس".
وفي الخرطوم، تحدث السكان عن ضربات جوية عنيفة، بشكل متزايد؛ حيث قالوا لوكالة "فرانس برس" إن "جدران المنازل كانت تهتز" في كثير من الأحيان، فيما لا يزال القصف المدفعي مستمرا في بعض الأحياء.
ومنذ اندلاع الحرب قبل أربعة أسابيع، في الخامس عشر من أبريل، يعيش ملايين السودانيين في الخرطوم داخل منازلهم في درجة حرارة خانقة، وفي ظل انقطاع شبه دائم للمياه والكهرباء، ويعانون من نقص في الغذاء والنقود والوقود.
وخارج العاصمة، يشهد إقليم دارفور الواقع على الحدود مع تشاد اشتباكات عنيفة أدت، وفق الأمم المتحدة، إلى مقتل 450 شخصا، حتى الآن.
وسبق أن شهد الإقليم حربا طاحنة أوقعت 300 ألف قتيل وأدت إلى نزوح 2,5 مليون شخص، مطلع القرن الحالي.
ويشارك الطرفان المتحاربان في هذه المعارك، إضافة إلى مقاتلين ينتمون إلى قبائل متناحرة ومدنيين مسلحين.
ويعبر آلاف الأشخاص يوميا الحدود نحو مصر، بشكل أساسي؛ حيث وصل عشرات الآلاف إلى تشاد وجنوب السودان وإثيوبيا، وهي دول لم تتلق من أجلها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين "أكثر من 15 في المائة" من الأموال التي تحتاجها للعمل قبل الحرب.
ودعت وزارة الخارجية السودانية، أمس السبت، في بيان، المجتمع الدولي، وخصوصا الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية و"الهيئة لحكومية للتنمية" (إيغاد)، إلى تقديم "مساعدات إنسانية" في مواجهة "الوضع الإنساني السيء".
وقال البيان إن الحكومة السودانية "تعهدت" بتخصيص "مطارات بورتسودان (شرق) ودنقلا (شمال) ووادي سيدنا العسكري (شرق) لاستلام المساعدات".
من جهته، أكد المسؤول السعودي الرفيع أن البرهان دعي لحضور القمة العربية في الرياض، في 19 ماي الجاري، لكنه أوضح أنه لا يعرف بعد من سيمثل السودان.
وعبر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن أمله في أن يؤدي هذا الاتفاق إلى "بدء عمليات الإغاثة، بسرعة، وفي أمان"، داعيا، مجددا، إلى وقف فوري لإطلاق النار و"محادثات لوقف دائم للقتال".
وعلى الحدود المصرية السودانية، قال وهاج جعفر الذي ترك بلاده للجوء إلى مصر: "نسمع باستمرار عن هدنة خلال أيام، ولكن عندما نخرج إلى الشوارع، لا نسمع إلا صوت الرصاص".