وقع طرفا النزاع في السودان، ليل الخميس، إعلانا يتعهدان فيه احترام قواعد تتيح توفير المساعدات الإنسانية، من دون التوصل حتى الآن إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، في مفاوضات وصفها دبلوماسيون أمريكيون بالصعبة.
وتوصل ممثلون للجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي، إلى هذا الإعلان، بعد نحو شهر من القتال، الذي أسفر عن مقتل أكثر من 750 شخصا ونزوح الآلاف، في إطار "محادثات أولية"، بمشاركة الولايات المتحدة والأمم المتحدة، بدأت السبت الماضي، في مدينة جدة السعودية.
وجاء في الإعلان: "نؤكد التزامنا ضمان حماية المدنيين في جميع الأوقات، ويشمل ذلك السماح بمرور آمن للمدنيين لمغادرة مناطق الأعمال العدائية الفعلية، على أساس طوعي في الاتجاه الذي يختارونه".
من جهتها، أعلنت المسؤولة الأمريكية المطلعة على المحادثات توقيع الطرفين "إعلان التزام بحماية المدنيين في السودان"، موضحة أنهما يلتزمان بموجب هذا الإعلان مبادئ عامة للسماح بوصول المساعدات الإنسانية، وإعادة التيار الكهربائي والمياه والخدمات الأساسية الأخرى، وسحب عناصرهما من المستشفيات، والسماح بدفن القتلى "بكرامة".
كما أكدت المسؤولة التي طلبت عدم كشف اسمها أن المحادثات مستمرة توصلا إلى وقف للنار، متحدثة عن وجود اقتراح بهدنة لعشرة أيام.
وأوضحت أن ما اتفق عليه الطرفان "ليس وقفا لإطلاق النار. هو تأكيد على التزاماتهما بموجب القانون الإنساني الدولي، خصوصا في ما يتعلق بمعاملة المدنيين والحاجة إلى توفير مساحة لعمل" المعنيين بالمجال الإنساني.
وأبدت المسؤولة أملا "حذرا" في أن يسهم توقيع الطرفين على هذا الإعلان "في التأسيس لزخم يرغمهما على توفير مساحة" لإدخال المساعدات الإنسانية، رغم إقرارها بأن مسافة "بعيدة" لا تزال تفصل الطرفين في المحادثات.
وستستمر المفاوضات للتوصل إلى هدنة موقتة جديدة تتيح إيصال المساعدات، قد تصل مدتها إلى عشرة أيام، حسب بيان صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية.
وقتل ما لا يقل عن 18 عاملا في المجال الإنساني، منذ بدء الحرب، في 15 أبريل. فيما أعلنت وكالات أممية ومنظمات عدة غير حكومية تعليقا موقتا لعملها في الخرطوم ودارفور بسبب القتال. واستؤنف عملها لاحقا في بعض المناطق، لكنها تقول إنها تواجه عنفا مستمرا.
وأفاد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة بتعرض مساعدات غذائية تقدر قيمتها بملايين الدولارات للنهب في الخرطوم.
من جهتها، اعتبرت قوى الحرية والتغيير، المكون المدني السابق بالحكومة السودانية، توقيع هذا الإعلان "خطوة أولى مهمة صوب إنهاء الحرب الدائرة في البلاد"، وحضت الطرفين على "الالتزام الصارم والجاد بما اتفق عليه".
كذلك، رحبت الآلية الثلاثية التي تتكون من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد) بالإعلان؛ حيث قالت في بيان: "هذه خطوة أولى مهمة نحو التخفيف من المعاناة الإنسانية وحماية حياة المدنيين في السودان وكرامتهم".
واتفق الطرفان للمرة الأولى على وسائل لمراقبة خروق أي هدنة يتم التوصل إليها، على ما أفاد مسؤولون.
وقال مسؤول أمريكي ثان إن المفاوضات كانت "صعبة جدا"، وأقر بأن كلا الجانبين قد يكون له دوافع خفية من خلال مراقبة وقف إطلاق النار، مضيفا: "صراحة، هناك بعض الأمل لدى الجانبين في أن ينظر إلى الجانب الآخر على أنه مرتكب الانتهاكات".
لكنه أشار إلى أن طول الوقت الذي استغرقته الوساطة سيجعل على الأقل وقف إطلاق النار أكثر "فعالية"، إذا ما تم التوصل إليه.
وتساءل دبلوماسيون وخبراء عما إذا كان الطرفان المتحاربان يريدان السلام حقا، أم أنهما مهتمان أكثر بدحر الآخر.
يشار إلى أن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة صوت، يوم الخميس المنصرم، بفارق ضئيل، لصالح تعزيز مراقبة الانتهاكات التي يشهدها السودان، في ظل النزاع بين الجيش وقوات الدعم السريع، رغم معارضة الخرطوم ودول عربية وأجنبية.
وصوت 18 من أعضاء المجلس البالغ عددهم 47 لصالح القرار، بينما عارضه 15، وامتنع 14 عن التصويت.
ويدعو القرار إلى وضع حد للعنف وتوسيع تفويض خبير أممي متخصص في السودان، ليشمل مراقبة الانتهاكات "الناجمة مباشرة عن النزاع الحالي"، الذي يقترب من إتمام شهره الأول.