قال محمد تاج الدين الحسيني، الخبير في العلاقات الدولية، أول أمس الثلاثاء، خلال محاضرة بعنوان: "دبلوماسية العالم الإسلامي وتحولات التوازن الدولي"، بكلية الشريعة، بفاس، إن "الطموحات الاستعمارية لفرنسا، التي سبق واختفت، ظهرت، قوية، من جديد"، من خلال لعبها دورا خفيا في الأزمة المغربية الجزائرية.
وتساءل الحسيني: "من كان يشعر، في لحظة من الزمن، أن فرنسا ستكشر عن أنيابها، بهذا الشكل المقيت، خلال الأشهر القليلة الماضية، من خلال إدانات البرلمان الأوروبي للمغرب، والتي جاءت بدعم من المجموعة الفرنسية المتحالفة مع إيمانويل ماكرون؟".
وتابع المحلل السياسي أن "تقارير أمريكية فضحت، مؤخرا، نوايا فرنسا، التي تلعب لعبة الدفع بشن حرب حقيقية بين المغرب والجزائر، لتتدخل، في الأخير، كوسيط يفرض شروطه على الطرفين، ويفرض، مجددا، نفوذه في منطقة إفريقيا الغربية، التي أصبحت تنفلت من قبضته، بشكل لم يسبق له مثيل".
وأضاف الحسيني أن "الطغمة العسكرية في الجزائر تضع في مخيلتها أن بإمكانها أن تحرك حربا خاطفة ضد المغرب، وتربحها، في أحسن الظروف، وهي لا تعلم أن النتيجة ستكون هي التحطيم المتبادل المضمون، ما يشبه الحرب النووية، لكن بالأسلحة التقليدية"، مشيرا إلى "خطورة طائرات الدرون الحاملة للمتفجران، من صنع إيراني، والصواريخ الباليستية، التي بات شراؤها في متناول الجميع".
وأشار الخبير في العلاقات الدولية إلى أن "كل طرف، عندما يدخل في مثل هذه الحرب، سيحاول أن يضرب الأهداف الحيوية للطرف الآخر، وتصوروا ماذا سيعني ذلك. وكأن النظام الجزائري لا ينتظر إلا تلك اللحظة، التي سيطلق فيها الشرارة الأولى. نظام يكون على رأسه شخص مثل شنقريحة، ماذا يمكن أن ننتظر منه؟".
وتابع الحسيني أن "الجزائر تحت سيطرة طُغمة عسكرية متسلطة، والشعب الجزائري لا يزال يتلمس الخطى في الطوابير، للحصول على أشياء من ضروريات الحياة، مع أنه كان من المفترض أن تكون مثل الإمارات، أو أفضل من ذلك بكثير، لأنها تقع، كيفما كان الأمر، في منطقة البحر الأبيض المتوسط، بشواطئ جميلة، وإطار إستراتيجي لا مثيل له".
من جهة أخرى، قال المحلل السياسي: "تصوروا أن مساحة الجزائر، اليوم، تبلغ مليوني كيلومتر مربع، وهي أكبر دولة في إفريقيا، بعد تقسيم السودان، وهذا حقيقة، من غرائب التاريخ"، مشيرا إلى "المستعمر الفرنسي سبق ونشر خريطة تفيد بأن حدود المغرب هي 800 ألف كيلومتر مربع، فيما حدود الجزائر هي 500 كيلومتر مربع، وبقدرة قادر، ستضم فرنسا كل الصحراء الشرقية، ومناطق تندوف...، ثم الصحراء المتوسطة والشرقية بمجموعها، وبالتالي، كانت لفرنسا أهداف أخرى، وهي بقاؤها امبراطورية في هذه المنطقة، إلى ما شاء الله".
وأوضح الحسيني أنه "لا يمكن لفرنسا أن تبقى على قيد الحياة بدون إفريقيا، وهذا شيء معروف لدى الجميع؛ كونها لا تتوفر على أي موارد أولية، وتهيمن، لحدود الساعة، على النقود، التي يتعامل بها الأفارقة في إفريقيا الغربية"، لافتا إلى أن "ضمانات عملة الفرنك الإفريقي الخاصة بالذهب موجودة لدى فرنسا، وفقط في السنوات القليلة الماضية، بعد أن وقع نوع من الزعزعة في الميدان، سمحت بوجود 50 في المائة من الاحتياطي في البلدان الإفريقية. لكن رغم ذلك، ليس لهاته الأوراق الخاصة بالفرنك الإفريقي أي قيمة للتداول، على الإطلاق".
وأضاف الخبير في العلاقات الدولية: "تصوروا أن البلدان الإفريقية أو النامية، التي تحاول أن تصطنع لنفسها عملة وطنية يمكن أن تنافس الدولار أو اليورو، تتعرض للإقصاء"، كاشفا أن أحد أسباب مقتل معمر القذافي هو اقتراحه على الأفارقة صنع عملة إفريقية موحدة، ونفس السبب (توحيد العملة) كان وراء قتل صدام حسين".