بعد أن عاد من باريس، تولى عبدالله إبراهيم بعض المهام في حزب الاستقلال, ولكن الاختلاف في الرؤى مع القادة الآخرين في حزب الاستقلال دفعه الى ترك هذه المهام والعودة إلى التدريس.
"عاد عبد الله إبراهيم إلى مراكش التي تعيش تحت هيمنة الكلاوي التي لم تفتأ تتقوى وتتوسع. (...) فقد كان يرغم العاهرات الـ5 آلاف بالمدينة الحمراء على دفع جزء مما يكسبن للباشا الذي تعززت مكانته بفضل قدوم المقيمين العامين 'جوان' و'بونيفاس' و'غيوم'.
فقد ازداد ثراء وعلى كل الواجهات(...) ولا أحد يتحرك، ولكن الجميع كانوا يشحذون أسلحتهم. فالمختار السوسي، العائد من منفاه بقرية "إليغ"، يعيد فتح المدرسة التي أنشأ في 1929، ولجأ علال الفاسي، العائد بدوره من المنفى، إلى طنجة. وقد سافر عبد الله إبراهيم للقائه.
ووفق صديقه عبد السلام الجبلي، فقد كان الرجل يتنقل بين مراكش والرباط حيث كان يقيم في حي العكاري، حسب فتح الله ولعلو(...)
بعد عودته كلفه حزب الاستقلال لفترة قصيرة برئاسة التحرير في جريدة "العلم"، ولكن سرعان ما ظهرت صراعات مع قادة الحزب. وتحدث أبوبكر القادري عن اختلافات في التوجه بين عبد الله إبراهيم واللجنة التنفيذية للاستقلال.
والواقع أن الرجل كان مختلفا عن القادة الآخرين للحزب، الذين درسوا في المدرسة العصرية والغربية، ولم يتفاهم معهم أبدا.
فما عدا الكفاح من أجل الاستقلال, لم يكن يجمعه مع الوطنيين الآخرين أي شيء، وسيظل دائما متأثرا بتكوينه التقليدي، ووسطه المطبوع بالسلوك الصوفي .. بأخلاقه وجهوده الفلسفية والميتافزيقية. فلا يحظى ببريقهم، ولا يتوفر على غطرستهم، ولا خفتهم الفكرية، ولا تلقائيتهم في الحفلات. ولكن بالخصوص, لم يكن يتقاسم معهم قدرتهم على التسويات، خاصة في المجال السياسي(...)
ظهرت اختلافات حول هيكلة الحزب وكذا توجهه السياسي. فبعض الاستقلاليين كانوا يفكرون على المدى البعيد، ويريدون بالتالي هياكل مرنة، بينما بعضهم الآخر يستحضرون الظرف الآني وما يتطلبه من كفاح وبالتالي يطالبون بهياكل صارمة.
وإذا كان الجميع يتحدثون أحيانا عن الماركسية كمرجع، فقد بدا واضحا أنه ليس لهم نفس الفهم لهذه الماركسية. وبالنسبة إلى عبد الله إبراهيم، فالنقابات هي رأس الحربة في الكفاح، هي القوة السياسية الصاعدة(...)
وبسبب خلافه مع قيادة الحزب، تخلى عبدالله إبراهيم عن منصبه. ويقول ابوبكر القادري إنه تصرف وفق ضميره وليس تبعا لما يفرضه الواقع على الأرض. وأضاف ان الرجل ظل ذلك الوطني الصادق والوفي في علاقاته مع الآخر.
اذن تمت تنحيته بهدوء وعاد الى التدريس بمراكش. ويقول محمد بنسعيد أيت يدر الذي كان من تلامذته بمدرسة مولاي يوسف: "هو الذي فتح أعيننا وعقولنا نحن طلبة التعليم التقليدي على الآفاق الفكرية السياسية الجديدة" (...).
- كان لعبدالله إبراهيم تأثير قوي على طلبته (...) وكان كذلك يعطي دروسا في مدرسة تابعة للزاوية الدرقاوية وفي مدرسة فضالة حيث سيلتقي بفتاة في السابعة عشر من عمرها في اطار برنامج لمحو الامية هذه الفتاة هي فاطمة السنتيسي زوجته المقبلة.