في يونيو 1936، سيشتعل المغرب بمجموعة من الإضرابات انطلقت من مصنع "كوزيمار" للسكر بالدار البيضاء. وسيكون عبد الله إبراهيم في مقدمة المشاركين في هذه الإضرابات، ليتم اعتقاله من جديد واستنطاقه هذه المرة من طرف الكولونيل العجوز "فيتاليس".
لم يمنع الاهتمام بالعلم والمعرفة عبد الله إبراهيم من مواصلة نشاطه السياسي ونضاله ضد سلطات الاستعمار. "هكذا في 1936، شارك الشاب المراكشي، الذي صار وجها مركزيا في النضال الوطني بالمدينة الحمراء، في الإضرابات الواسعة، التي انطلقت من شركة كوزيمار بالدار البيضاء في 11 يونيو من هذه السنة، لتشمل كل المغرب كرد على تأثيرات الأزمة الاقتصادية العالمية على البلاد".
هذه الأزمة التي انضاف إليها الجفاف ما تسبب في هجرة مأساوية واسعة نحو المدن والتجمعات الحضرية(...).
وسيتم مرة أخرى في نونبر 1936 اعتقال عبد الله إبراهيم الذي كان يشرف على تنظيم خلايا المقاومة. وسيتم استنطاقه من طرف الكولونيل 'فيتاليس' الطاعن في السن والمنتمي إلى جيل الماريشال ليوطي في مكتب للأمن بساحة جامع الفنا لمدة سبع ساعات متواصلة.
وبدا جليا أن الشاب المراكشي، الذي كان عمره بالكاد 17 عما، أربك العسكري الشيخ. فقال له، وهو يشير إلى الحشود التي تتجول في جامع الفنا: 'ستذهب وحدك إلى السجن.. يا ولدي ! الناس لا تطلب سوى الأكل والترفيه.. ولا يلقون بالا إلى هوية من يحكمهم.. إنه شعب بدائي وخانع(...) ستقبع لوحدك في السجن.. لا أحد يهتم بك ولا بأفكارك..' ، ولكن عبد الله إبراهيم سيقول بعد زمن طويل إن الكولونيل العجوز كان مخطئا لأن قوات الاحتلال ستضطر بعد عام فقط إلى مواجهة عشرات المتظاهرين في هذه الساحة ذاتها، وإدانتهم على دفعات والحكم عليهم بالسجن والنفي".
وكان قد حكم عليه بعد هذا الاستنطاق بثلاثة أشهر نافذة(...) وسيتم الإفراج عنه في دجنبر من السنة ذاتها"(...).
وستكون 1937 سنة عبد الله إبراهيم بامتياز. في هذا العام سيصبح الشاب في واجهة المشهد المراكشي والوطني بفضل عملية نضالية مثيرة جدا.
فقد كان الحرفيون والصناع يرفعون شكاواهم إلى الكلاوي دون جدوى. وكان عبد الله إبراهيم يهتم بهم ويبذل جهده لحل مشاكلهم، ولا يتوانى عن دعمهم ومساندتهم(...).
خلال الشهور الأولى من هذه السنة، يقول عبد الله إبراهيم، نظم المزارعون المعدمون القادمون من الدواوير المحيطة بمراكش مسيرة احتجاجية كبيرة وسلمية في اتجاه شوارع المدينة للاحتجاج على استيلاء الفيودالية المحلية على مياه السقي، وعلى السياسة الفلاحية الاستعمارية.
كما تم تنظيم مسيرات ومظاهرات مماثلة بمكناس احتجاجا على تحويل مسار مياه واد بوفكران لصالح المعمرين.
وأمام الاحتجاجات المتواترة تم إرسال كاتب الدولة المكلف بالأشغال العمومية، السيد رماديي، إلى المغرب لتبيان حقيقة الأمر.
وكان المقيم العام "نوغيس" يسعى إلى تخصيص استقبال حافل للمسؤول الحكومي القادم من باريس، وإبراز فوائد ومزايا السياسة الاجتماعية للحماية لما يصل إلى مراكش في 24 شتنبر 1937.
بل إن الباشا الكلاوي كان قد عزم على تنظيم حفل موسيقي كبير على شرف الضيف الفرنسي. ولكن عبد الله إبراهيم أفسد على سلطات الحماية وعلى الكلاوي كل هذا.