استضافت "تيلكيل عربي" الصحفي، والخبير في وسائط التواصل الاجتماعي، عبد الحق صبري، مؤسس منصة "ترو سطوري"، حيث سلطنا الضوء على مشروعه الفتي، كما ناقشنا مجموعة من القضايا التي تهم واقع الصحافة المغربية في واقع متغير ويتطور بشكل متسارع.
قبل البدء، نرجو نبذة مختصرة عن عبد الحق صبري؟
عبد الحق صبري، صحفي مغربي مهتم بالصحافة الثقافية والشبكات الاجتماعية، بدأت العمل في الصحافة قبل 10 سنوات، وحاليا أعمل منسق فريق التواصل والمحتوى في مشروع وطني يهتم بالقراءة، وأسست منصة إعلامية "ترو سطوري" تستهدف الشباب وتركز على القصص الملهمة، كما أكتب بشكل دوري مع شبكة الصحفيين الدوليين.
كيف بدأت القصة مع الصحافة؟
هو في الحقيقة العمل في مهنة الصحافة، كان حلم طفل يعيش في قرية بعيدة جدا، حتى عندما أحاول تذكر ما هي المهن التي كنت أحلم بامتهانها في المستقبل، لا أجد غير رغبتي في أن أصبح صحفيا وبذلك أكون صوتا لكل المنسيين في هذه القرية.
تجّسد الحلم حقيقة في سنة 2013 عندما قادتني الصدفة لاكتشاف هذه المهنة من بوابة مسير الشبكات الاجتماعية في إحدى الجرائد الوطنية.
باعتبارك صحفيا وملما بالشبكات الاجتماعية، كيف ترى واقع الصحافة المغربية في العصر الرقمي؟
في الحقيقة يصعب جدا تشريح هذا الواقع أو قراءته قراءة واضحة، لكن في اعتقادي أننا وصلنا لمرحلة الاحتراق، بمعنى أن هناك إشباع من ناحية المعلومات والأخبار، لكن هذا الإشباع يتولد عنه شعور بفقدان المعنى.
فوسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية ترفدنا بسيل جارف من المعلومات والأخبار قصد الاستهلاك المحلي بلا طائل ولا نفع، كما أنها لا تقدم حلولا بالنسبة للمتلقي، ما يجعله يدخل في موجة من السلبية واللامبالاة.
وفي هذا السياق فإنه يصعب على المتلقي فهم الواقع المحيط به ولا يمكنه أن يطور حسا نقديا يمكنه من فهم جوهر الموضوعات المتعلقة به.
كيف يمكن تجاوز هذا "الاحتراق" حسب تعبيرك؟
لا يوجد حل سحري، وحتى رؤيتي لهذا الواقع تبقى محدودة جدا، لكن يمكن القول أن قطاع الصحافة بحاجة ملحة لتغيير هيكلي وشكلي من أجل مقاومة التحديات المستقبلية.
وفي اعتقادي لن يتأتى ذلك إلا عبر استثمار المؤسسات في الموارد البشرية ثم تطوير نموذجها الاقتصادي، بعد ذلك يشمل هذا التغيير طريقة إنتاج المحتوى الإعلامي وطرق عرضه.
على سبيل المثال اتجهت قبل حوالي سنة من إطلاق منصة "ترو سطوري" إلى التركيز على التجارب الملهمة والقصص الغائبة عن المشهد، لأني أعتقد أن المغاربة قد عاشوا فترة الجائحة ومعظمهم إن لم نقل جلهم قد تأثروا نفسيا بهذا الوضع غير المسبوق، فمن الطبيعي أن يتولد عن هذا الوضع إحتياج أو طلب متنامي حول المحتوى الذي يزرع الأمل وأن يساعد المتلقي في فهم هذا الواقع الجديد.
وهذا ما أكده التقرير الصادر عن معهد "رويترز" قبل أشهر قليلة حول اتجاهات الصحافة العالمية، حيث أكد على أنه يجب التركيز على القصص الملهمة والإيجابية وكذلك الأخبار التفسيرية ومشكل التغيرات المناخية.
بما أنك ذكرت "ترو سطوري"، ماذا تحقق بعد مرور حوالي سنة على الانطلاقة؟
في الحقيقة وبالرغم من المجهود الذاتي والإمكانيات المحدودة، إلا أننا حققنا حصيلة مشرفة بأزيد من 40 حوار مع شخصيات مختلفة من عالم الثقافة والعلوم والفن وكذلك في مجال ريادة الأعمال، حققنا فيها المناصفة بين النساء والرجال.
أي بمعدل 4 حوارات في الشهر، كما حققنا أزيد من مليون ونصف مشاهدة في مجموع الفيديوهات وهو رقم مهم بحكم أننا مازلنا في البدايات، هذا على مستوى الإنتاج والتسويق.
أما من ناحية المؤشرات الأخرى التي نقيس بها نجاح المشروع، فقد تم اختيار "ترو سطوري" للمشاركة في برامج الحضانة والمواكبة، ولعل أبرزها برنامج إنتاجات جديدة الذي تسهر عليه الوكالة الفرنسية لتنمية الإعلام، وكذلك برنامج "ميديا لوفز تيك" التابع لأكاديمية دويتشه فيله.
إذ شاركت بصفتي حاملا لمشروع في الفعاليات التي نظمت خلال فترة الحضانة والتقيت مع خبراء في مجال الإعلام من فرنسا، وألمانيا، وكندا، وتونس، هذه أشياء تساعدك في بناء المشروع وتُربحك الوقت.
في اعتقادك ما الذي ينقص الإعلام المغربي؟
لنكن واقعيين لدينا أجود الصحفيين والصحفيات على المستوى القاري والعربي، وفي اعتقادي ليس لدينا أي مشكل في الكفاءات وهذا طبعا رأيي، لكن هناك تحد كبير تواجهه المؤسسات الإعلامية وسيتفاقم أكثر خلال السنوات القادمة، وهو مشكل العقليات الكلاسيكية التي تسير المقاولات الإعلامية بالإضافة لمحدودية نموذجها الاقتصادي، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى، فإن إعلامنا مطالب بتعزيز حضور النساء وذوي الاحتياجات الخاصة، لأن هناك إقصاء كبير لهذه الفئات وجب تداركه وتصحيحه ولن يتم ذلك إلا برؤية أو استراتيجية تقدر مكانة الإعلام ودوره في حياة الأمم كما تقدر وضع الرجل. المناسب في المكان المناسب كقيمة مضافة لرسالة الإعلام المكتوب أو المقروء.