تميزت بداية عقد الخمسينيات بالتوتر الشديد مع المستعمر، الأمر الذي سيعرض عبد الله إبراهيم لكثير من المتاعب رفقة العديد من الوطنيين.
"(...) في 1951، انخرط طلبة مدرسة بن يوسف، المؤطرين من طرف عبد الله إبراهيم، في الإضراب وخرجوا في مظاهرات مساندة لزملائهم في القرويين، وأطلق حرس الباشا الكلاوي العنان لتصرفاتهم القمعية.
ويتذكر محمد بن سعيد أيت يدر أن بعض الطلبة تم اعتقالهم وجلدهم، إذ سيكون من نصيبهم 200 جلدة وسيتم حك الفلفل الحار على شفاههم. كما أعطيت التعليمات بإسقاطهم في الامتحان. ولكن عبد الله إبراهيم تدخل لدى السلطان، وأقنعه بضرورة إعادة الاختبارات. 'بهذه الطريقة نجوت شخصيا من سنة بيضاء...' يقول أيت يدر.
تميزت هذه السنة بمحاولات الإقامة العامة خلع السلطان الذي دخل في "إضراب الخواتم" (امتنع عن توقيع أي وثيقة). إذ تمت محاصرة القصر، وأخذت الأجواء تتوتر. بمراكش، اشتد التوتر أكثر بين الكلاوي وعبد الله إبراهيم الذي يمثل الوطنيين.
أحس الباشا بأنه يفقد بعض من هيمنته، بعدما أخذت بعض القبائل في محيط مراكش تنسج تحالفات ضده، ما جعله يرفع من حدة قمعه. خاصة لما قامت الأمم المتحدة ببحث القضية المغربية وأرسلت لجنة تحقيق إلى المغرب. وبتخطيط من عبد الله إبراهيم سيسلم طلبة 'بن يوسف' تقريرا للمبعوثين الأمميين.
جرى اعتقال هؤلاء الطلبة بتهمة الإخلال بالنظام العام، وفرضت الإقامة الجبرية على عبد الله إبراهيم ببلدة 'تزناخت'، وأرسل آخرون إلى 'دمنات' و'شتوكة'(...) أما الوطنيون الآخرون من أمثال عبد السلام الجبلي، وامحمد بوستة، وأحمد بنكيران فرحلوا إلى الدارالبيضاء.
سيقضي عبد الله إبراهيم ثلاثة أشهر في الجنوب قبل أن يعود إلى مراكش حيث واضب على لقاء فاطمة. كان الزواج مقررا في 1952، ولكن فاطمة أخذت تتعود من الآن على العيش مع مناضل يقضي في السجون أكثر مما يقضي في بيته. وتقول ضاحكة 'قال لي أنا ذاهب للقاء الكلاوي وأعود.. ولكني لم أراه إلا بعد ثلاثة أشهر'.
سيشتد التوتر أكثر في 1952، إذ سيراسل السلطان في مارس من هذه السنة رئيس الجمهورية الفرنسية طالبا إعادة النظر في معاهدة الحماية، بينما أطلق حزب الاستقلال، الذي وصل عدد أعضائه إلى 100 ألف عضو، حملة دولية(...)
في شهر دجنبر من هذه السنة دائما، اغتيل القياد النقابي التونسي فرحات حشاد، من طرف تنظيم "اليد الحمراء" بتونس، فقرر حزب الاستقلال تنظيم مظاهرات للاحتجاج على هذا الاغتيال. اجتمعت اللجنة التنفيذية في اليوم نفسه بشارع تمارة بالرباط، وتم تكليف عبد الله إبراهيم، الذي يعلم الجميع ميله إلى النقابات، بتنظيم الرد العمالي والإشراف على إضراب تضامني لمدة 24 ساعة.
ولكن سلطات الاحتلال قامت بإنزال في زنقة "لاسال" بكاريان سنترال بالدارالبيضاء، حيث كان يجتمع القادة النقابيون والسياسيون، فتم اعتقال كل المسؤولين، وتحولت المظاهرة إلى مواجهات حادة ستسفر عما بين 269 و400 قتيل، وربما أكثر. وتتحدث التقديرات عن ألف قتيل خلال الصدامات التي جرت يومي 7 و8 دجنبر والتي تحولت في مجزرة حقيقية."