للقيام بالإصلاحات التي كان يرغب فيها عبد الله إبراهيم، كونت حكومته 7 مجموعات تتكون من خبراء أكفاء، عكفت كل واحدة منها على قطاع أو قطاعات معينة. وقد اشتغلت جميعها على مشاريع طلائعية وطموحة جدا لو أنجزت كلها لكان وجه المغرب غير هذا الذي نراه.
"(...) على المستوى الداخلي، ستطبع الإصلاحات الحكومية الأذهان إلى الأبد. ومنذ الشروع في عملهما، اتصل عبد الله إبراهيم وعبد الرحيم بوعبيد بالملك محمد الخامس للشكوى من العراقيل التي تضع أمامهما إدارةُ يسيطر عليها الموظفون الفرنسيون سيطرة كاملة.
أنصت إليهما الملك ومنحهما ثلاثة أشهر لإعداد برنامج واضح. بادر الرجلان إلى جمع 45 خبيرا من كل الجنسيات لتحديد الخطوات التي يتعين اتباعها، فتوزع هؤلاء على 7 مجموعات عمل، بهدف إرساء قواعد اقتصاد شامل واشتراكي وخاضع للتخطيط.
1- الإصلاح الزراعي:
عكفت المجموعة الأولى على الفلاحة والتهيئة الحضرية لتحسين الإنتاج الزراعي، واستخراج مليوني هكتار صالحة للزراعة من الأراضي المسترجعة من المعمرين وأراضي الدولة وكذا ممتلكات الأحباس، وخلق وحدات من 5 آلاف هكتار عصرية وقابلة للحياة.
وسيكون هذا كله مصحوبا بجمع السكان في مراكز حضرية لتسهيل الولوج إلى الخدمات الاجتماعية والثقافية، مثلا تشيد 300 قرية تضم 5 آلاف نسمة، و150 مركزا حضريا يضم كل واحدا منها 50 ألف نسمة، و7 مدن كبيرة تضم 500 ألف نسمة، ولن يتعدى عدد سكان حاضرة الدار البيضاء مليون إلى مليون و250 ألف نسمة.
وستخصص الجبال لتربية الماشية، وسيتم تصدير إنتاجها إلى الخارج بنسبة 86%. وتلتزم الدولة بتوفير الأليات والأراضي، والبذور، ومساعدات لإنجاز عمليات الحصاد، ومساعدات أخرى لمعالجة المنتوجات وتسويقها.
كما تتعهد الدولة بضمان مدخول للفلاحين إن قبلوا بالعمل في إطار تعاونيات، والانضمام إلى المجالس الجماعية، القاعدة السياسية للإصلاح الزراعي المقبل.
2- صناعة القرب
وأعدت المجموعة الثانية خطة لإرساء أسس صناعة مرتبطة بالفلاحة في المرحلة الأولى، بإنشاء مصنع لصناعة الجرارات لن يتجاوز ثمن الجرار الواحد منها 7 آلاف درهم، ومصنع آخر لتركيب السيارات، ووحدات لصناعة التجهيزات المختلفة، ومصنع للصلب وعدة وحدات للصهر. وتم التفكير في التعاون مع بلدان أوروبا الشرقية لأسباب تتعلق بالتكلفة.
3- تعميم الماء الشروب والكهرباء
المجموعة الثالثة اشتغلت على السبل الكفيلة بتعميم الماء الشروب والربط بالكهرباء على كل سكان المغرب، الذي كان عددهم يتراوح بين 8 و12 مليون نسمة.
4- جهوية "متقدمة"
أما المجموعة الرابعة فسعت إلى محاربة فكرة وجود مغرب نافع وبالتالي آخر غير نافع. ففكرت في تقسيم المجال الترابي المغرب بشكل تمتد فيه كل جهات البلاد من الصحراء إلى البحر.. جهات تتمتع بسلطة التدبير الذاتي.. جهات متساوية، تقوم على تنمية متوازنة. الفكرة هنا تروم إعادة إعمار المناطق المحرومة والمهمشة. ويمكن لهذا المغرب الجديد التخلي حتى عن الجيش، مادام كل مغربي مدعو للدفاع عن بلاده.
5- القطاعات الاجتماعية
وانكبت المجموعة الخامسة على الشغل (40% في القطاع الفلاحي)، والصحة، والتعليم الذي كان يجب أن يكون شاملا وعاما في أفق 1987.
6- استثمار السواحل
وركزت المجموعة السادسة على دراسة الكيفية التي يمكن من خلالها تثمين ألفين كلم من السواحل.
7- المالية والعملة
وعكفت المجموعة السابعة على مالية البلاد، والعملة الوطنية المقبلة، والعلاقات مع فرنسا كما هي محددة في اتفاقات الاستقلال، والأبناك الوطنية التي يتعين تأسيسها، وسياسة الصرف، والاستثمارات الضرورية التي قُدِّرت في تلك الفترة بـ11 مليار درهم.