قال الحسن الداكي، الوكيل العام للملك، رئيس النيابة العامة، اليوم الثلاثاء، في الندوة الدولية حول "الوقاية من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة أثناء الإيقاف والاستماع والحراسة النظرية"، إن "التعذيب ليس جريمة كسائر الجرائم، بل هو عمل وحشي يجرد الإنسان من آدميته، بالنظر لما يمثله من مهانة واستباحة لكرامة البشر".
وأوضح الداكي أن هذا ما دفع المنتظم الدولي منذ سنوات، إلى حظر التعذيب وتجريمه ومحاسبة مرتكبيه، واعتماد العديد من الآليات، في مقدمتها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والذي شكل صرخة من شعوب الأرض نحو الضمير الإنساني من أجل التصدي الجماعي لكل مظاهر هذه الظاهرة.
وأبرز رئيس النيابة العامة أن مناهضة التعذيب تعتبر من بين أولويات السياسة الجنائية التي يسهر قضاة النيابة العامة على تنفيذها؛ بحيث يعد هذا الموضوع من بين أحد أهم المحاور الاستراتيجية لعملها، والتي تضمنها المنشور الأول بعد استقلالها عن السلطة التنفيذية، في أكتوبر 2017؛ الأمر الذي انعكس على تقاريرها السنوية التي تخصص محورا خاصا للمعالجة القضائية لقضايا التعذيب.
وأكد الداكي حرص النيابة العامة على التنفيذ الصارم للمقتضيات القانونية المتعلقة بمكافحة التعذيب والوقاية منه، من خلال القيام بزيارات تفقدية لأماكن الحرمان من الحرية، والتثبت من تطبيق المقتضيات القانونية المتعلقة بالفحص الطبي للأشخاص المقدمين إليها بعد الحراسة النظرية، تلقائيا أو بناء على طلب، والبت في جميع الشكايات المتعلقة بالتعذيب المعروضة عليها، تفعيلا لمقتضيات المادة 12 من اتفاقية مناهضته.
وفي هذا الإطار، قال رئيس النيابة إن قضاة النيابة العامة قاموا، خلال سنة 2021، بـ24626 زيارة لأماكن الوضع تحت الحراسة النظرية؛ أي بنسبة تشكل 128 في المائة من مجموع الزيارات المفترضة قانونيا، مضيفا أن النيابات العامة أصدرت 1685 أمرا بإجراء فحص طبي على الأشخاص المقدمين أمامها، خلال الفترة الممتدة من سنة 2017 إلى غاية متم شهر غشت من سنة 2022.
ولفت الداكي إلى أن هذه الفحوصات تندرج ضمن الضمانات القانونية التي خولها قانون المسطرة الجنائية للشخص المشتبه فيه، لاسيما المواد 73 و74 و134 التي ألزمت كلا من وكيل الملك والوكيل العام للملك وقاضي التحقيق، كل حسب اختصاصه، بإجراء فحص طبي إذا ادعى المشتبه فيه تعرضه للعنف أثناء فترة الحراسة النظرية أو إذا طلب دفاعه ذلك.
وأضاف أنه يمكنهم بصفة تلقائية، إخضاع المشتبه فيه للفحص الطبي في حالة ما إذا عاين القاضي على المشتبه فيه آثارا تبرر ذلك -علما أن بعض هذه الآثار قد تكون في بعض الأحيان قديمة، نتيجة شجار مع أحد الأشخاص- وذلك بهدف التأكد من طبيعتها والوقت الذي ارتكبت فيه، بغرض ترتيب الآثار القانونية على ضوء ذلك.
وفي إطار الأبحاث التي تقوم بها النيابة العامة بخصوص ادعاءات التعذيب، قال رئيس النيابة العامة إنه لوحظ أن عدد الشكايات المقدمة أمامها عرف انخفاضا، خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وذلك بفضل المجهودات التي تقوم بها مختلف الأجهزة المكلفة بإنفاذ القانون في مجال الوقاية من التعذيب؛ حيث سجلت، خلال سنة 2020، 21 شكاية تتعلق بادعاءات التعذيب، ونفس العدد تم تسجيله، خلال سنة 2021، في حين انخفض هذا العدد إلى 07 شكايات فقط، خلال الفترة الممتدة من فاتح يناير 2022 إلى غاية متم شهر غشت من نفس السنة، تم فتح أبحاث قضائية بشأنها واتخاذ القرارات الملائمة على ضوء ذلك.
من جهة اخرى، كشف الداكي أن عدد المستفيدين من البرنامج الذي وضعته رئاسة النيابة العامة بشراكة مع مجلس أوروبا، في دجنبر 2020، والذي يروم تعزيز قدرات قضاة النيابة العامة في مجال حقوق الإنسان، بلغ حوالي 210 مسؤولا قضائيا و719 قاضية وقاض من قضاة الحكم وقضاة النيابة العامة، إضافة إلى 123 مستفيدا من أطر ومسؤولي رئاسة النيابة العامة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، فضلا عن 108 مستفيدة ومستفيدا يمثلون مؤسسات وطنية أخرى؛ مثل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والمديرية العامة للأمن الوطني، وقيادة الدرك الملكي، والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج.