"منذ الطفولة، شعرت بانجذاب نحو النباتات والأزهار. لم أتعلم يوما أن أحبها، بل إن ذلك مسجل في حمضي النووي"، بهذه العبارات عبر يوسف بلخدير، ذو الأربعة وأربعين عاما، عن عشقه للعالم الذي اتخذه وجهة لبحوثه العلمية.
بعد حصول بلخدير على شهادة الباكلوريا من ثانوية ليوطي بالدارالبيضاء، تحول بشكل طبيعي إلى دراسة البيولوجيا الجزيئية للنباتات.
وقد درس الشاب الطموح هذا التخصص العلمي في جامعات باريسية مختلفة، قبل أن يحول وجهته إلى كارولينا الشمالية، حيث عمل على استكشاف طريقة النباتات في استشعار الهجومات الباكتيرية الخارجية والدفاع عن نفسها.
خلال تحضيره للدكتوراه، وصلت أبحاث الشاب المغربي إلى العملاق السويسري في الصناعة الغذائية "سينجينتا" (Syngenta)، الذي سيستعمل تلك الاكتشافات لإعداد نباتات أكثر مقاومة.
أما الانطلاقة الحقيقية للباحث المغربي في مساره العلمي، فقد بدأت مع معهد "سالك" (Salk) بكاليفورنيا، الذي سينضم إليه كباحث مشارك لدراسة قدرة النباتات على استعمال "الستيرويدات" (مركبات عضوية طبيعية أو اصطناعية لها دور مهم، خاصة على المستوى الهورموني)...
وعلى الرغم من بعض الاكتشافات الواعدة، اضطر الباحث بلخدير إلى العودة إلى الدارالبيضاء، "على عجل" لأسباب عائلية، لكنه لم يكن يتصور أن يطول به المقام، خصوصا بعد لقائه مع وزير الصناعة حينذاك أحمد رضى الشامي، الذي شجعه على الانضمام إلى مؤسسة للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي (MASCIR)، بصفته مسؤولا عن قطب التكنلوجيات الحيوية الخضراء.
بدا بلخدير متحمسا، في البداية، لكنه سرعان ما بدأ يتراجع في إقباله على هذا العمل، لأن المؤسسة تعتمد منطق مردودية الاستثمارات، وبذلك كانت تنتظر من الباحث الشاب نتائج سريعة، وفي إطار أهداف محددة، وقابلة للاستعمال الصناعي.
"شعرت ببدء التعقيدات بسبب اختلاف وجهات النظر، لأنني رجل علم يؤمن بقوة الاكتشاف"، يقول الباحث، ليغادر موقعه بعد تسلمه بثلاثة أشهر ويقرر إعادة "استثمار نفسه".
وقد تمكن، منذ خمس سنوات من العمل على رأس فريق من الباحثين بالأكاديمية النمساوية للعلوم "بميزانية معتبرة وبحرية كاملة" للقيام بأبحاثه...