بقلم: مراد بورجى
أحال فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية لكرة القدم، خلال ترؤسه يوم أمس الثلاثاء لاجتماع المكتب الجامعي، ملف فضيحة "التلاعب بالتذاكر"، المُقتناة من طرف الجامعة، خلال مونديال قطر، على لجنة تتشكّل من القُضاة الذين يترأسون اللجان القانونية بالجامعة، للبحث في ما راج حول بيع هذه التذاكر في السوق السوداء في ظروف غامضة.
فوزي لقجع كان واضحا وصريحا في توصيف ما جرى في مونديال قطر، حين اعتبر التلاعب بالتذاكر قضية أفسدت نسبيا فرحة وتوهّج الجماهير المغربية بإنجازات أسود الأطلس، واصفا إياها بـ"البؤس والجشع"، ليعلن أنه لن يتوانى، شخصيا، ومعه المكتب المديري للجامعة، في اتخاذ العقوبات الصارمة في حق من وصفهم بـ"البؤساء المحسوبين على كرة القدم"، الذين استغلوا هذا الحدث، كيف ما كان شأنهم وكيف ما كانت مناصبهم ومسؤولياتهم.
وأبرز لقجع أن التقارير، التي توصل بها من طرف السلطات العمومية المعنية، سيضعها أمام قضاة اللجنة الجامعية ليطلعوا عليها ويُجروا التحريات اللازمة في ظرف 10 أيام، مشددا على أن كل من ثبت تورّطه في التلاعب بتذاكر المباريات، بأي شكل من الأشكال، سيُطرد بعد العاشر من يناير، في إشارة إلى الاجتماع المقبل للمكتب المديري يوم 16 يناير، من عالم كرة القدم المغربية، مع إمكانية إحالة الملف على الجهات القضائية ذات الاختصاص.
وفي هذه القضية، نُشير إلى أن العضو الجامعي محمد بودريقة كان قد كُلِّف من طرف الجامعة الملكية لكرة القدم، والوزارة المشرفة على القطاع الرياضي، بتوزيع تذاكر المباريات، المقتناة من المال العام، بالمجان، على الجمهور المغربي الموجود بقطر، وتابعنا كيف أن البعض من هذا الجمهور ادعى أن العديد من هذه التذاكر قد تم بيعها في السوق السوداء بدل توزيعها بالمجان، وخرج البعض منهم إلى الشارع العام بالعاصمة القطرية الدوحة للتنديد بعملية البيع هاته، التي اعتبروها اختلاسا للمال العام، وهو ما استنكرها بدوره لقجع واعتبرها "ممارسات مشينة" لن تمر دون عقاب.
ولتسليط ضوء كاشف على هذا الملف، أشير إلى أن القانون الجنائي المغربي يعتبر أن أي تكليف لشخص غير رسمي من طرف الدولة بمهام خارج أو داخل المغرب، يُصبح معه هذا الشخص، خلال ممارسته لمهام التكليف، بمثابة "موظف عمومي" تسري عليه أحكام القانون الجنائي إذا ما ثبت في حقه أي اختلاس.
وإذا ما فاقت المبالغ المُختلسة 100 ألف درهم، حسب نفس القانون، يُعتبر هذا الفعل الجرمي جناية وينعقد الاختصاص بغرفة الجنايات المُكلفة بجرائم الأموال.
وكان لافتا للنظر حجم الأسى والتحسر، الذي ظهر جليا على ملامح رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، فوزي لقجع، وهو يشير إلى أنه كان ضروريا أن يُخبر أعضاء المكتب المديري، ومن خلالهم المغاربة بقراره القاضي بفتح تحقيق في التلاعب بتذاكر تلك المباريات، التي كانت موجهة للجماهير المغربية، التي قال لقجع إنها ضحَّت وتنقّلت إلى قطر من المغرب ومن مختلف بقاع العالم لتشجيع المنتخب الوطني.
من الأكيد أن المغاربة، الذين ظلوا يتحسرون بدورهم وينتظرون ما ستُقدم عليه جامعة الكرة، سيحسون بالارتياح بعد تلقيهم لقرار لقجع، وسينتظرون أن يذهب التحقيق إلى مداه، ويوضع الملف أمام البحث القضائي ليشمل كل من ثبتت علاقته بالسمسرة في التذاكر، دون أي اعتبار لمراكز ومواقع المتورطين، أو انتمائهم "الحزبي".
وهنا يجب الإقرار بأن جرأة فوزي لقجع في توصيف هذه التلاعبات بالتذاكر، وفي اتخاذ قرار البحث والتحقيق باعتباره الشرط الأساس للحساب والعقاب، ولا محالة أن لقجع، باتخاذه ما يلزم من تدابير حمائية واحتياطية مستقبلية حتى لا يتكرر ما جرى، ستجعل منه مسؤولًا يخرج على قاعدة "التسكين" لامتصاص غضب المغاربة، التي تنهجها الحكومة، التي "خرجت ليها نيشان" بقرارات تكرّس سياسة الإفلات من العقاب، بعدما تفاجأ المغاربة بهذه الحكومة وهي تلغي من عملها وبرامجها كل ما له صلة بتخليق الحياة العامة ومكافحة الفساد، وعلى رأسها سحب مشروع القانون الجنائي الذي يتضمن تجريم الإثراء غير المشروع، وهي القرارات التي ينظر إليها المغاربة اليوم على أنها بمثابة إعلان علني ورسمي يعبّر عن إرادة الحكومة الحالية لحماية المسؤولين الفاسدين، وللالتفاف على أوامر الملك حول ربط المسؤولية بالمحاسبة.