تشهد دبي اليوم الأربعاء، شللا كاملا مع استمرار الفوضى في مطارها الرئيسي وانقطاع جزء كبير من الطرق بسبب تجمع المياه، غداة عاصفة ترافقت مع أمطار بمستوى لم تشهده الإمارات منذ 75 عاما، أدت إلى مقتل شخص في إمارة رأس الخيمة.
وقال أحد الركاب غاضبا بعد انتظار رحلته لمدة 12 ساعة لوكالة "فرانس برس": "هناك ضياع تام وفوضى عارمة في المطار، منددا بـ"عدم توافر معلومات".
وتلقى الرجل الخمسيني سلسلة رسائل نصية تفيد في كل مرة عن تأخر إضافي لموعد رحلته، إلى أن اختلطت المعلومات، فاختفت الرحلة عن الشاشات في المطار، فيما ذكرت شركة الطيران على تطبيقها أن الرحلة متأخرة، أما الموقع الرسمي للمطار فقد أظهر أنها ألغيت.
وكانت الشركة المشغلة لمطار دبي طلبت من المسافرين صباحا، عدم التوجه إلى أكثر مطارات العالم ازدحاما من حيث عدد الركاب الدوليين، "إلا في حالات الضرورة القصوى".
وأفاد المتحدث باسم شركة "مطارات دبي" عن "استمرار تأخير رحلات وتحويل مسارات أخرى، مشيرا إلى أن "الظروف صعبة للغاية".
وعلقت شركة "طيران الإمارات"، إحدى أكبر شركات الطيران في الشرق الأوسط، إنجاز "إجراءات السفر للمسافرين المغادرين من دبي، طوال يوم الأربعاء، بسبب التحديات التشغيلية الناجمة عن سوء الأحوال الجوية وظروف الطرق".
ويعاني الموظفون والركاب للوصول إلى المطار إذ تغرق الطرق المؤدية إليه بالمياه. وشوهدت سيارات طافية في نفق المطار صباحا، وقد هجرها سائقوها.
داخل المطار، وقف الركاب في طوابير طويلة للوصول إلى مكتب الترانزيت والاستعلامات، وراحوا يصفرون احتجاجا على عدم تزويدهم بالمعلومات.
في خضم العاصفة الثلاثاء، علق المطار عملياته لمدة 25 دقيقة بعد الظهر، واضطر مساء إلى تحويل مسارات الطائرات القادمة لحوالى ساعتين قبل أن يستأنف الاستقبال تدريجيا.
ورغم تحسن الأحوال الجوية، تبقى طرق كثيرة مغلقة بسبب تجمع مياه الأمطار. وقد أظهرت مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، مركبات تعود أدراجها على طريق سريع يربط إمارة الشارقة بأبوظبي مرورا بدبي.
وينعكس ذلك بشكل كبير على كافة مفاصل الحياة في الإمارة الثرية المعروفة بسهولة الوصول إلى الخدمات فيها. فلا تزال خدمات التسو ق الإلكتروني متوقفة لتعذ ر التوصيل إلى المنازل، كما أن مصرف ا واحد ا على الأقل أبلغ عملاءه بـ"تأثر" عدد من فروعه وآلات سحب الأموال بسبب "الظروف المناخية".
واشتكى سكان في أنحاء عديدة من دبي من انقطاع التيار الكهربائي، بدون أن يصدر إعلان رسمي عن السلطات في هذا الشأن.
وتم تشغيل نظام الدراسة والعمل عن بعد في كل أنحاء الإمارات الثلاثاء والأربعاء. وأعلنت السلطات تمديد القرار حتى نهاية الأسبوع.
وروى شاب ثلاثيني، رفض الكشف عن اسمه، إن رحلته من عمله إلى منزله التي تستغرق عادة 15 دقيقة، استغرقت 12 ساعة الثلاثاء في خضم العاصفة.
وقال لوكالة "فرانس برس": "عبرت أماكن تجمعت فيها المياه وكنت خائفا جدا، إنه من أبشع المواقف التي عشتها، لأنني كنت مدركا أنه لو تعطلت سيارتي فستغرق وسأغرق معها".
ولقي رجل حتفه في إمارة رأس الخيمة. وكتبت شرطة الإمارة على منصة "إكس": "وفاة مواطن في السبعين من عمره بعد أن جرفت مياه السيول مركبته".
وروى رب أسرة رفض أيضا الكشف عن هويته، أنه قرر تغيير طريق عودته إلى منزله أول يوم أمس الثلاثاء، لشراء وجبات للأكل السريع لأطفاله، لكنه علق في سيارته لمدة ست ساعات بسبب الزحمة وتجمع المياه، وعاد خالي الوفاض.
وقال لوكالة "فرانس برس": "أستطيع أن أفهم أن البلاد لا تستطيع التعامل مع أمطار بهذا الحجم، لكن الافتقار إلى الشفافية والمعلومات الآنية أمر مخيب للآمال".
وأكدت خبيرة المناخ فريدريكه أوتو المتخصصة في تحليل دور تغير المناخ في بعض الظواهر الجوية القصوى، أنه "من المحتمل جدا" أن تكون الأمطار التي شهدتها منطقة الخليج في الأيام الأخيرة أصبحت أكثر غزارة بسبب تغي ر المناخ.
ونفت الخبيرة مريم الشحي من المركز الوطني للأرصاد في الإمارات، تقارير عن قيام السلطات بعملية استمطار قبل العاصفة الأخيرة، الأمر الذي فاقم الحالة الجوية.
فقالت "لم نقم بأي استمطار لأن الحالة الجوية كانت قوية أصلا وتوقعنا ذلك".
وتستخدم الإمارات بشكل متزايد تقنية تلقيح السحب لزيادة التساقطات المطرية. وتتضمن العملية ضخ الملح أو خليط من الأملاح في السحب. ثم تساهم البلورات في تسريع عملية تشك ل الأمطار.
وأوضحت الشحي أن "طبيعة الأرض الصحراوية تحتاج إلى وقت أكثر من أراض أخرى كي تتسرب المياه إلى جوفها"، مشيرة إلى أن "كمية الأمطار التي هطلت أكبر من أن تتمكن الأرض من استيعابها".
وكان المركز الوطني للأرصاد أعلن أن الإمارات شهدت الثلاثاء هطول أكبر كميات أمطار منذ بدء تسجيل البيانات المناخية عام 1949، أي قبل تأسيس الاتحاد عام 1971.
وأشار إلى أنه "تم تسجيل أعلى كمية أمطار في منطقة خطم الشكلة بالعين (في أبوظبي)، حيث بلغت 254,8 ملم في أقل من 24 ساعة".
في البحرين التي ضربتها العاصفة الثلاثاء الماضي، ستبقى أيضا المدارس مغلقة حتى الأسبوع المقبل. وسجلت الدولة الخليجية أيضا تساقط أمطار غزيرة لم تشهدها منذ سنوات طويلة. بحسب إدارة الأرصاد الجوية.
وأودت العاصفة بحياة 18 شخصا على الأقل في سلطنة عمان منذ الأحد.