يتذكر الوداديون المنتشون بالفوز باللقب العشرين في تاريخ فريقهم، رجلا يعتبرونه بمثابة الأب الروحي للفريق. فقد ساهم الراحل عبد الرزاق مكوار، على مدى عشرين عاما في فوز الوداد بالكثير من الألقاب الوطنية والمحلية وتكريسه رقما صعبا في جميع المنافسات، غير أن الراحل الذي توفي في الخامس من يونيو 2009، كان يحلم للمغرب بموقع وازن في مسرح الكرة العالمية. ألم يكن سباقا إلى طرح فكرة تنظيم المغرب منافسات كأس العالم؟
من الوجوه الكبيرة، التي تفتقدها كرة القدم المغربية، ذكراه حاضرة بقوة لدى جماهير الوداد البيضاوي وغير الوداد، مهما فرقهم عشق فرقهم، فهم لا يجدون بدا من الاعتراف بأن الرجل كان، مع قلة من المسيرين، واثقا في قدرة كرة القدم المغربية على منافسة أعرق المدارس العالمية، حتى أن العديدين كان يخالونه مستسلما لحلم حلق به بعيدا كي يرى المستحيل ممكنا.
لم يغب عن ذاكرة جمهور الوداد البيضاوي في غمرة الأحداث التي كان الفريق الأحمر في قلبها في الأيام الأخيرة، بعد ما وقع ب "رادس » بتونس، فقد خلدت الجماهير ذكراه، عبر تعداد مناقبه وأياديه البيضاء على النادي الأحمر الذي تولى تسييره على مدى 21 عاما، فالجميع يعتبره الأب الروحي للنادي، الذي حلم من أجله بمستقبل يشبه النوادي العالمية الكبرى.
في الذكرى العاشرة لرحيل الرئيس عبد الرزاق مكوار، الذي توفي في الخامس من يونيو 2009، استعاد الوداديون محطات من تاريخ قيادة الرجل للفريق الأحمر، حيث نقرأ في إحدى صفحات فيسبوك العائدة لـ"وينرز": "في مثل هذا اليوم من سنة 2009 تلقينا بأسى و حزن شديدين خبر وفاة الحاج عبد الرزاق مكوار. رجل ليس ككل الرجال. تقلد مهام رئاسة نادي الوداد الرياضي لما يقارب العقدين من الزمن، مزج فيها بين النجاح الرياضي و التسييري.كل الكلمات لن تكون كافية لشكر الرجل على ما قدمه للنادي. رحم الله الحاج مكوار و أسكنه فسيح جناته، رحم الله كل الرجالات التي ساهمت في بناء هذا الصرح العظيم و الحفاظ عليه. وليأخذ الأحياء العبرة ممن سبقوهم. فوحدهم من عملوا بجد و أعطوا الأولوية للوداد و أعلوا اسمها سيتذكرهم التاريخ ".
ذكراه تتناقها الأجيال التي حفظت له عشقه للوداد، التي سعى إلى خدمته، فرغم توليه مسؤوليات كسفير للمغرب بهولندا ومنصب كاتب عام بمكتب التسويق والتصدير، لم يكف عن التفكير في الوداد، والبحث عن أفضل السبل للرقي بالكرة المغربية. وقد ارتبط اسمه بالوداد إلى درجة طغت رئاسته للأحمر على جميع مسؤولياته الأخرى.
كلما وجد الوداديون أنفسهم في وضعية عدم يقين، تذكروا الراحل عبد الرزاق مكوار، الذي حقق مع الفريق الأحمر إنجازات غير مسبوقة، فقد فاز معه بخمس بطولات وطنية في الفترة الممدة بين 1976 و1993، وتوج أربع مرات بكأس العرش، وحظى في ظل رئاسته لكأس محمد الخامس وعصبة الأبطال الإفريقية في 1992 والكأس الأفروأسيوية في عام 1993.
لم ينشغل فقط بتحقيق إنجازات للفريق الأحمر، بل سعى إلى تحسين وضعية لاعبي الفريق، فعلى غير عادة الأندية في البطولة الوطنية، خصص راتبا للاعبين وفاوض مؤسسة مستشهرة من أجل تشغيلهم، لم يكتف بضمان وظائف للاعبين، بل إنه كان يساعدهم على إنجاز مشاريع صغيرة من أجل تأمين مستقبلهم ومستقبل أسرهم.
واحتضن بحسه الأبوي الكثير من اللاعبين الذين التحقوا بالوداد من أندية أخرى مثل الراحل مصطفى شكر، الملقب ب" بيتشو"، الذي جلبه من الرجاء البيضاوي، فسهل عليهم عملية الاندماج في فريق يزخر بالنجوم ولا يقبل جمهوره سوى الإنجازات.
كان يستحضر في سعيه للرقي بالوداد البيضاوي، نموذج الأندية العالمية الكبرى، بل إنه اجتهد من أجل جلب العديد من الأندية الأوروبية الكبيرة إلى الدار البيضاء، مثل برشلونة وأجاكس،وليفربول وبايرن ميونيخ وسانت إيتيان. تلك أندية كانت تصنع مجد الكرة الأوروبية في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي.
لم يركن للإنجازات الرياضية التي كان يحققها الوداد في ظل رئاسته. كان يفكر في المستقبل، هذا دفعه إلى الحرص على بناء بيت للوداديين، فكان مركب محمد بنجلون، الذي أراده محتضنا لمدرسة الفريق الأحمر لتكوين الخلف، فرغم جذبه لنجوم من فرق أخرى، إلا أنه كان حريصا على مد الفريق الأول بمواهب من الشباب الذي يأتي من الأحياء الشعبية بالعاصمة الاقتصادية، والتي شكلت تاريخيا معقلا لجماهير الفريق.
بدا للكثيرين مغرقا في الحلم، عند اقترح التقدم بطلب لتنظيم منافسات كأس العالم، لم يشاطره الحلم أحد، لكنه أوضح بعد ذلك، أنه كان يدرك أن ذلك المقترح، كان صعب التحقق حين ألقى به أمام الملأ، لكنه كان يراهن أن يبدأ المغاربة في العمل من أجل تحقيق ذلك الهدف في المستقبل.