خصص تقرير رئيس النيابة العامة، محمد عبد النباوي، حول تنفيذ السياسة الجنائية وسير النيابة العامة برسم سنة 2018، الذي قدمه للملك محمد السادس، في انتظار مناقشته من طرف لجنتي العدل والتشريع بمجلسي البرلمان حيزا هاما للحديث عن استقلالية السلطة القضائية في ظل ما تواجهه بعض اجراءاتها وأحكامها من انتقادات.
التقرير، اعتبر أن قضاة النيابة العامة مستقلون في قراراتهم شريطة صدورها على أساس التطبيق العادل للقانون، غير أن هذا الاستقلال ليس مزية ممنوحة للقاضي لاستعمالها لذاته ونزواته ورغباته أو لأفكاره الخاصة، وإنما هي ضمانة ممنوحة له لحمايته من كل تهديد أو تأثير يمكن أن يؤثر على تطبيقه للقانون تطبيقا عادلا.
وأشار رئيس النيابة العامة أن استقلال القضاء يتطلب: عدم خضوع القضاة لسلطة أخرى غير السلطة القضائية، وأن لا يتعرض القاضي لأي تأثير في أحكامه، سوى تطبيق القانون، وإذا تعلق الأمر بقضاة النيابة العامة تطبيق التعليمات الرئاسية الكتابية والقانونية عند الاقتضاء، وأن يستعمل القاضي استقلاله لتطبيق القانون وفقا لمبادئ الانصاف.
واعتبر التقرير، أنه "إذا توفرت هذه المعايير، فلا يمكن الحديث عن عدم استقلال القضاء، ولا يمكن نسبة الأخطاء أو الانحرافات التي قد تعترض سير بعض القضايا لغياب الاستقلال، في حين أن أسبابها أمور أخرى، قد تتمثل في نقص التكوين أو نقص العناية الواجب على القضاة بدلها، كما قد يتعلق الأمر بانحرافات بشرية فردية"، داعيا إلى التمييز بين هذه الأمور، ومعالجتها وفقا للمحددات القانونية.
وشدد عبد النباوي، أنه ليس من الملائم أن يتم الحديث عن عدم استقلالية القضاة من طرف بعض الجهات كلما صدرت أحكام لا تستجيب لمطالبها ورغباتها، كما لا يجب أن يصبح موضوع استقلال القضاء شماعة تعلق عليها أخطاء القضاة الفردية، أو مبرر لتدمر بعض الغاضبين من أحكام لا تستجيب لرغباتهم رغم التزامها بالقانون، مشيرا إلى أن استقلال القضاء يتطلب من الأطراف احترام أحكام المحاكم وسلوك الإجراءات القانونية وطرق الطعن المتاحة للطعن فيها، أو للتظلم منها، بدلا من التشهير بالسلطة القضائية وادعاء عدم استقلال أعضائها.
ويضيف التقرير، أن بناء الثقة في النظام القضائي لا يتأتى عن طريق إجراء محاكمات عن طريق الوسائط الاجتماعية للإجراءات والأحكام القضائية، قبل انتهائها، ومن غير استعمال المعايير القانونية للتقييم، وإطلاق أوصاف قدحية على الأحكام والإجراءات القضائية واتهامها بالجور والظلم، والانحياز وعدم الاستقلال، دون تقييمها تقييما قانونيا موضوعيا.
ودعا رئيس النيابة العامة كل السلطات والمؤسسات ووسائل الإعلام، وجميع المواطنين إلى دعم استقلال القضاء، باعتباره الطريق الوحيد لتحقيق العدل والانصاف، معتبرا أن هذا الاستقلال لا يمكن أن يتحقق دون احترام لقرارات القضاة والثقة فيها، وممارسة المساطر والطعون الممكنة للطعن أو التظلم من المقررات القضائية في حالة عدم القبول بها، معتبرا أن ابداء المواقف من الأحكام يعتبر حقا مشروعا، ولكنه ينبغي أن يتقيد بالضوابط القانونية والأخلاقية، وأن يتم بعد انتهاء الإجراءات حتى لا يستعمل للتأثير في المقررات القضائية.