قال محمد عبد النباوي، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، اليوم الخميس، بطنجة، إن "التطورات التي يشهدها مغرب اليوم في المجالات القانونية والقضائية والحقوقية، والتحديات الكبرى التي تواجهها العدالة، أصبحت تفرض على الفاعلين في المنظومة مواكبة المستجدات والأنماط الحديثة والجديدة في مجال التقاضي، القائمة على استثمار التكنولوجيا الحديثة والثورة الرقمية التي يشهدها العالم".
وتابع عبد النباوي، في كلمة ألقاها خلال فعاليات المؤتمر الدولي حول التحول الرقمي لمنظومة العدالة، الذي تنظمه وزارة العدل، بشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تحت شعار: "التحول الرقمي لمنظومة العدالة: رافعة لعدالة ناجعة وشمولية"، أن "الرهانات والتحديات الكثيرة المطروحة على العدالة أصبحت تفرض استكشاف كافة السبل والوسائل التي تمكن من تجاوز أسباب البطء، وضعف الفعالية، والانفتاح على جيل جديد من الخدمات الإدارية والقضائية، التي تدعم الشفافية في تدبير الإدارة القضائية والولوج إلى المعلومة، وتمكن من التحكم في الآجال، وتسهم في الرفع من جودة الاجتهاد وتثبيت الأمن القضائي".
وأضاف أنه "لا شك أن استعمال الرقمنة واستثمار التكنولوجيا الحديثة هما السبيل الأكثر نجاعة لتحقيق هذه الغايات. فالمعايير الحديثة المعتمدة في تقييم نجاعة العدالة أصبحت تركز على مدى توظيف الأنظمة القضائية للتكنولوجيا الحديثة في الإجراءات والمساطر وتدبير الإدارة القضائية، بعدما ثبت أن الرقمنة تشكل عاملا أساسيا للرفع من نجاعة أداء المحاكم، وتبسيط الإجراءات، واختصار الزمن القضائي، وتسهيل الولوج إلى المحاكم، والوصول إلى الحق، وتوفير المعلومة، وإضفاء الشفافية على العمل القضائي".
وسجل عبد النباوي أن "هذا ما أكده الملك في رسالته الموجهة للمشاركين في الدورة الأولى لمؤتمر مراكش للعدالة، سنة 2018؛ حيث أكد عاهل البلاد على أنه من بين الأسباب المحققة لتعزيز الثقة في القضاء "تسهيل ولوج أبواب القانون والعدالة، عبر تحديث التشريعات، لتواكب مستجدات العصر، وتيسير البت داخل أجل معقول، وضمان الأمن القضائي اللازم لتحسين مناخ الأعمال، وتشجيع الاستثمار وتحقيق التنمية، فضلا عن دعم فعالية وشفافية الإدارة القضائية، باستثمار ما تتيحه تكنولوجيا المعلوميات".
وأبرز الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية أن "التراكم الذي تحقق، خلال السنوات الأخيرة، في مجال تنزيل التحول الرقمي بمنظومة العدالة، أصبح يفرض على الفاعلين في تدبير شؤون هذا القطاع مزيدا من التنسيق والتعاون لترصيد المكتسبات وتثمينها، واستكشاف فرص جديدة وآفاق واعدة تسهم في تنزيل تحول رقمي حقيقي بالقطاع، يعكس انتظارات مختلف الفاعلين، ويتجاوز المقاربة التجزيئية إلى مقاربة شمولية متكاملة تحقّق الالتقائية المطلوبة مع مشروع التحول الرقمي الشامل، الذي تنشده الحكومة، في كافة المجالات والقطاعات".
وفي هذا السياق، يضيف عبد النباوي أن "المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وانطلاقا مما نص عليه قانونه التنظيمي بشأن التنسيق مع السلطة الحكومية المكلفة بالعدل في مجال تطوير البرمجيات المعلوماتية اللازمة لسير المهام القضائية بالمحاكم، ولرقمنة الخدمات والإجراءات القضائية، وانطلاقا أيضا من منطلق مهامه في الإشراف العام على القضاء الوطني، ودوره في المساهمة في تنزيل برامج الإصلاح بمنظومة العدالة، وتعزيز الحكامة والشفافية في تدبير الإدارة القضائية، والرفع من النجاعة القضائية بالمحاكم، فإن المجلس يجدد التزامه بتعزيز التنسيق والتعاون مع السلطة الحكومية المكلفة بالعدل، ومع كافة الجهات الأخرى المعنية بشؤون العدالة، لتحقيق الأهداف والغايات المنشودة في مجال التحول الرقمي. كما أنه لن يدخر جهدا في سبيل تفعيل كل التوصيات والإجراءات المتفق عليها".
وتابع أنه "تجسيدا لهذه القناعة الراسخة، أحدث التنظيم الهيكلي الجديد للمجلس الأعلى للسلطة القضائية بنية إدارية متخصصة في مجال التحديث والرقمنة، من بين مهامها دعمُ رقمنة المحاكم، وتمكين القضاة من برمجيات تساعدهم على إنجاز مهامهم، ومواكبتهم بالتكوين اللازم على استعمالها، وتحليل احتياجات المحاكم في مجال الرقمنة، وذلك بتنسيق مع السلطة الحكومية المكلفة بالعدل".