قانون هيئة محاربة الرشوة في الجريدة الرسمية وأعضاؤها ينتظرون التعيين

الملك يستقبل البشير الراشدي
تيل كيل عربي

بعد تعطل دام لسنوات، تستعد الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة لمباشرة عملها بعد نشر القانون المتعلق بها في الجريدة الرسمية ودخوله حيز التنفيذ.
العدد الأخير من الجريدة الرسمية الذي صدر يوم 13 ماي الجاري تضمن القانون المتعلق بالهيئة، مما يفتح الباب أمام تعيين أعضاء مجلسها.

ويتالف مجلس الهيئة، بالإضافة إلى رئيس الهيئة، من 12 عضوا، يختارون من بين الشخصيات ذات التجربة والخبرة والكفاءة في مجال اختصاص الهيئة، والمشهود لها بالتجرد والحياد والاستقامة والنزاهة,

ويعين أعضاء مجلس الهيئة لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، على النحو التالي:

*أربعة أعضاء يعينون بظهير شريف،

*أربعة أعضاء يعينون بمرسوم،

*عضوان يعينان بقرار لرئيس مجلس النواب، وعضوان آخران يعينان بقرار لرئيس مجلس المستشارين، مع تحقيق مبدأ المناصفة،

*ويراعي في تعيين باقي أعضاء مجلس الهيئة، السعي إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء طبقا لأحكام الفصل 19 من الدستور.

 وكشفت مصادر برلمانية لـ"تيلكيل عربي" أن البرلمان سبق أن حسم موضوع تعيين ممثليه في الهيئة، قبل المصادقة على مشروع القانون الجديد، مشيرة إلى أن مسطرة التعيين لم يطرأ عليها تغيير.

ويشكل هذا المشروع إعادة صياغة شاملة لمختلف مقتضيات القانون الحالي، ووضعها في إطار نص قانوني جديد ينسخ القانون الحالي برمته.

صلاحيات جديدة

منذ تعيين الراشدي على رأس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها ظل يؤكد على ضرورة منح الهيأة صلاحية التصدي التلقائي للفساد بدل الاكتفاء بإجراء التحريات في البلاغات والشكايات التي تصلها، ومن تم فقد نص مشروع القانون على إمكانية أن تتصدى الهيأة تلقائيا إلى كل حالة من حالات الفساد التي تصل إلى علمها، كما يمكنها القيام أو طلب القيام من أي جهة معنية تعميق البحث والتحري في الأفعال التي ثبت للهيأة بناء على معطيات أو معلومات أو مؤشرات أنها تشكل حالات فساد، واتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل ترتيب الآثار القانونية في ضوء النتائج المتوصل إليها.

ومن أجل القيام بمهامها، منح مشروع القانون مأموري الهيئة صلاحية:

-دخول جميع الإدارات والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية ومقرات باقي أشخاص القانون العام باستثناء المحاكم والمرافق التابعة للإدارات المكلفة بالدفاع الوطني والأمن الداخلي والخارجي،

-دخول المحلات المهنية للأشخاص الذاتيين والاعتباريين والمقرات الاجتماعية للأشخاص الاعتباريين  الخاضعين للقانون الخاص وفروعها شريطة مشاركة ضابط أوعدة ضباط للشرطة القضائية في الأبحاث والتحريات التي يتم القيام القيام بها، ويعتبر حضورهم إلزاميا، ومن أجل ذلك يشعر رئيس الهيأة وكيل الملك المختص قصد اتخاذ الإجراءات اللازمة.

-ويؤذن لمأموري الهيأة الاطلاع على جميع الوثائق الإدارية والمالية والمحاسبية التي تتوفر لدى الجهة المعنية، والتي من شأنها أن تفيدهم في أبحاثهم.

 أهمية المحاضر

 في هذا الصدد، نص مشروع القانون على أن محاضر مأموري الهيئة يوثق بمضامينها إذا تعلق الأمر: بالمحاضر المنجزة في شأن المخالفات الإدارية والمالية التي تكتسي طابعا جرميا، إلى أن يثبت ما يخالفها بأي وسيلة من وسائل الإثبات، وكذا بالمحاضر المنجزة في شأن جنح الفساد،إلى أن يثبت ما يخالفها، كما يمكن للنيابة العامة المختصة أن تقوم بإجراء أبحاث تكميلية بواسطة الشرطة القضائية.

وعلاقة بأعمال البحث والتحري التي تقوم بها الهيئة، فقد منح مشروع القانون الهيأة إمكانية التماس تسخير القوة العمومية لمؤازرة مأموريها في القيام بمهامهم.

 مفهوم الفساد

في هذا الصدد، عمل مشروع القانون على إعادة صياغة المقتضيات المتعلقة بتحديد مفهوم الفساد وذلك بغاية توسيع نطاق تعريفه ليشمل جريمة تبديد الأموال العمومية ولما قد يجرمه المشرع مستقبلا من أفعال، بدل حصر مفهوم الفساد في جرائم الرشوة واستغلال النفوذ والاختلاس والغدر كما ينص على ذلك القانون الحالي للهيأة.

 كما أصبح مفهوم الفساد يشمل المخالفات الإدارية والمالية التي تشكل سلوكات تتسم بالانحراف وعدم حماية الصالح العام، وتناقض القواعد المهنية، ومبادئ الحكامة وقيم الشفافية والنزاهة.

إعادة النظر في اختصاصات أجهزة الهيئة

أدخل مشروع القانون مجموعة من التعديلات على الاختصاصات المنوطة بأجهزة الهيئة، من أهمها إحداث لجنة دائمة لدى مجلس الهيئة تتكون من الرئيس وثلاثة نواب له معينين من قبل مجلسها تكلف بدراسة ملفات القضايا المتعلقة بحالات الفساد المعروضة عليها من قبل الرئيس، في ضوء المحاضر المنجزة بشأنها والوثائق والمستندات والمعلومات ذات الصلة، واتخاذ القرارات المتعلقة بها باسم المجلس، وذلك بإحالة استنتاجاتها وتوصياتها إلى الجهات المعنية بتحريك مسطرة المتابعات.

 وخلافا للقانون الحالي الذي ينص على توقف أعضاء الهيئة أُثناء مزاولة مهامهم عن ممارسة أي نشاط مهني أو تجاري في القطاع الخاص وتوقيف مشاركتهم في أجهزة الإدارة والتدبير والتسيير بالمنشآت الخاصة أو العمومية الهادفة إلى تحقيق ربح، فإن المشروع الجديد حصر حالة التوقف في مزاولة الأنشطة على الرئيس ونوابه، ووضعهم في حالة الحاق إذا كانوا موظفين عموميين.

من يبلغ الهيئة؟

ينص مشروع القانون على أنه "يمكن لشخص ذاتي أو اعتباري وكذا لأي رئيس من رؤساء الإدارات ولأي موظف، توافرت لديه معطيات أو معلومات موثوقة أو قرائن أو حجج تثبت وقوع حالة من حالات الفساد، تبليغها إلى علم رئيس الهيأة.

 كما يمكن لكل شخص ذاتي أو اعتباري تضرر أو من المحتمل أن يتضرر من حالات الفساد أن يبعث بشكايته شخصيا أو عن طريق نائبه إلى رئيس الهيأة.

شروط قبول التبليغ

 يشترط لقبول التبليغ أو الشكاية أن يكون التبليغ أو الشكاية مكتوبا ومذيلا بالتوقيع الشخصي للمبلغ أو للمشتكي مع كتابة اسمه كاملا، وتضمين جميع البيانات المتعلقة بهويته، وأن ترفق الشكاية بجميع المستندات والوثائق والمعلومات إن وجدت، وكل حجة أخرى من شأنها إثبات حالة الفساد، وأن تحدد الشكاية الجهة أو الجهات أو الشخص أو الأشخاص المعنيين بحالة الفساد.

 كما يشترط أن لا تكون حالة الفساد معروضة على القضاء، أو صدر بشأنها حكم قضائي، كما لا يجب أن تتضمن الشكاية  أي عبارة من عبارات السب والقذف في حق أي شخص أو جهة، تحت طائلة تطبيق التشريع الجاري به العمل.

 قسم المأمورين

 من أجل انجاز مهامه المتعلقة بتلقي التبليغات والشكايات والمعلومات ودراستها والقيام بأعمال البحث والتحري في شأنها، يساعد رئيس الهيئة مأمورون يعينهم اعتبارا لتجربتهم وخبرتهم المهنية، ومشهود لهم بنزاهتهم واستقامتهم، ممن تتوفر فيهم الشروط المنصوص عليها في النظام الأساسي الخاص بالموارد البشرية للهيئة، بالنسبة لهذه الفئة.