نسرين مرشيد - صحافية متدربة
تزايدت التساؤلات حول "التريكوتيلومانيا" على منصات التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة. ويشكو الكثيرون من تأثيره السلبي على حياتهم اليومية وثقتهم بأنفسهم.
ما هو هذا الاضطراب؟ كيف يتم تشخيصه؟ ما هي أعراضه ومخاطره؟ وهل له علاج؟
للإجابة عن هذه التساؤلات، أوضحت الكوتش والمدربة الدولية "فاطمة الزهراء حيرش" في تصريح لموقع "تيلكيل عربي" أن هوس نتف الشعر، أو اضطراب شد خصل الشعر، هو اضطراب نفسي طويل المدى يعاني فيه الشخص من رغبة ملحة في نتف شعر الرأس أو الحواجب أو الرموش بصفة متكررة، خاصة عند الشعور بالتوتر، حيث يشعر بالارتياح بعد القيام بذلك. وأضافت أن هذا الاضطراب يندرج ضمن اضطرابات السيطرة على الدوافع لعدم قدرة المصاب على مقاومة هذا السلوك، رغم إدراكه للأضرار المحتملة.
وحسب "الكوتش" فإن الأسباب وراء هذا الاضطراب لا تزال قيد الدراسة. وأوضحت في هذا الصدد: "لا يوجد سبب محدد لاضطراب نتف الشعر، لكن يُرجح أنه ناتج عن مجموعة من عوامل الخطر الوراثية والمكتسبة أو عوامل بيولوجية أو بيئية". وأشارت إلى أن من بين هذه العوامل صدمات الطفولة، اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، التعرض لضغوط نفسية شديدة، والمعاناة من اضطرابات نفسية أخرى مثل القلق والاكتئاب. كما نوهت إلى أن التوتر، البيئة المحفزة، والعوامل الوراثية تلعب دورًا كبيرًا في ظهور هذا الاضطراب.
أما في ما يتعلق بتمييز هوس نتف الشعر كتصرف عابر من كونه اضطراب يحتاج إلى تدخل علاجي، أشارت حيرش إلى صعوبة التشخيص بسبب إنكار الكثيرين لممارستهم هذا السلوك. وشرحت أن التشخيص يعتمد على التاريخ الطبي والفحص البدني الشامل، بما في ذلك فحص الشعر وفروة الرأس والجلد، واستبعاد الأسباب العضوية مثل عدوى فروة الرأس. وأضافت أن المعايير التشخيصية تشمل تكرار نتف الشعر، وفشل المحاولات المتكررة لإيقافه، وتأثير السلوك على الحياة الاجتماعية والمهنية.
وأكدت المدربة الدولية على التأثيرات النفسية والاجتماعية لهوس نتف الشعر يمكن أن يتسبب في مضاعفات خطيرة مثل تهيج الجلد، وفقدان دائم للشعر، ومشاكل في العمل والحياة الاجتماعية بسبب الانزواء، والقلق والاكتئاب. وأشارت إلى أن التغيرات في شكل الجلد والأظافر تعتبر من التأثيرات الجانبية لهذا الاضطراب.
وواصلت "الكوتش" حديثها قائلة أن هناك عدة علاجات فعالة في مساعدة المصابين بهذا الاضطراب، منها العلاج السلوكي المعرفي الذي يتضمن تقنية التدريب على عكس العادة، والعلاج الدوائي باستخدام الأدوية الخاصة بالاكتئاب والذهان لتقليل السلوكيات القهرية. وشددت على أهمية العلاج السلوكي المعرفي كجزء أساسي من خطة العلاج وعدم الاعتماد فقط على العلاج الدوائي.
وفي ما يتعلق بالتقنيات اليومية التي يمكن للمصابين تطبيقها للتقليل من نتف الشعر، نصحت حيرش بقص الشعر أو تغطيته، استخدام كرة الضغط، وممارسة الرياضة بانتظام، واللجوء إلى مجموعات الدعم النفسي. كما أكدت على أهمية الدعم العائلي والأصدقاء في تحفيز المصاب لتلقي العلاج وتقديم الدعم النفسي.
وعن دور منصات التواصل الاجتماعي، أفادت أن هذه المنصات يمكن أن تكون "سلاح ذو حدين"، مشيرة إلى أن استخدامها بشكل صحيح يمكن أن يساعد في تخفيف الشعور بالوحدة والعزلة، لكن الإفراط في استخدامها قد يؤدي إلى تدهور الصحة النفسية وزيادة الاكتئاب والقلق.
واختتمت "الكوتش" فاطمة الزهراء حيرش حديثها بالتأكيد على العلاقة الوثيقة بين هوس نتف الشعر والاكتئاب، مشيرة إلى أن هذا الاضطراب قد يصاحبه اضطرابات نفسية أخرى مثل القلق واضطراب الوسواس القهري، مما يدل على ضرورة اتباع خطة علاج شاملة تشمل الجوانب النفسية والدوائية.
وفي حديث مع إحدى السيدات التي فضلت عدم ذكر اسمها، قالت: "لقد عانيت من هذا الهوس وأنا في سن المراهقة.(والآن أنا في أواخر العشرينات) كنت أنتف شعر حواجبي بشدة وأقوم بتقطيعها جزئيًا بأسناني وأقوم بأكلها وأستمتع بشدة وأنا في طور القيام بهذا السلوك، لكن بعد الانتهاء أشعر بندم شديد بسبب عدم قدرتي على التحكم في هذا السلوك وبسبب فراغات الشعر الموجودة في حواجبي. لقد حاولت بشدة إيقاف هذا السلوك ولم أستطع، وكنت أقوم برسم حواجبي لكي أتجنب أسئلة الناس وبالخصوص أسئلة أسرتي لأنني كنت صغيرة في السن ولن يفهموا أنني أقوم بنتف شعر حواجبي دون إرادة وسيعتقدون أنني قمت بنمصهم. وقالت المتحدثة نفسها "درت سكوتش في ريوس صبعاني" لكي أتجنب وأردع رغبتي في نتف حواجبي. ولم يتوقف هذا الهوس في حواجبي فقط بل أيضًا في رموشي ومناطق أخرى. رغبت ولازلت أرغب بشدة في نتف شعري بقوة.
وأردفت المتحدثة ذاتها: "كان الأمر صعبًا جدًا لأنه لم يكن لدي أحد أتحدث معه عن مشكلتي، وكنت أشعر بالخجل والإحراج. حاولت البحث عن حلول عبر الإنترنت ووجدت بعض المنتديات التي تتحدث عن اضطراب نتف الشعر، مما ساعدني قليلًا في الشعور بأنني لست وحدي. بدأت في ممارسة بعض التقنيات البديلة مثل الضغط على كرة مضادة للتوتر أو محاولة الانشغال بنشاطات يدوية مثل الحياكة، لكن الرغبة كانت تعود دائمًا في الأوقات التي أشعر فيها بالضغط النفسي أو العاطفي."ولم أستطع في النهاية المقاومة والقضاء على هذا الهوس مما يجعلني أتساؤل دوما عن السبب والعوامل التي تجعلني أقوم به".