نظمت شعبة الفلسفة بجامعة محمد الخامس بالرباط، يوم أمس الاثنين، لقاء فكريا حول موضوع: "الحداثة والتراث"، ضمن سلسلة: "فكر واعتراف"، التي دأبت على برمجتها بغرض الاحتفاء بالأعلام الفكرية التي طبعت الساحة الوطنية، على مر القرن الماضي والجاري، عرفانا بمساهماتها وأنشطتها، وأيضا، بممارستها لمهنة التدريس بالجامعة، إلى جانب الانخراط في الأنشطة السياسية.
هذا وقد تم الاحتفاء بالمفكر المغربي علي أومليل برحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية؛ حيث استهلت عميدة الكلية، ليلى منير، كلمتها، بالتعريف بالمفكر المغربي كأحد أهم المؤسسين والمساهمين في بناء وإنشاء الدرس الفلسفي بالمغرب منذ الستينيات، والدليل أنه أشرف على أطاريح العديد من المفكرين الذين بصموا على حضور كبير في الساحة الفكرية العربية. هذا، ولم تتخط التزامه السياسي والحقوقي، ناهيك عن سرد مجموع مؤلفاته؛ من قبيل: "مواقف الفكر العربي"، و"السلطة الثقافية"، و"السلطة السياسية"، و"سؤال الثقافة العربية في عالم متحول"، ومؤلفات أخرى.
وقد تلت كلمة العميدة، كلمة رئيس شعبة الفلسفة بجامعة محمد الخامس بالرباط، عبد الصمد تمورو، الذي أشار إلى أن برنامج سلسلة "فكر واعتراف" كان، ولايزال، يروم الاعتراف بمساهمات الأساتذة والمفكرين، ومن بينهم الأستاذ علي أومليل، حيث أشار إلى فضله الكبير منذ أن أشرف على بحثه في الدراسات المعمقة عام 1978، معترفا بصنيعه وبأنه يمثل الأستاذية الفعلية، أولا، أي المباشرة، والأستاذية الفكرية، ثانيا، والتي تتجلى من خلال تأسيسه لمشاريع فكرية قائمة بذاتها.
وفي السياق ذاته، تخلل هذا النشاط كلمة عزيز أبو الشرع رئيس مؤسسة روافد، حيث أشار إلى الحضور الوازن للمفكر علي أومليل، من خلال إرسائه لدعائم النقد داخل الثقافة والتراث العربي كأستاذ ومفكر، معتبرا إياه نقدا ليس من أجل النقد، بقدر ما أنه طريقة عملية تلامس الذات.
تلتها كلمة باسم اللجنة المنظمة، وقد ألقاها يوسف بنعدي، حيث قدم كلمة شكر إلى كل الفعاليات التي ساهمت وتساهم في إنجاح هذا اللقاء، إضافة إلى كل المساهمين في إصدار كتاب خصص لهذا النشاط بعنوان "التراث والحداثة" حيث ضم كتابات ودراسات وشهادات في حق المفكر علي أومليل.
كما تميزهذا النشاط بإلقاء كلمات اعتراف من طرف أعلام أدبية وفكرية على غرار الأديب محمد الأشعري، وكلمة عبد الإله بلقزيز ألقاها نيابة عنه الأستاذ عبد الإله الدعال، وكلمة أخيرة لمحمد الشيخ، حيث عبروا فيها عن الحضور القوي للمفكر علي أومليل، باعتباره مؤسسا لمشروع فلسفي قائم بذاته ومقامة تجمع بين الصرامة والضيافة والدقة. لتسلم الكلمة، بعدئذ، للمفكر علي أومليل الذي ذكّر الحضور بأنه لم يكن غريبا على هذه القاعة التي تكرمه اليوم، كما لم تفته فرصة سرد بنية تطور الفلسفة ودخولها إلى المجتمع العربي وأثر ذلك على الفضاء العام. مؤكدا أن الفلسفة لم تكن متجذرة في التراث العربي وهذا سبب من أسباب تدريسها في الثانويات والكليات بغرض إدماجها داخل الثقافة العربية الإسلامية.
تم بهذه المناسبة إلقاء مداخلات من طرف عز العرب الحكيم بناني وعنوانها: "جدلية الكونية والخصوصية الثقافية في تصور التاريخ لدى علي أومليل". تلتها بعد ذلك مداخلة موسومة بعنوان "العلاقة بين السلطة العلمية والسلطة السياسية في المجتمع الإسلامي التقليدي" وقد ألقاها محمد أيت حمو. فمداخلة أحمد الفرحان وعنوانها "الخطاب الحداثي: دراسة منهجية علي أومليل"، تلتها مداخلة محمد لشقر بعنوان "حول علاقة الغزالي بالسلطة السياسية"، ثم مداخلة يوسف بن عدي وعنوانها "التراث والحداثة في أعمال علي أومليل"، ليتم اختتام النشاط بمداخلة عبد الرحيم الدقون بعنوان: "نحو نظرية نقدية في المجتمع العربي".